"ف أو ": أطلقنا نداءً لإنقاذ غزة من المجاعة ب75 مليون دولار ولم نحصل إلا على 10%    انطلاق منافسات النسخة 37 لدوري "كأس محافظ بنى سويف" لكرة القدم    وزير الإسكان يتفقد مشروع "حدائق تلال الفسطاط" ويتابع ترتيبات انطلاق مهرجان الفسطاط الشتوي 2025    خالد الجندي: العلاقة في الإسلام تنافسية لا تفضيلية ولا إيثار في العبادات(فيديو)    وزير الصحة يبحث مع نظيره التشادي تعزيز التعاون الصحي بين البلدين    السيسي نايم فى العسل..قاعدة أمريكية قرب حدود عزة لمراقبة القطاع وحماية أمن الصهاينة    لمدة 20 عامًا.. إسرائيل تناقش مع أمريكا إبرام اتفاق تعاون عسكري جديد (تفاصيل)    تراجع سعر الريال السعودي في ختام تعاملات اليوم 13 نوفمبر 2025    دوري المحترفين.. أسوان يفوز على الإنتاج الحربي.. والقناة يتعادل مع بلدية المحلة    خالد مرتجي يتحرك قانونيًا ضد أسامة خليل بعد مقال زيزو وأخلاق البوتوكس    المتهم في جريمة تلميذ الإسماعيلية استخدم الذكاء الاصطناعي للتخطيط وإخفاء الأدلة    تأجيل محاكمة المتهمين بالتنمر على الطفل جان رامز ل 19 نوفمبر    تفاصيل جديدة فى مقتل تلميذ الإسماعيلية: القاتل استخدم الAI فى جريمته    تعليم القاهرة تعلن عن مقترح جداول امتحانات شهر نوفمبر    بتهمة قتل مسنة.. السجن المشدد لعامل بقنا    وزير الطيران يعقد لقاءات ثنائية لتعزيز التعاون الدولي على هامش مؤتمر ICAN 2025 بالدومينيكان    محمد صبحي يشكر الرئيس السيسي: «قدمت لوطني الانتماء فمنحني الاحتواء»    «بعد نفاد تذاكر المتحف الكبير».. تعرف على قائمة أسعار تذاكر 5 أماكن بالأهرامات    صلاح حسب الله: المال السياسي لا يمكنه صناعة نجاح في الانتخابات    «حماس» و«الجهاد»: سنسلم رفات رهينة إسرائيلي في ال8 مساء    «الصحة» تنظم جلسة «تعزيز الأمن الصحي العالمي» النقاشية ضمن فعاليات «السكان والصحة»    الشيخ خالد الجندي: كل لحظة انتظار للصلاة تُكتب في ميزانك وتجعلك من القانتين    «الجمعة ويوم عرفة».. خالد الجندي: «العباد المجتهدين» يباهي الله تعالى بهم ملائكته (تفاصيل)    مصطفى حسني: تجربتي في لجنة تحكيم دولة التلاوة لا تُنسى.. ودوّر على النبي في حياتك    المؤتمر: المشاركة الواسعة في المرحلة الأولى تؤكد وعي المصريين وإيمانهم بالديمقراطية    رئيس جامعة بنها يتفقد أعمال صب الدور الأرضى بمبنى المدرجات الجديد    بروتوكول بين الهيئة المصرية البترول ومصر الخير عضو التحالف الوطني لدعم القرى بمطروح    المجلس الوطني الفلسطيني: قوات الجيش الإسرائيلي لا تزال موجودة على 54% من مساحة قطاع غزة    الزمالك يكشف حقيقة صدور حكم في قضية زيزو ويؤكد صحة موقفه    «مش بتحب الخنقة والكبت».. 3 أبراج الأكثر احتمالًا للانفصال المبكر    وزير الأوقاف: بنك المعرفة المصري أداة لتمكين الأئمة ودعم البحث العلمي الدعوي    رئيس مجلس الشيوخ: قانون الإجراءات الجنائية خطوة تاريخية تعزز دولة القانون    بسبب فشل الأجهزة التنفيذية فى كسح تجمعات المياه…الأمطار تغرق شوارع بورسعيد وتعطل مصالح المواطنين    سر رفض إدارة الكرة بالزمالك لتشكيل اللجنة الفنية    محمد عبد العزيز: ربما مستحقش تكريمي في مهرجان القاهرة السينمائي بالهرم الذهبي    الدقيقة الأخيرة قبل الانتحار    سعد الصغير يعلن انتهاء أزمة سيارة حادث الراحل إسماعيل الليثي    محافظ كفر الشيخ يفتتح أعمال تطوير مدرسة الشباسية الابتدائية    فاز بانتخابات العراق.. السوداني من مرشح توافقي إلى قطب سياسي    جراديشار يصدم النادي الأهلي.. ما القصة؟    نيابة الحامول تأمر بانتداب الطب الشرعي لتشريح جثمان عروسة كفرالشيخ    عاجل- أشرف صبحي: عائد الطرح الاستثماري في مجال الشباب والرياضة 34 مليار جنيه بين 2018 و2025    التنسيق بين الكهرباء والبيئة لتعظيم استغلال الموارد الطبيعية وتقليل الانبعاثات الكربونية    «الكوسة ب10».. أسعار الخضار اليوم الخميس 13 نوفمبر 2025 في أسواق المنيا    مناطق الإيجار السكنى المتميزة والمتوسطة والاقتصادية فى حى العجوزة    نيويورك تايمز: أوكرانيا تواجه خيارا صعبا فى بوكروفسك    وزير الصحة يُطلق الاستراتيجية الوطنية للأمراض النادرة    إجراء 1161 عملية جراحية متنوعة خلال شهر أكتوبر بالمنيا    متحدث الأوقاف: مبادرة «صحح مفاهيمك» دعوة لإحياء المودة والرحمة    باريس سان جيرمان يحدد 130 مليون يورو لرحيل فيتينيا    سعاد بيومي أمينًا عامًا لجامعة المنوفية    موعد شهر رمضان 2026.. وأول أيامه فلكيًا    الوزير: مصر مستعدة للتعاون مع الهند بمجالات الموانئ والنقل البحري والمناطق اللوجستية    الداخلية تلاحق مروجى السموم.. مقتل مسجلين وضبط أسلحة ومخدرات بالملايين    ارتفاع البورصة بمستهل التعاملات بتداولات تتجاوز 700 مليون جنيه خلال نصف ساعة    الرقابة المالية توافق على إنشاء أول منصة رقمية للاستثمار في وثائق الصناديق العقارية    والدة مى عز الدين الراحلة حاضرة فى فرحها بال Ai.. عشان الفرحة تكمل    إعلام فلسطيني: غارات وقصف مدفعي إسرائيلي على غزة وخان يونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(دعوة للتفاؤل) التى تدعونا إلى التشاؤم
نشر في التحرير يوم 30 - 09 - 2016

طبعًا لا يبدو الإعلان عن القبض على خلية (إثارة الجو التشاؤمى) التى أعلنت عنها وزارة الداخلية مؤخرًا، هو السبب فى أن يكتب السيد أحمد عز رسالته التى نشرتها جريدة "المصرى اليوم" تحت عنوان (دعوة للتفاؤل).. فالرجل رغم كل القضايا التى تورط فيها والاتهامات التى وجهت إليه والجرائم التى شارك فى ارتكابها سواء على المستوى السياسى بدءا من الترويج والإعداد لسيناريو التوريث ومرورًا بالإشراف على التزوير الفج فى الانتخابات البرلمانية فى 2010 وليس انتهاء بالفساد الاقتصادى، ها هو حر طليق، يمارس أعماله الاقتصادية، ويبحث عن فرص العودة للمشاركة العامة، وكتابة آرائه ووجهات نظره فى مقالات ورسائل تذكرنا بالمقال الطويل الذى نشر بجريدة "الأهرام" عقب تزوير انتخابات 2010 ليقدم فيه وقتها السيد عز تفنيده وردوده على ما أثير حول الانتخابات ونتائجها، ويؤكد لنا أن مصر وقتها تسير فى الطريق الصحيح نحو الديمقراطية، قبل شهور قليلة من اندلاع ثورة يناير، التى كانت، وربما لا تزال، الأمل الوحيد الحقيقى فى التحول الديمقراطى فى هذا البلد، وهو الأساس الأول لأى رهان حقيقى على تحولات أخرى اقتصادية واجتماعية وثقافية ومجتمعية.
(1)
لا يمكن أن تلوم السيد أحمد عز على سعيه للتعبير عن رأيه وموقفه مما يجرى فى البلاد، والذى يمثل بوضوح بحثًا عن مساحة جديدة له ولمن يعبر عنهم من شبكات مصالح ونفوذ، حتى وإن قال فى مطلع مقالته المنشورة إنه لا يهدف للسعى وراء الظهور فى الساحة العامة، رغم أن أنباء هذا السعى تتكرر وتتردد بين الحين والآخر، منذ خروجه من الحبس الذى لم يستمر، تارة عبر الانتخابات البرلمانية السابقة، وتارة عبر التفكير فى إنشاء حزب أو الاستحواذ على أحد الأحزاب القائمة أو الجديدة، وتارة عبر الإعداد لخوض الانتخابات المحلية المقبلة.
كما لا يمكن أن تلقى باللوم على الجريدة التى سمحت بنشر هذه الرسالة فى شكل مقال يجرى الاحتفاء به والتنويه عنه على صدر صفحتها الأولى، مع تقديم من رئيس تحريرها يبرر ويفسر أسباب نشرها.
إذا كنا جادين حقا، فمن يتحمل مسئولية عودة عز ومن هم مثله وعلى شاكلته مرة أخرى إلى الساحة السياسية والإعلامية والمجتمعية، فهم أولا المسئولون عن صنع هذه الحالة فى البلد على مدار السنوات السابقة التى أدت لفراغ سياسى هائل، يمكن لأى من كان أن يحاول ويسعى لملئه، ومن تعاملوا مع قضايا وجرائم نظام مبارك بهذا الشكل الذى أدى فى النهاية لتبرئة أغلب رموز هذا النظام، ومن أعادوا إنتاج السياسات القديمة ذاتها للدرجة التى تجعل أحمد عز بنفسه يعلن فى مقاله الدعوة للتفاؤل بأوضاعنا الاقتصادية الراهنة، وأن هذه ليست أول ولا أكبر الأزمات وأنها فى طريقها إلى الحل.
(2)
رسالة أحمد عز المنشورة فى شكل مقال تتحدث عن ست ملاحظات رئيسية على هامش الأزمة الاقتصادية الحالية، ملخصها المفيد سياسيا بغض النظر عن تفاصيلها الاقتصادية المردود عليها، هو أن عز ومن يمثلهم، يؤيد السياسات الراهنة.. وبينما قد ينظر إلى ذلك باعتباره بحثا عن مساحة مع السلطة الحالية فى ظل خصومات وتباينات مؤكدة، إلا أنه من حيث الجوهر يعد تأكيدا على أن هذه السياسات هى ذاتها ما كان عز وفريقه فى قيادة مشروع التوريث يروجون له وساعين لتطبيقه..
وهنا بيت القصيد الذى يدعو للعجب، فنحن أمام سلطة تحدثت طويلا ولو بالتلميح غالبا وبالتصريح قليلا عن أن أسباب وجذور الأزمات الراهنة المسئول عنها هو الأنظمة السابقة وتحديدا فترة حكم مبارك، بينما تعيد إنتاج ذات السياسات والانحيازات متصورة أنها بذلك تقدم حلولا لها.. وفى المقابل، فنحن أمام أحد المعبرين الأساسيين عن شبكات المصالح والنفوذ القديمة، التى يبدو الخلاف بينها وبين السلطة الحاكمة على نصيبها من الكعكة لا على جوهر السياسات، يعلن تفاؤله أن الأزمة فى طريقها للحل، ويحاول تفنيد الانتقادات ومكامن القلق من السياسات والتوجهات الاقتصادية الحالية، بل ويبشرنا بأن تعويم الجنيه الذى يسميه (تصحيح سعر الصرف) هو الطريق الصحيح لبداية مشروع لنمو الاقتصاد المصرى ومعالجة أزماته، وهى الخطوة التى يبدو أنها صارت قريبة للغاية من توجه السلطة إليها.
(3)
دعوة أحمد عز للتفاؤل ربما هى فى ذاتها مصدر للتشاؤم، فأن يكون من يبشرنا بما هو قادم واحدًا من الرموز الأساسية لنظام الفساد والنهب والإفقار الذى ما زلنا نعانى منه، يعنى دون شك وبيقين كامل أننا فى الطريق لما هو أسوأ.
وربما الأمر الإيجابى الوحيد فى هذه الدعوة، هو أنها تكشف بوضوح عن طبيعة السياسات القائمة، وتبين بجلاء طبيعة المؤيدين لها، ثم أنها تؤكد أنه لا تغير حقيقى فى طرق التفكير ومناهجه ولا سبل الحل وأساليبه ولا جوهر الانحيازات وطبيعتها.. وهذا فى ذاته، رغم كل ما يحيط به من علامات استفهام وتعجب، يبدو أمرا داعيا للتفاؤل، لكن بطريقة مختلفة عما يطرحه السيد عز.
(4)
مثلما بشرنا عز منذ سنوات قليلة بأن مصر مستقرة وفى طريقها الصحيح إلى الديمقراطية والتى هون فيها من التزوير الذى جرى لانتخابات 2010 واعتبرها مجرد تجاوزات، فكان الرد بعد شهور قليلة بخروج الملايين لإسقاط نظام مبارك فى ثورة يناير.. ها هو الآن يبشرنا بأن أوضاعنا الاقتصادية ليست بهذا السوء وأنه سبق لنا أن تجاوزنا ما هو أصعب وأن الحل هو انتهاج السياسات التى كان هو وداعمو توريث جمال مبارك يروجون لها والتى يرى إشاراتها وبشاراتها الآن بما يجعله متفائلا.. لكننا نخشى هذه المرة أنها لن تكون بشرة خير إذا جاء الرد من الشعب المصرى على حقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة، خاصة فى ظل حالة الفراغ والسيولة السياسية القائمة، وفى ظل ما يعانيه المجتمع من انقسام وتشتت، وفى ظل ما ترسخه السلطة الحالية من استبداد وقمع.
لكن المؤكد أن الكلمة الأخيرة ستظل ملكًا للشعب وحده، واليقين الآن أننا أمام نظام مبارك بوجوه أخرى حتى وإن تبدلت الأسماء والأدوار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.