الأعصر: الأزمة محدودة.. والحل في يد جهات سيادية الشاذلي: السعودية مطالبة بالاعتذار.. ومصر لم تصنع الأزمة شهدت الساعات الماضية، تصاعدًا لوتيرة الخلاف بين مصر والسعودية، تزامنًا مع موقف مصر من الأزمة السورية، وتصويتها في مجلس الأمن لمصلحة قرارين متناقضين مع الرغبة السعودية؛ ما دفع مسؤولون وإعلاميون إلى توجيه إساءات لمصر، إضافة إلى وقف الشحنات البترولية المتفق عليها. الأمر لم يقتصر على الردود الإعلامية أو الشعبية من الجانبين، بل على المستوى الرسمي أيضًا، فوزير الخارجية، سامح شكري، أجرى اتصالًا مع نظيره العراقي، تباحثا خلاله سبل مكافحة الإرهاب، ما وصفه محللون سعوديون، ب"الموقف الاستفزازي"، خاصة وأن الرياض تختلف مع بغداد في آلياتها في مواجهة المجموعات المتطرفة. إلا أن الموقف الرسمي الأكثر "حدة" ووضوحًا، كان من جانب مندوب السعودية في مجلس الأمن، والذي قال إن مصر خرجت عن الإجماع العربي، بعد تصويتها لمشروع قرار روسي خاص بسوريا، واصفًا موقفها ب"المؤلم". من جانبه، يقول هاني الأعصر، الباحث السياسي والاستراتيجي، إن الأزمة محدودة، وتتعلق بتصويت مصر في مجلس الأمن، والذي جاء بعكس رغبة السعودية، لكن الأخبار التي تواترت قبل عملية التصويت بأن السعودية في طريقها لإيقاف ضخ البترول لمصر، يكشف عن وجود أسباب أخرى. وأوضح الأعصر في تصريحاته ل"التحرير"، أن هجوم وانتقاد بعض الإعلاميين المصريين أغضب القيادة السياسية للمملكة، لاسيما أنه يعد من الأمور غير المقبولة لها، فهم لا يقبلون الإساءة للملك سواء داخل الدولة أو خارجها، مشيرًا إلى أن قرار تجميد ضخ المواد البترولية لمصر عقب التصويت، بمثابة ورقة ضغط تستخدمها القيادة السياسية للمملكة؛ بهدف تغيير الموقف المصري حيال الأزمة بسوريا، والضغط على الجانب المصري وتحريكه في اتجاهها بعض الشيء، أو تدفع مصر لعدم اتخاذ مسار معاد لها. ويرى الأعصر، أنه ليس من مصلحة الدولتين الوقوف في وجه بعضهما بأي حال، حتى إذا كان هناك ملفات نختلف فيها، مثل الأزمة السورية، خصوصًا أنها تتعلق بالأمن القومي العربي، معقبًا: "موقفنا يصب في صالح النظام السوري، بينما تنظر السعودية للقضية من زاوية المد الشيعي وتوغل إيران في المنطقة". ولفت إلى أنه من الطبيعي الاختلاف مع السعودية في بعض القضايا، لكن هناك أمور تجمع الطرفين مثل الأمن البحري في البحر الأحمر ومنطقة باب المندب، فضلًا عن أن تحمس مصر والسعودية لملفات منها القوى العربية المشتركة ومواجهة الإرهاب. الخبير السياسي أوضح، أن السعودية أولى الدول التي دعمت 30 يونيو، لأنها ترى أن مصلحتها في ملفات معينة تقتضي التقارب مع مصر، متابعًأ: "لكن ما حدث في الأيام الماضية خلافات لن تستمر طويلًا"، وألمح إلى أن القيادة السياسية ستعمل على مسارين لحل الأزمة، بذل جهود أمنية ودبلوماسية لاحتوائها، أو أن يكون هناك بديلا في حال تصاعدها. وذكر، أن الإعلام السعودي أساء إلى مصر تزامنا مع الأزمة، وهو ما تُرجم إلى رد فعل عنيف من الجانب المصري، مشيرًا إلى أن القيادة السياسية بالرياض والقاهرة ستحتويان المسألة بكل سهولة، لأن انتهاء الأزمة من مصلحة الطرفين. الأعصر انتقد الدبلوماسية المصرية، واصفًا حالها ب"المؤسف"، وأن جهاز المخابرات لديه القدرة على حل الأزمة من خلال التفاوض وطبيعة العلاقة بين الجهازين، لاسيما أن أداء وزارة الخارجية يفقد الثقة فيها، متمنيًا أن تتنحى الخارجية جانبا، وتترك اليد العليا للمخابرات العامة التي تعرف أبعاد الأزمة. ومن جانبه قال السفير محمد الشاذلي، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن ما يحدث شئ مؤسف جدا، خصوصًا أن السعودية تختلف مع مصر على مشروعي قرارين لم يصدرا من الأساس، مكملًا: "ولا أفهم السبب وراء الخلاف، فالقرارات سقطت في مجلس الأمن". وأوضح ل"التحرير"، أن المندوب الروسي تحدث قبلها عن أنه يعلم أن القرارين لن يصدرا، وكان الخلاف عن استمرار الضرب على من يعتبرونهم من الإرهابييبن، والذين أسماهم الروس القاعدة وداعش، بينما لم تحدد فرنسا من هم الإرهابيين. وقال، إن المندوب السعودي يتحدث عن أن مصر خرجت عن الإجماع العربي، ولا تمثل إلا نفسها، وهو موقف غير مقبول، لأن مصر تصوت على القرارين بدافع حرصها على وقف ما يحدث بسوريا، مردفًا: "نحن نريد وقف الاقتتال ودخول المساعدات الإنسانية، ومحاربة الارهاب، وهي قضايا لا يختلف عليها أحد، وما فعله المندوب السعودي لا يصح". وأوضح، أن الهجوم على مصر جاء في سياق آخر يتمثل في وقف الشحنات البترولية عنها، والحملة التي شنتها السعودية على شيخ الأزهر، وهي أمور غير مفهومة، لاسما أننا في مرحلة يحترق فيها العالم العربي. وذكر، أنه لا يصح في مثل هذه الظروف أن تخرج الخلافات للعلن، وينشق الصف العربي في هذه المرحلة التي تمثل أخطر المراحل التي تمر بها المنطقة، منوهًا بأن هناك إساءة وجهت إلى مصر من خلال ممثل للسعودية، ولم يكن مجرد كلام، ثم جاء قرار وقف الشحنات البترولية، وتعرض شيخ الازهر لحملة غير مبررة، ليفرض علامات الاستفهام وتساؤلات كثيرة تثير الاستغراب والاندهاش. وحول ما أثير عن تجهيز مصر لوفد رفيع المستوى لزيارة السعودية قال، إنه إذا صح هذا الكلام فهو مؤسف جدًا، وكان من الأوفق أن وفد سعودي هو الذي يأتي لمصر ويعتذر.