الباعة لا يعلمون شيئًا عن التسعيرة.. ومَن يعلم يطالب بفرضها على سوق الجملة أولاً تاجر خضار: روحوا لبتوع العبور وأكتوبر كلّموهم يرخّصوا الأسعار «الغرف التجارية» تعترف بزيادة أسعار السلع الغذائية الحديث فى الأسابيع الماضية دار حول التسعيرة الجبرية وإمكانية تطبيقها فى الأسواق، وتوصّلت الجهات المختصة إلى إقرار تسعيرة استرشادية للبائعين، إلا أن هذا الحديث لم يصل إلى البائع البسيط الذى يقف طول اليوم بالسوق يبحث عن الجنيهات التى ستأتيه كمكسب بعد شرائه الخضار بسعر مرتفع أيضًا من سوق الجملة. «التحرير» قامت بجولة فى أسواق أرض اللواء، فوجئت أن أغلبية التجار لا يعلمون شيئًا عن التسعيرة التى أقرّتها وزارة التموين، ففى مدخل السوق الرئيسى يقف سيد علِى، بائع يرتدى عباءة رمادية يبلغ من العمر الثلاثين تقريبًا، ينادى على الطماطم والخضار ويضع الأسعار فوق خضراواته، ثم التفت إلينا ليرد على أسئلتنا بأنه بياع على قد الحال، و«مانعرفش حاجة عن التسعيرة الجبرية ولا الاسترشادية، وماحدش قال عنها أى حاجة هنا، بس أنا على قد ما باشترى ببيع بما يرضى الله». أحمد سعيد، تاجر خضار، 27 سنة، وهو الابن المتعلم لتاجر خضار كبير، ويقرأ الجرائد ويعلم بوجود التسعيرة الاسترشادية، قال ل«التحرير» إن التسعيرة لم تطبّق فى سوق الجملة، والبائعين الصغار يشترون الخضر بسعر مرتفع ولديهم التزامات من عمال وإيجار وغير ذلك، فيضع كل بائع نسبة مكسبه التى تناسب مصاريفه الشهرية، مشيرًا إلى أن إيجار المحل بين 3 و5 آلاف جنيه بالسوق، فضلًا عن مصاريف النقل، مؤكدًا أن التسعيرة لم يتم فرضها على التجار الكبار الذين يتاجرون بملايين الجنيهات فى سوق الجملة. وفى حال عدم التزام بائع الجملة بها فلن يلتزم بائع التجزئة، مضيفًا «أنا بابيع البامية ب12 جنيهًا وفى التسعيرة ب9، لكنى أشتريها من سوق الجملة ب11، ومن الطبيعى أن أبيعها ب12 جنيهًا، والثوم يُباع ب18 جنيهًا لأن التجار يخزّنونه ويتاجرون به.. روحوا اتكلموا مع حيتان السوق». التاجر الصغير أكد أن الحل الحقيقى لارتفاع الأسعار أن تقوم الحكومة بتخزين الخضار الصالح للتخزين، وعلى رأسه البطاطس والثوم والبصل وغيرها من الخضار، كما تخزّن السكر والأرز، هذا سيحمى تاجر التجزئة من تجار الجملة والتخزين المحلى، حيث يقوم تجار الجملة بتخزين تلك الخضراوات ويتاجرون بها ويفرضون السعر الذى يرغبونه دون الالتفات إلى حال المواطن البسيط. الشيخ عماد سيد، تاجر، قال إنه لا توجد تسعيرة محددة من الممكن أن تفرض على الأسواق، فالأسعار تختلف من مكان لآخر، حسب المنطقة، فهناك مَن يستطيعون دفع 5 جنيهات فى كيلو الطماطم، وهناك مَن لا يستطيع دفع أكثر من جنيه واحد فى الكيلو، والسوق تعبر عن المنطقة التى تُقام بها، قائلًا «روحوا لبتوع العبور وأكتوبر كلّموهم يرخّصوا الأسعار، واحنا كمان هنرخّصها». نادية عبد العليم، إحدى المواطنات، كانت تسير فى السوق ومعها طفلها، تبلغ من العمر قرابة الأربعين، قالت ل«التحرير»، «نعانى من ارتفاع الأسعار بشكل كبير ونحتاج إلى وقفة من الحكومة لدعم المواطنين وتدعيم السلع المرتفعة». وعن بعض الأسعار التى رصدتها «التحرير»، فسعر البامية من 12جنيهًا ل14 جنيهًا، والثوم من 18 ل20، والبطاطس ب5.5، والفلفل ب6 جنيهات، والباذنجان الأسود ب3.5، والأبيض ب2.5، والملوخية ب5 جنيهات، والخيار البلدى ب3 جنيهات، والبصل ب3.5، والطماطم ب125 قرشًا. اعترف الاتحاد العام للغرف التجارية بتضخم أسعار عدد من المنتجات الزراعية المتداولة فى السوق، إذ أوضح البيان الصادر عنه أمس، أن «الأجهزة الفنية للاتحاد العام للغرف التجارية عكفت على رصد التطورات الحالية لأسعار المنتجات الزراعية، خصوصا الخضر والفاكهة، وتبين أن هناك عددا من تلك المنتجات يتم تداولها فى أسواق التجزئة بأسعار متضخمة، مما يضع أعباء أكثر على الأسرة المصرية». الاتحاد أوضح أن التعامل مع التضخم غير المبرر فى أسعار السلع الزراعية من خلال مسار فورى «كعلاج مؤقت»، من خلاله يقوم الاتحاد العام للغرف التجارية بالتنسيق مع كل الغرف التجارية فى كل المحافظات للإعلان والإفصاح يوميا عن المتوسطات المرجحة لأسعار الجملة وأسعار المستهلك التى تم التداول عليها خلال كل يوم، لتكون بمثابة مرجع للمستهلك يمكنه من المقارنة والتمييز. وهذه الأسعار وفقًا لما أوصى به مجموعة خبراء الاقتصاد وسلاسل الإمداد واللوجيستيات تحسب على أساس متوسطات الأسعار المرجحة لتجارة الجملة التى تم التداول عليها فى كل سوق (كما هو معلوم أن كل أسواق الجملة فى الخضر والفاكهة تابعة للغرف التجارية). وبالتالى فإن وضع متوسط سعر لكل صنف يختلف من مدينة إلى أخرى وطبقا لمواصفات كل منتج وطبيعة سوق التجزئة التى تعرض فيها البضاعة، حيث تختلف الأسعار باختلاف درجات الجودة والخدمة التى تقدم فى السوق وباختلاف مكان البيع وطبيعته واختلاف السوق. أما المسار الثانى لعلاج ارتفاع الأسعار، وفقا للاتحاد العام للغرف التجارية، فيكمن فى تنمية منظومة التجارة الداخلية وهو ما يؤدى إلى التعامل مع المشكلة من جانب العرض عن طريق زيادة كفاءته، وهو ما يجعل السوق تتوازن بشكل تلقائى عند أسعار أكثر انخفاضا. أما الغرفة التجارية فى القاهرة، فقد أكدت فى بيان لها، أمس، أنه تم الاتفاق مع التجار على وضع قائمة سوداء بالتجار غير الملتزمين بتطبيق الأسعار الاسترشادية التى أعلنتها وزارة التموين بدلا من تطبيق التسعيرة الجبرية، تمهيدا لتوقيع عقوبات عليهم، مشددة على أن التحكم فى آليات وأسعار السوق، يرجع إلى تشديد الرقابة على التاجر. مصدر فى الغرفة التجارية، قال: «إن الغرفة ما زالت تدرس كيفية فرض العقوبات على التجار المنتسبين إليها»، موضحا أن العقوبات على مخالفة الأسعار الاسترشادية سيتم تنفيذها على الباعة الجائلين غير المنتسبين إلى الاقتصاد الرسمى من خلال حملات الرقابة على الأسواق التى تقوم بها الوزارة ومباحث التموين. فى السياق ذاته، قال رئيس حركة «مواطنون ضد الغلاء» محمود عسقلانى، ل«التحرير»: إن التسعيرة الاسترشادية التى تطبقها الحكومة حاليا أفضل بكثير من التسعيرة الجبرية، لأنه بناء عليها يتم وضع إطار بحد أدنى وأقصى لسعر السلعة لا يمكن الخروج عنه، مما ينتج عنه منافسة جديدة تجبر التجار على البيع طبقا للأسعار المعلن عنها. عسقلانى أكد أن الأسعار الاسترشادية ستضمن وصول السلعة بسعر عادل، فى حالة تم التعامل مع هذا الموضوع بشكل منظم.