بالتزامن مع الأزمة السياسية التى تشهدها تونس منذ عدة أشهر، والأوضاع الاقتصادية السيئة التى تعانى منها فى ظل حكومة حركة النهضة الإسلامية، ظهرت مؤخرًا أزمة قضائية جديدة من شأنها أن تضيق الخناق على حكومة على العريض التى كان من المفترض أن تتقدم باستقالتها منتصف نوفمبر الحالى. «اعتداء الحكومة التى تقودها حركة النهضة الإسلامية على صلاحيات هيئة قضائية دستورية من بين مهامها التعيين فى الوظائف القضائية العليا» هذا هو السبب وراء إعلان قضاة تونس إضرابا عن العمل لمدة يومين ابتداءً من أول من أمس (الثلاثاء). رئيس المرصد التونسى لاستقلال القضاء، أحمد الرحمونى، قال لوكالة «فرانس برس» إن القضاة أضربوا عن العمل فى كل محاكم البلاد، ووصف الإضراب بأنه «من أوسع الحركات الاحتجاجية فى تاريخ القضاء التونسى»، ودعا إلى إضراب المجلس الوطنى لجمعية القضاة التونسيين، وهى الهيكل النقابى الأكثر تمثيلا للقضاة فى تونس ونقابة القضاة التونسيين. وكان المجلس الوطنى للجمعية قد أصدر بيانًا احتجاجيًّا يوم السبت الماضى على «تعمد الحكومة التعدى على صلاحيات الهيئة الوقتية للقضاء العدلى» التى من مهامها التعيين فى الوظائف القضائية العليا. البيان ذكر أن الحكومة عينت فى السابع من نوفمبر الحالى رئيسا للمحكمة العقارية، ومتفقدا عاما بوزارة العدل، ومديرا عاما لمركز الدراسات القانونية والقضائية، وعزلت المدير العام لمركز الدراسات القانونية، ومددت سنة كاملة لمهام الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف فى تونس، ومساعد وكيل الدولة العام، رغم أنه من المفترض إحالتهما إلى التقاعد قريبا. وطالب المجلس رئيس الحكومة على العريض بالتراجع عن أوامر التعيين والتمديد التى يستند فيها إلى قوانين ملغاة لم تعد تمثل إلا إرثا لنظام الاستبداد والفساد. ونبهت الجمعية إلى أن التعيينات الحكومية «تمثل سطوًا على اختصاصات هيئة قضائية دستورية مستقلة، وانقلابًا على شرعيتها، وضربًا باستقلال القضاء، والتفافًا على استحقاقات الثورة فى بناء سلطة قضائية مستقلة ومحايدة». كان المجلس الوطنى التأسيسى قد صادق فى أبريل 2013 على أحداث الهيئة الوقتية للقضاء العدلى. ويتهم قضاة ومعارضون حركة النهضة بمحاولة السيطرة على القضاء لتوظيفه سياسيًّا لصالحها، فى حين تنفى الحركة هذه الاتهامات.