لم يمهل القدر شاعر العامية الكبير أحمد فؤاد نجم، ليتسلم فى حياته واحدة من أرفع جوائز الشعر العالمية، وهى الجائزة الرئيسية التى تمنحها مؤسسة الأمير كلاوس للثقافة والتنمية، حيث كان مقررًا أن يتسلم نجم الجائزة فى 11 من ديسمبر الجارى من الأمير كونستانتاين، ابن الأمير الراحل كلاوس فى أثناء احتفال رسمى فى القصر الملكى فى أمستردام، وهو الاحتفال الذى سيتم فى وجود أفراد الأسرة الملكية فى هولند. أما المبدعون العشرة الآخرون الذين سيحصلون على الجائزة فسوف يتسلمونها من السفير الهولندى فى بلادهم. بينت اللجنة المانحة، التى تعلن عن الفائزين بجوائزها مرة فى السنة بمناسبة عيد ميلاد الأمير الهولندى كلاوس، أنه تم تكريم نجم لإبداعاته الشعرية التى ألهمت الشارع المصرى والعربى بنفس تحررية، وصارت كلماته تردد على ألسن المطالبين بالحرية والعدالة الاجتماعية. وقالت اللجنة إن نجم شاعر بارع، ومنتقد سياسى واجتماعى لا يعرف الخوف، ونصير محبوب للفقراء والمهمشين. ونجم المنغرس فى ثقافة الطبقة العاملة ومثقف شعبى يتمتع بحب جارف من الناس على مدار عقود. وتضيف أن نجم يعد رمزًا وبطلًا شعبيًّا فى آن، فهو معروف فى الدوائر الأدبية لجودة إنتاجه وغنائيته وإبداعه فى أعماله، من الأغانى العاطفية إلى الإيغال فى السخرية التى تأخذ العامية العربية إلى مستويات شعرية غير مسبوقة. وتشير إلى أن نجم محل احتفاء فى شوارع القاهرة وفى أنحاء العالم العربى بسبب بثه الروح فى حركة الشعوب العربية من أجل العدالة الاجتماعية. وتقول اللجنة عن الشاعر الكبير الراحل: «يكرم أحمد فؤاد نجم لأنه أبدع شعرًا حقيقيًّا بالعامية العربية يتواصل بعمق مع الناس، ولاستقلاليته، ولنزاهته التى لا تتزعزع، ولشجاعته والتزامه القوى بالنضال من أجل الحرية والعدالة، ولأنه يقول الحقيقة إلى السلطة، ويرفض أن يتم إسكاته، ولأنه ألهم ما يزيد على ثلاثة أجيال فى العالم الناطق بالعربية، وللقوة الجمالية والسياسية التى تحملها أعماله والتى تسلط الضوء على الحاجة إلى الثقافة والفكاهة فى ظل الظروف الصعبة والقاسية، ولتأثيره الكبير على الشعر العربى وكسب الاعتراف بالقدرة الأدبية الخصبة الكامنة فى العامية العربية». ولفتت إلى أنه فى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، شكل نجم مع الموسيقار الأسطورى الشيخ إمام ثنائيًّا رائعًا، وكانا يتمتعان بإقبال جماهيرى كبير على الرغم من أن العروض الكاريزمية التى كانت تتم تحت الأرض كانت محظورة من قبل السلطات. ونجح نجم من خلال الجمع بين الشعر والموسيقى فى أن يصل برسالته إلى أكبر قطاع ممكن من الجماهير بمن فيهم غير المتعلمين وغيرهم فى جميع أنحاء العالم العربى. واليوم ما زالت رسالته ذات صلة شديدة بالوقع، فالكثير من الشباب يعشقون قصائده ويغنونها فى الشوارع ويستخدمونها فى رسومات الجرافيتى والملصقات، ويقومون بتقديمها بموسيقى جديدة. وقال الأمير كونستانتاين، ابن الراحل كلاوس، إن اللجنة اختارت أحمد فؤاد نجم للطابع النقدى فى قصائده، ومواجهته بشعره الأنظمة الاستبدادية والنخب التى تعيش فى أحضانها وكفاحه الدؤوب من أجل العدالة والحرية.