خبير قانوني: القاضي يتغاضي عن عقاب الأهالي حسب جرم المتهم.. والحبس 3 سنوات أقصى عقوبة احترام دولة القانون وآدمية البشر حتى لو كانوا مجرمين، وقصر تنفيذ العقاب على جهاز الشرطة فقط، دون أن يكون مواطن الشارع هو القاضى والجلاد فى وقت واحد، مبادىء آدمية غابت عن كثير من مشاهد ضرب وسحل وقتل اللصوص، بطرق دموية مقززة فى شوارع مدن وقرى متعددة داخل مصر، بما يدفعنا للتساؤل حول مدى اشتمال قوانينا على تلك القيم، وهل يحق للمواطنين أيًا كانوا أن يعاقبوا مجرمًا بأيديهم ويمعنوا فى التنكيل والإذلال له بغض النظر عن حجم جرمه، وهل يعاقب القانون قتلة اللصوص من شدة الضرب والتعذيب فى الشوارع أم لا؟ أسئلة تستوجب الرد والمراجعة لقيم الرحمة فى نفوسنا قبل قيم الواجب والقانون، وذلك على خلفية التنكيل بعاطل سرق "بطة" فى دمياط. الواقعة الأخيرة شهدتها قرية "تل الكاشف"، التابعة لمركز الزرقا بدمياط، إذ ألقى الأهالى القبض على عاطل يسرق دجاج وبط، يدعى "محمود م .ا" عاطل، في أثناء تسلقه أسطح منزل أحد أهالى القرية ويدعى"عبد الحميد .م" محامى، فجر اليوم السبت، وتعدى الأهالى على المتهم بالضرب المبرح، وقيدوه بالحبال قاموا ب "زفه" بالمقلوب على ظهر حمار جاب أنحاء القرية، والتقطوا "صور سيلفى" مع المتهم في أثناء القبض عليه، وتم اصطحابه إلى نقطة شرطة سيف الدين التابعة لمركز الزرقا لتحرير محضر بالواقعة. الخبير القانونى ياسر سيد أحمد، أكد على أن ضبط مجرم ما بمعرفة وشهادة الأهالى، يعد من أقوى أدلة الاتهام، التى تقوده إلى سجن مؤكد وأقصى عقوبة حسب الجريمة الذى ارتكبها، فبالرغم من كون القبض لم يتم بإذن نيابة مسبق أو تحريات إلا أنه تم فى حالة تلبس بما يمنح الشهود حق الضبطية القضائية، ويكفى تسليم المتهم للشرطة وسوف ينل عقابه القانونى. وأكد على حظر القانون للتعدى الجسدى الوحشى بالتشويه والإصابة بعاهة مستديمة أو قتل الجناة عند ضبطهم من قبل الأهالى فى حالة تلبس، وحدد عقوبات قانونية لذلك، فالقانون يعاقب المتهم على جريمته أيًا كانت أو كان مبررها، أما عقاب الأهالى فهو جور، وحال ثبوت تعد مواطن بعينه على متهم بالضرب المبرح فإنه يكون بذلك ارتكب لجريمة تصنف على أنها جنحة وتبدأ عقوبتها بالحبس من يوم إلى 3 سنوات، بينما يرقى ضرب متهم لدرجة إحداث عاهة مستديمة به إلى حد الجناية ولا تقل عقوبتها عن السجن 3 سنوات، وقد تصل العقوبة إلى الأعدام فى حال قتل متهم رغم عدم وجود ضرورة تحتم ذلك. وأوضح الخبير القانوني أن المتهم المقبوض عليه بمعرفة الأهالى ربما يعترف بجريمته ويتهم أشخاصا بعينهم بالتعدي عليه، وإن ثبت قوله فإنهم لن يفلتون من العقاب، كما أنه قد ينكر الاتهام ويؤكد أنه فقط كان فى موضع شك وريبة وتم التعدى عليه دون ذنب، وتلك وقائع تحدث كثيرًا وتشهد تعديات بالخطأ على أشخاص لا ذنب لهم، وفى كل الأحوال لا يعفى القانون المعتدين من العقاب طالما كانوا معروفين، ولم يكن هناك شيوع فى التعدى. وأشار المحامى ياسر سيد أحمد، إلى أن قانون يعجز عن عقاب المنتقمين من اللصوص أو الجناة فى حالة شيوع الاتهام بين كثيرين لا يعرف أيهم أحدث إصابات المتهم، وفى حالات كتلك يتم التغاضى فى البحث عن الجناة، علاوة على أن القانون قد يلتمس العذر للناس فى التعدى على الجناة حسب مدى استثارة الجرم الذى ارتكبوه لمشاعر المواطنين، مثل كون الجريمة قتل أو اغتصاب، مستشهدًا بواقعة "جراج العتبة" التى ترجع لعام 1992 وتعدى الأهالي خلالها على خمس متهمين لدرجة إصابة أحدهم بالعجز، لتعديهم على فتاة داخل الجراج، وفى تلك الواقعة لم يعاقب القانون المتعدين بالضرب على المتهمين لدرجة إحداث عاهة مستديمة بأحدهم، بل تم تقديم المتهمين للمحاكمة وعوقبوا بالسجن سبع سنوات لكل متهم عقب تصنيف الجريمة على أنها هتك عرض وليست اغتصاب حسب تقرير الطب الشرعى. وأشار المحامى الخبير بالقضايا الجنائية، إلى أن القانون يفرق بين التعدى على مغتصب أو قاتل، وبين التعدى على شخص سرق ليأكل كلص دمياط "حرامى الفراخ"، وآخر ينشل مرتبات الموظفين وغيرهم من المارة فى الشارع ومستقلى المواصلات العامة، والتعدى على آخر مسلح يسرق بالإكراه، أو حاول الهرب أو ترويع الأهالى للحيولة دون ضبطه، مطالبًا الأهالى بالاعتدال والتعامل على قدر الموقف، وعدم الجور فى التعدى على الجناة لدرجة الاعتداء الوحشي، وإن تمكنوا من متهم وسلموه للشرطة دون تعدى فهذا خير للجميع.