"دستور مصر" الذي وافق عليه المصريون بعد ثورة "25يناير– 30 يونيه" التي دعت إلى العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية، والذي أكد على إرساء قواعد المواطنة وعدم التميز والمساواة بين المواطنين، خالفه النواب الذين أقسموا على احترامه في اللائحة الجديدة للبرلمان التي صدرت كقانون، بحسب رأي خبراء. ففي الوقت الذي تسعى الحكومة مع البرلمان لتطبيق عدد من القوانين من شأنها فرض ضرائب جديدة على المواطنين تعتبرها الأحزاب والتكتلات السياسية بمثابة أعباء إضافية على المواطن البسيط، إلى أن فاجئنا رئيس مصلحة الضرائب، في تصريحات صحفية، بأن جميع الجهات في الدولة تخضع للضرائب بما فيها مؤسسة الرئاسة ورئيس الجمهورية، باستثناء أعضاء مجلس النواب، مُرجعًا السبب إلى أن قانون اللائحة الجديدة للبرلمان، أعفاهم من ضريبة كسب العمل، وهو ما لم يحدث في البرلمانات السابقة. وتنص المادة 428 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، على أن تٌعفى أي مبالغ تدفع إلى الأعضاء من المجلس من جميع أنواع الضرائب والرسوم، ولا يجوز الحجز عليها أو التنازل عنها، وفي جميع الأحوال لا يجوز أن يزيد مجموع ما يتقاضاه رئيس المجلس أو وكيلاه أو أي من أعضائه من موازنة المجلس، تحت أي مسمى عن الحد الأقصى للأجور. «انحراف تشريعي يمس مبدأ المساواة بين المواطنين» نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق المستشارة تهاني الجبالي، قالت في تصريح ل"التحرير": إن "نص لائحة مجلس النواب الجديدة الخاص بإعفاء أي مبالغ تُدفع إلى الأعضاء من المجلس من جميع أنواع الضرائب والرسوم ولا يجوز الحجز عليها أو التنازل عنها، يحمل شبهة عدم دستورية واضحة لو تم الطعن عليه، لأنه يمس مبدئ المساواة بين المواطنين في تحمل الأعباء العامة الذي يُعد أحد عناصر عدالة الضريبة. وأضافت "الجبالي" أن الدستور أكد على عدم استثناء فئات من الخضوع لأي ضرائب بشكل نهائي بهذا الشكل، طالما أنها تحصل على مكافآت ومزايا مالية ومادية، ويجب أن تخضع جميع الفئات للقواعد العامة لعدالة الضريبة، وفي مقدمتها المساوة بين المواطنين أمام القانون، مشيرًة إلى أن المحكمة الدستورية ستكون الفيصل في هذا الأمر. وأوضحت نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، أن نص اللائحة يحمل في طياته فكرة الانحراف التشريعي، لأن النواب لهم مصلحة خاصة به، وإقرارهم لأنفسهم مزايا على حساب مبدأ المساوة في القانون، خاصة في ظل سعي مجلس النواب لتشريع قوانين تفرض ضرائب جديدة، لافتًة إلى أن استغلال أداة التشريع لمصلحة ذاتية وخاصة يعتبر أخطر أشكال الانحراف التشريعي. «البرلمان يستفز الشعب وأغفل عن عمد مراعاة الدستور» من جانبه قال الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية: إن "مجلس النواب أغفل عن عمد مراعاة بعض نصوص الدستور التي تؤكد على إرساء قواعد المواطنة وعدم التميز والمساواة بين المواطنين في لائحته الداخلية الجديدة التي تنص في أحد موادها على إعفاء أي مبالغ تدفع إلى الأعضاء من المجلس من جميع أنواع الضرائب والرسوم، ولا يجوز الحجز عليها أو التنازل عنها. وأضاف "عبد النبي" في تصريح ل"التحرير" أن الضرائب عامة تسري على جميع المواطنين وفقًا للمادة 38 من الدستور التي تؤكد أن النظام الضريبي وغيره من التكاليف العامة تهدف إلى تنمية موارد الدولة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنمية الاقتصادية، وتشدد على أن أداء الضرائب واجب، والتهرب منه جريمة. وتابع "جميع الجهات في الدولة تخضع للضرائب دون تميز بما فيها مؤسسة الرئاسة"، متسائلًا: كيف يتم تمييز أعضاء مجلس النواب وإعفائهم من ضريبة كسب العمل عن بدل حضور الجلسات؟". وأوضح أستاذ القانون الدستوري، أن جميع البرلمانات السابقة لم يحدث بها مثل هذا الأمر، لافتًا إلى أن مجلس النواب الحالي لا يراعي النزاهة والشفافية، ويستفز الشعب بإقرار قوانين تزيد من معاناة المواطنين، وفي نفس الوقت يتم إعفاء أعضاءه من الضرائب. وأكد أن الدستور حظر من تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء. «لا يوجد أي مشكلة في تعديل اللائحة» بينما صرح الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب والمتحدث الرسمى بحزب الوفد، أن إعفاء أعضاء مجلس النواب من ضريبة كسب العمل عن بدل حضور الجلسات لا تعتبر مغنمًا بالنسبة لي كاستشاري، لافتًا إلى أن تعديل اللائحة وإلغاء إعفاء الأعضاء من الضريبة لا يوجد به أي مشكلة إذا أراد المشرعون ذلك. وأضاف "فؤاد" أن خضوع أعضاء مجلس النواب للضريبة عن بدل حضور الجلسات سيُضيف نحو 21 مليون و600 ألف جنيه إلى حصيلة الضرائب.