ما زالت دعوتى لقراءة ما يكتبه أو ينقله الأصدقاء على «فيسبوك»، وهى محاولة لاكتشاف ما لا يمكن اكتشافه عند الوقوع فى أسر الفوران المخيف للهواجس أو الاستعراضات اليومية لأوغاد من عصور منقرضة. ستقرؤون معى اليوم حكايتين عن مواجهة جبروت يبنى جبروته من ضعف الآخرين، أو الخوف من مواجهته، إنها محاولات فى كسر معادلة القوة الفارغة المبنية على «إيثار السلامة» و«تجنب الفضيحة». كاسر الخوف هنا لم ينتظر تشجيع الجماعة المحيطة، خاض مغامرته دون انتظار لكليشيهات عن الناس فى الشوارع.. خاضها دفاعا عن وجوده على هذه الأرض. الحكاية الأولى للصديقة مها الترك «باحثة وناشطة فى المبادرة الشخصية لحقوق الإنسان..» وحكت فيها: «ابتديت صباحى بإنى أجرى ورا واحد بسبسلى وقال كلام مش لطيف، اتأكدت من مكان عمله اللى هو طلع فى مصر للتأمين، دخلت الشركة وتحولت إلى وحش مفترس نزل الأمن ومدير الموارد البشرية، وصل الموضوع للمدير المسؤول عليه، ولم أقبل إلا إن الموضوع وصل للمدير العام.. الراجل كل شوية يدخل ورايا بعد كل مرة أوصل فيها لمكتب واحد من المدراء، ويقولى أنا أنا يا أستاذة طب أتحرش بيكى ليه، ده أنا راجل ومتجوز وعندى عيال... قلتله أنا مجنونة وبيتهيألى هو كده... فى النهاية اكتشفت إن الشخص ده مطلع عين كل الموظفات هناك، وبيقرفهم أول ما يخرجوا من المبنى.. تقريبا بنات العمارة كلها كانوا حينزلوا يبوسونى عشان هو أخد إنذار من درجة عالية، ومهدد بالفصل لو فى أى حد تانى اشتكى.. أتمنى إنه البنات فى الشغل عنده يتشجعوا ومايخافوش لو دايقهم. أنا عن نفسى بعد حرقة دم صباحية دلوقتى بقيت مبسوطة والراجل مش صعبان عليا». الحكاية الثانية نقلتها هبة فاروق محفوظ «صحفية» عن فتاة تحكى: «النهاردة حصلى موقف أول مرة يحصلى.. وأنا رايحة الكلية لأصحابى واحد حيوان مد إيده عليا! قوم إيه بقى.. أسكتله؟ لفيت وشى ف ثوانى قولتله إنت عبيط ياض. عمل من بنها وكمل مشى. مشيت وراه وقولتله بصلى هنا يا ابن الجزمة انت فاكرنى هاسكتلك. الناس سمعتنى وسألت.. قام جرى جامد.. جريت وراه ماعرفش إزاى بس فعلا جريت!! وقعدت أشتمه.. راح ناطط فوق سور قصير شوية لجنينة مسجد واختفى ورا شجر كتير فى حتة جانبية.. لحسن حظه إن المسجد له فتحات كتيرة وكبير جدا.. لولا كده كان زمانى عاملاله عاهة مستديمة. بعدها.. ببص ورايا لقيت الشارع كله بيجرى ورايا.. وجايين يسلموا عليا.. يقولولى ماتخافيش إنت جدعة.. وسألونى لو سرق منى حاجة أو عورنى أو غيره.. وقالولى تعالى نوصلك ونجيبلك عصير.. كانوا كتير. :D وأنا أضحك وأقولهم أنا أنا تمام.. لو كنت مسكته كنت ضربته.. شكرتهم كلهم ومشيت زى البشوات. xD حسيت إنى قوية.. ثقتى فى نفسى ماخنتنيش.. هيييييييييييييييييييييييييييييييح دونيا :D وغريبة.. إنى ماتأثرتش.. بالعكس ده أنا عايزة أنزل أضرب كل اللى بيضايقوا البنات!». فى نهاية الحكايتين تتخلص الراوية من «قهر» مرورها بتجربة التحرش وهى صامتة، عاجزة.. وتشعر بفرح عبور الحواجز غير الرئيسية التى نتواطأ فيها على أرواحنا.. الثورة ليست هتافا فى مظاهرة أو جولة فى كرنفال الثوار.. الثورة إن لم تصلك أنت شخصيا فهى وأنت فى مكان آخر.