طريق طويل اجتازته القضية الفلسطينية فى صراعها الدائم مع الاحتلال الصهيونى.. ونقاشات عقيمة دارت على طاولة المفاوضات، التى لم تسفر بعد سنين سوى عن مهاترات لا تؤدى سوى لحلول تصب فى مصلحة الكيان الصهيونى ومشروعه الاستيطانى التوسعى. وبعد هبوب رياح الربيع العربى وما أحدثته من تغييرات جذرية بمنطقة الشرق الأوسط، عادت الآمال من جديد فى مزيد من استقلالية العرب عن السياسات الأمريكية وتحكماتها بالمنطقة، وبالتالى إمكان التوصل إلى رؤية دولة فلسطينية مستقلة على المدى البعيد. جاءت أولى خطوات هذا الحلم مع إعلان محمود عباس التوجه بطلب عضوية فلسطينبالأممالمتحدة، وهو الطلب الذى اختلف الساسة والمحللون حول إمكان تحققه على أرض الواقع، مثلما اختلفوا حول دلالاته السياسية والمكاسب والخسائر المترتبة عليه. فى هذا السياق رأى الكاتب الصحفى البريطانى روبرت فيسك أن الفلسطينيين لن يحصلوا على دولة، ولكنهم سيثبتون أنهم بالفعل جديرون بتلك الدولة، إذا ما حصلوا على أصوات كافية بالجمعية العامة، وإذا لم يستسلم محمود عباس لطبعه المتذلل للقوة «الأمريكية- الإسرائيلية»، كما وجد فى هذه الخطوة سقوطا للإمبراطورية الأمريكية التى سيقف رئيسها إلى جانب قوة استيطانية فى مواجهة شعب طالب بحقه فى وجود دولة. من ناحية أخرى، تعتقد القيادة الفلسطينية فى حالة نجاح هذه الخطوة «السياسية- القانونية» أنها ستؤدى إلى حصول الفلسطينيين على إنجازات كبيرة، أبرزها الدخول فى المؤسسات الدولية والذهاب بإسرائيل إلى محكمة الجنايات الدولية، فضلا عن إلزام دول العالم بالاتفاقيات السياسية والاقتصادية. فى هذا الإطار يرى صائب عريقات، عضو اللجنة المركزية فى حركة فتح، أن فلسطين على حدود 67 وعاصمتها القدسالشرقية ستكون دولة محتلة من قبل عضو آخر فى الأممالمتحدة هو إسرائيل، وتسمى سلطة احتلال، ولا يستطيع أى مسؤول إسرائيلى أن يقول أرض متنازع عليها، وبالتالى يصبح كل الاستيطان اللى قامت به إسرائيل بما فيه قرار ضم القدس والجدار لاغيا وباطلا. أيضا تحمل مزايا العضوية فى الأممالمتحدة المساهمة فى زيادة عزلة الكيان الصهيونى وحشد الرأى العام المعارض للممارسات الصهيونية، إضافة إلى تحول فلسطين من دولة محتلة لدولة أراضيها محتلة بما يتيح لها إلغاء ما تدعيه إسرائيل من قانونية حصارها لقطاع غزة وتفكيك المستوطنات التى أقامتها فى الضفة الغربية. رغم تأكد الجميع من قدرة الفيتو الأمريكى على إيقاف المسعى الفلسطينى لعضوية الأممالمتحدة، فإن هذه الخطوة تظل رمزا لتحول إيجابى على الطريق للدولة الفلسطينية المنشودة. بالإضافة إلى ذلك، ذكر عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية السابق فى تصريحات إعلامية سابقة له أنه فى حالة الاعتراف بفلسطين كدولة فإن أى حرب إسرائيلية جديدة على أى جزء من أجزاء تلك الدولة تُعتبر حربا من دولة على دولة أخرى، مما يعطى الحق للشعب الفلسطينى فى المقاومة المشروعة إلى جانب الحق فى المطالبة بالحماية الدولية فى حالة تعدى تل أبيب على الشعب الفلسطينى كما يفرض على إسرائيل التعامل مع فلسطين على أنها دولة لها سيادة وحقوق دولية، وسيعامل الرئيس الفلسطينى كرئيس شرعى. رغم تأكد الجميع من قدرة «الفيتو» الأمريكى على وقف المسعى الفلسطينى لعضوية الأممالمتحدة، فإن هذه الخطوة تظل رمزا على تحول إيجابى على الطريق إلى الدولة الفلسطينية المنشودة التى ظل الفلسطينيون يحلمون بها لتكون حقيقة متجسدة على خريطة العالم العربى.