ما أن كتب شريف أبو العينين أو "شريف طلياني" منشوره الفيسبوكي عن احترافه العمل في مجال صناعة أفلام البورنو، حتى تفجرت التعليقات بالغضب الهوياتي، فهو مسلم وعربي أي الثنائية التي تجعل من امتهانه لهذه الحرفة تلويث للهويتين. هنالك كلمات مفتاحية في صناعة الأخبار كفيلة بأن تحوله إلى الخبر الأعلى قراءة والأكثر تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي، هي في معظمها مرتبطة بالجنس وحكاياته ونمائمه. نظرة سريعة على المواقع المصرية لنجد أن التلصص الجنسي على حيوات الفنانين والشخصيات العامة، ثم شجاراتهم تتصدر الأخبار دائما. ويكفي أن نعرف ووفقاً ل Google AdWords، إن 10٪ من عمليات البحث عن كلمة sex على الإنترنت في العالم تعود إلى العالم العربي. يجري العالم العربي حوالي 55.4 مليون عملية بحث عن كلمة "sex" شهريّاً، ما يعادل الولاياتالمتحدة والهند، اللذين يعدّان من روّاد استهلاك الإباحية في العالم. وعليه فمن المنطقي أن يتحول منشور لشاب مصري يقرر فيه خوض واحدة من المحرمات الدينية والاجتماعية إلى خبر. غير أن انتشار الحكاية هذه المرة مختلفة قليلا عن الهوس الهائل بنجمة البورنو اللبنانية ميا خليفة. التعاطي المصري-والعربي عموما- مع الجسد الأنثوي ذو معطيات مختلفة، فإذا كان الجسد -عموما- هو "وثيقة" تمارَس عليه سلطة أو عدة سلطات، فالجسد الأنثوي تحديدا خاضع لسلطة أكثر إخضاعا، مع الثقل الذكوري الذي يضبط الجسد ويقيد اختياراته. عندما خرجت ميا خليفة، بالوشم العربي على جسدها، بدت هذه السلطات تتقوض تحت ثقل صناعة البورنو، والبورنو في المنطقة العربية هو المنتج الأكثر رواجا والأكثر سرية أيضا. الغضب العربي من وجود ميا خليفة هو الغضب الأبوي الراغب في السيطرة، ولذلك خرجت التبريرات التي تبرئ الهوية من شوائبها الجنسية، ليقول البعض إن ميا ليست لبنانية ولا عربية بل هي أمريكية وتربت وعاشت في أميركا، وتبرأ منها أهلها، وحاول شقيقها أن يقتلها، وكل الأخبار التي تتنصل من خليفة، على الرغم من الاسم والوشم المعبران عن أصولها العربية. هي عملية تطهير مخادعة للذات العربية. مع شريف طلياني فالتعاطي "أخوي" أكثر منه انضباطي، إذ أن تلوث الهوية مع الشاب أقل منه مع محميته الطبيعية الجسد الأنثوي. إضافة إلى أن شريف يبدو طالب شهرة مدمن لها، ففي لقاء له على القناة المصرية الحكومية، وفي برنامجها الصباحي الأشهر "صباح الخير يامصر" قدم نفسه على أنه مزدوج الجنسية، لكنه يحب مصر، أي أنه استخدم المغازلة الأقرب للنفسية التي تشاهد البرنامج الصباحي. ثم تحدث عن نفسه بوصفه محب للألعاب الخطرة، ثم يحب التمثيل، ثم يكتب قصصا سينمائية، هذا شاب هدفه الوحيد الحقيقي والأصيل هي الشهرة. ولذلك بدا منشور إعلانه احتراف تمثيل البورنو ملحميا وكليشهيا في تمثله التصور الكلاسيكي للعلاقة العاطفية المأساوية التي تنتهي بصاحبها في "طريق الحرام" بمعناه الدارج المصري، إذ يدعي طلياني أنه دخل هذا العالم بسبب أزمة عاطفية، عندما رفضت حبيبته المصرية الزواج منه، فقرر أن ينتقم منها على طريقته فسافر إلى إيطاليا ودخل عالم البورنو، وكتب لها: “"إنتي رفضتيني ودلوقتي! أجمل وأشهر فنانات العالم عايزاني". يمكن التشكيك فيما يقوله نجم البونرو العربي المحتمل، وربما سينساه المتابعون حتى يروه في إحدى هذه الأفلام التي يتابعونها بهوس، وقد يتحول إلى النسخة الذكرية المصرية من "ميا خليفة" بعدد المتابعات المليونية، تضمن له الشهرة التي يريدها.