ركوب المراجيح في العيد حلما صعب المنال بالنسبة لهم، وشراء اللعب بات من المستحيلات، لاعيدية لا ملابس جديدة..الفقر وأد فرحتهم بالعيد والشح منعهم من الاحتفال كأقرانهم، لا يوجد هناك فرحة لكن فقط جوع.. هنا يقطن أطفال البوءس في الأقصر.. حيث يتجلى الفقر في أبشع مظاهره.. «التحرير» زارت «العبابدة» إحدى قرى الحرمان والذل والمهانة.. وإلى التفاصيل.. «كل حاجة غالية و مش قادر على الشغل بعد ما نظري ضعف، معايا 4 بنات وولدين، و بالتالي أنا بستنى منهم العيدية بدل ما أديهم»..، كلمات بطعم البؤس استهل أحمد دردير، حديثه ل"التحرير"، مشيرا إلى معاناته بعد ضعف نظره من العمل كسائق في إحدى محاجر الرمال. وتابع «حتى اللحمة مفيش فلوس علشان نشتري الكيلو ب80 جنيه، يادوب بنشتري فرخة ب35 جنيه، واللحمة دي كل 3 أو 4 شهور مرة».
وفي إحدى محلات البقالة داخل تلك القرية، اشتكت «أم الخير عثمان» وقف الحال بعد ارتفاع الأسعار، قائلة «أنا أخدت المحل بالإيجار وجايبة تلاجة البيت للحاجة الساقعة وواحدة تانية جايباها بالقسط وعلي 12 ألف جنيه ديون، والبضاعة موجودة زي ما هي في المحل، وبعت الخاتم بتاعي واشتريت شوية شباشب علشان أبيعهم ومفيش حد بيشتري، وامبارح جات عربية الأنابيب ومقدرتش أشتري انبوبة البيت من قلة الفلوس». وأضافت « محدش بيساعد حد علشان الكل فقير والناس مش لاقية تاكل واللي كان يشتري طبق بيض دلوقتي بيشتري بيضتين، واللي كان ياخد لفة سكر دلوقتي يشتري كيلو بالعافية، واحنا تعبانين، حتى في العيد مأكلناش لحمة، واشترينا لحمة راس، وبناتي اللي مجوزاهم بعتلهم فراخ صغيرة مربياها في البيت لأن دي عادة لازم نوديلهم الموسم، واللحمة غالية». محمد سعيد، يضيف «أنا عامل في المجلس المحلي ومرتبي ألف جنيه وبيوصلني 460 جنيه لأني واخد قرض علشان عيالي الخمسة، البلد في حالة غلاء فاحش ومش عارفين نعمل إيه ولا نسوي إيه، ومفيش نظرة لأهل الصعيد لأن فيه ناس معدومة". وأضاف «أهل الخير والجمعيات الأهلية مروا علينا في القرية ووزعوا علينا كيلو لحمة وكراتين، والله العظيم أولادي كلهم مأخدوش عيدية مفيش غير الصغير، وربنا يبارك في الرئيس بس ياريت يدينا نظرة ويصحصح الحكومة علشان يشوفو القرى المحرومة». فيما أشارت سيدة أحمد، إلى قيامها بتوزيع «العيدية»على أطفالها الصغار، حيث كان نصيب الطفل الواحد جنيه فقط، مضيفة، " بناتي الكبار والله مديتهومش حاجة، منين هديهم، طالما اللحمة مش بنشوفها، حتى عيالي الكبار عايزين يتجوزوا ومش عارفة أسكنهم فين". وأوضحت «أنا تعبانة يا دوب بشتري العلاج لمعدتي، والأكل عدس وفول، مفيش حاجة بناكلها زي البشاوات والموظفين». وبسؤال أحد الأطفال الصغار عن ما قام به في العيد، كانت إجابته " إشتريت كراتيه بس".