تحدثت بالأمس عن اختلاف المواقف بين مصر والسعودية فيما يتعلق بالأزمة السورية. وقلت إنه طبيعي وليس جديداً. كما أنه معروف للكافة وليس سرياً. وكان حديثي بمناسبة تصويت مصر في مجلس الأمن لصالح مشروعي القرارين المتعارضين: الفرنسي والروسي حول الأزمة. وبالذات مأساة مدينة حلب. ووصف المندوب السعودي في المجلس لهذا الموقف المصري بأنه "مؤلم". وأنه لا يعبر عن "التوافق العربي" حول الأزمة. اختلاف المواقف بين مصر والسعودية لا يقتصر علي الأزمة السورية فقط. لكن الفارق هو في ردود الأفعال. العلاقات بين المملكة وتركيا مثلاً في أفضل حالاتها. بينما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يتوقف منذ 30 يونيه 2013 حتي اليوم. ومن قبل أن يصبح رئيساً للجمهورية. عن مهاجمة مصر وقيادتها وشعبها. ومحاولة استعداء المجتمع الدولي ضدها. واستضافة إرهابيي جماعة الإخوان الهاربين. وتمكينهم سياسياً وإعلامياً من اتخاذ بلاده قاعدة للتحريض ضد مصر. بل والتخطيط لعمليات إرهابية داخلها. مصر تتفهم جيداً هذا الوضع. وتراه طبيعياً. ولا تري أن علاقاتها الاستراتيجية التاريخية والممتدة مع السعودية تتطلب بالضرورة تطابق موقف الدولتين تجاه أي طرف ثالث. فلكل دولة سياستها الخارجية. وتقديرها الخاص للأمور فيما يتعلق بعلاقاتها الدولية في إطار مصالحها. ولم يحدث علي مدي السنوات الثلاث أن صدر علي المستوي الرسمي المصري أي تصريح من أي مسئول كبر أم صغر. يعلق فيه علي أي تقارب سعودي تركي. من منظور مصري. أو علي قاعدة أن ذلك يتعارض مع الخلاف التركي المصري. أو يعزز الجانب التركي علي حساب المصري. هذا مجرد مثال. وباعتبار أن اختلاف المواقف طبيعي ومشروع. وأن ردود الفعل حق لكل طرف يصوغها وفق رؤيته. فقد اختلف رد الفعل الإماراتي مثلاً عن رد الفعل السعودي القطري. علي تصويت مصر في مجلس الأمن بالنسبة للأزمة السورية. فلم تصف الإمارات التصويت المصري بأنه "مؤلم" كما وصفه المندوبي السعودي. ولا بأنه "مؤسف" كما وصفه المندوب القطري. وإنما كان تعليق الإمارات أقرب إلي تفهم موقف مصر. وإلي التجاوب مع بيان الخارجية المصرية. الذي صدر توضيحاً لهذا الموقف. وهو ما يستحق كل التحية والتقدير. فقد أدركت الإمارات أن مصر تبحث عن أي مخرج يتيح تخفيف معاناة أهل حلب. ويفتح طريقاً لإنقاذ المدينة. وأنها وجدت في مشروع كل قرار من القرارين نقاطاً تسمح بذلك. وهو ما جعلها تصوت لصالح كل منهما. عموماً. فإن صوت مصر لم يشفع لأي من المشروعين. فقد أخفق مجلس الأمن في إقرار أي منهما.. الأول وهو المشروع الفرنسي بسبب الفيتو الروسي ضده. والثاني بسبب معارضة ثلثي أعضاء المجلس له. علينا في مصر والسعودية معاً أن نستعيد ذكريات حرب أكتوبر 1973. التي كان رأس الحربة في تحقيق النصر فيها هو المثلث الذهبي. المكون من: مصر السعودية سوريا.. أو القاهرةالرياضدمشق.. والذي أصبح مستهدفاً بعدها حتي لا تقوم له قائمة مرة أخري. وإن السماح بسقوط الدولة السورية هو سقوط لأحد أضلاع هذا المثلث. يفتح الباب أمام المخطط الرامي لإسقاط بقية الأضلاع.. ولعل قانون "جاستا" الأمريكي هو مقدمة للخطوة التالية. ولذلك لابد أن ندرك جيداً أبعاد ما نواجهه من مخاطر. وأن نتحد في مواجهتها.