"الاختفاء القسري" جريمة ضد الإنسانية، يُدينها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، رقم 47/133، المؤرخ أول ديسمبر 1992، ووقوعها يُجيز تطبيق عقوبات قانونية على الدولة التي تشهد تلك الحوادث. ويستعد المجلس القومي لحقوق الإنسان في الوقت الحالى، لطباعة تقريره السنوي بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وخصص مجالًا للحديث عن حالات الاختفاء القسري، في نطاق الشكاوى الواردة إليه، فترى هل يُقر المجلس بتلك الحالات؟ وأكد الدكتور عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس، أن التقرير سيتم إرساله إلى المطابع يوم الأحد المقبل، على أن يتم إرسال أول نسخة مطبوعة منه إلى رئاسة الجمهورية، ونسخ أخرى للجهات المعنية؛ للإطلاع على محتواه، والعمل بالتوصيات المطروحة فيه. وكشف "شكر"، ل"التحرير"، عن تعرف وزارة الداخلية على 300 شخص من بين تلك الحالات، عدد منهم مطلوبين على ذمة قضايا، والبقية محبوسون في سجون الوزارة، معقبًا: "كان هناك تردد في إفادة المجلس بمكان تواجدهم في البداية، ولكن في نهاية الأمر تعاونت وزارة الداخلية استجابة للمجلس، وأظهرت بيانات المقبوض عليهم، والمحبوسين احتياطيًا، وبيَّنت أماكن حبسهم". ورفض "شكر" اعتبار رد "الداخلية" ذلك إقرارًا بإخفاء تلك الحالات قسريًا، وقال: "طالما أن أوراقهم سليمة، وهؤلاء الأشخاص محبوسين بالقانون، وتم الإعلان عن أماكن حبسهم، فذلك لا يعد اختفاء قسرى، إلا أن الأهالى قد لا يعتبرون الأمر كذلك". وأشار "شكر" إلى رصد حالات، من التي أبلغ ذويهم أنهم مختفين قسريًا، سافروا إلى مناطق نزاعات مسلحة مثل سوريا وغيرها، وتبيَّن أن فتاتين متغيبتان عن عائلتهما، كانتا على خلافات مع الأسرة بشأن الزواج وأمور اجتماعية، وغادرتا منزل الأهل واستقرتا بعيدًا عنهم بإرادتهما، بينما لازالت 15 حالة فقط من الشكاوى الواردة إلى المجلس، مختفون ومصيرهم مجهول، لم تفد الداخلية أو أي جهة أخرى بمكان تواجدهم. ونوه بإعداد توصيات لتعديل القوانين لضمان كفالة حق من يقبض عليه في أن يعرف التهم المنسوبة له، ويتصل بأهله ومحاميه، حتى لا يعتقدوا أنه مختفي قسريًا، وتوصيات أخرى يمكن الإطلاع عليها فور طباعة التقرير. تعريف «الاختفاء القسري» من جانبه، ذكر ياسر سيد أحمد، المحامي والخبير القانوني، أن "الاختفاء القسرى"، يعني احتجاز شخص، وإخفائه عن الظهور بمحل عيشه ووسط أهله، جبرًا ورغمًا عن إرادته، دون مبرر قانونى، وذكر منها على سبيل المثال، حالة حسام الدين محمد، الذي اختفى لمدة 5 أيام، بدءًا من 28 يناير عام 2013، وتقدمت أسرته ببلاغ إلى النائب العام لإثبات اختفائه، ومطالبة "الداخلية" بتحديد مكان تواجده، ولم يجبهم أحد، حتى ظهر نزيلًا في سجن طرة، كشف أنه رأى "حسام" داخل السجن. وتابع "أحمد"، "هُنا طلب محامي الأسرة مناظرة دفاتر معسكر قوات الأمن المركزة، وسجلات سجن طرة، وتأكد بالفعل أن حسام الدين، كان محتجز بالمعسكر دون قرار من النيابة، ومسجل في دفاتر المعسكر، وتم نقله بعدها إلى طرة، وثبت عدم تسجيل اسمه في الدفاتر هذه المرة، وبعد 5 أيام من البحث وثبوت أن الحالة محتجزة لدى قوات الأمن، تم عرضه على نيابة قصر النيل التي أمرت بإخلاء سبيله". وطالب سيد أحمد، بالتفريق بين من يتم القبض عليه، والتحقيق معه بمعرفة النيابة وحبسه، وأهله لا يعلمون شيئًا بشأنه أو يخفى هو عنهم أمر اتهامه، وبين من يتم القبض عليه وإلقائه فى السجن دون تحقيق أو قرار قانوني يبيح لقوات الأمن ذلك، ففي الحالة الأولى يُعد المقبوض عليه متهمًا وهو في حوزة النيابة وحبسه قانوني، حتى ولو لم يعلم أهله بذلك، أما الحالة الثانية فهي احتجاز غير قانوني وتعد اختفاء قسري له عواقب تترتب على الدولة، وتعد خرقًا للقوانين وحقوق الإنسان، ويحق لضحاياها مقاضاة الدولة والمطالبة بتعويض، مشددًا على أن العبرة تكون بعرض المتهم على النيابة بسبب اتهام واضح وخضوع المتهم لتحقيق قانونى خلال المدة التى حددها القانون. كيفية التعامل مع الحادث وليحفظ الأهل حقوق أبنائهم المختفين قسريًا، نصحهم "أحمد" بالتقدم ببلاغ بعد مرور أربعة وعشرين ساعة على واقعة الاختفاء، وعلى اختلاف مبررات الاختفاء مثل التعرض لجرائم اختطاف جنائية، أو محاولة الابن الهجرة غير الشرعية، أو تعرضه لحادث عارض دون حيازته مع ما يدل على شخصيته، أو أي أسباب أخرى ومنها القبض عليه، وفى الحالة الأخيرة إن لم يكن القبض قانوني، ويتم عرض المحتجز للتحقيق، فإن حالته تعد اختفاءً قسريًا، ويستند الأهالي فى ذلك إلى "بلاغ الاختفاء"، وثبوت وجود نجلهم بمقر احتجاز سواء سجن أو قسم شرطة، وعدم وجود أذون نيابة أو قرارات منها تبرر "الاحتجاز"، وفي هذه الحالة يمكن للمحتجز وأهله إقامة دعوى في مجلس الدولة يختصم فيها وزير الداخلية بصفته، ويطالب فيها بالتعويض.