كارثة بكل المقاييس تنتظر المصريين خلال الأيام القليلة المقبلة مع استعداد مجلس الوزراء - للموافقة على مشروع قانون إنشاء هيئة سلامة الغذاء؛ ذلك القانون الذي لم يستطع نظام مبارك تمريره منذ عام 2000، بسبب رفض البيطريين، الموافقة عليه، لخطورته على صحة المصريين؛ إذ أن هذا القانون سيسمح بتمرير صفقات الأغذية الفاسدة والمسرطنة، فضلًا عن تمرير الأغذية المهندسة وراثيًا والمحظور تداولها بالاتحاد الأوربي. نقيب البيطريين: لا تسألونا عن صحة المواطنين إذا مُرر هذا القانون قال الدكتور خالد العامري، نقيب البيطريين، إن الحكومة لم تأخذ رأي النقابة في إنشاء هيئة لسلامة الغذاء ومشروع القانون الخاص بها، مؤكدًا أن نقابة البيطريين أرسلت مذكرة إلى رئيس مجلس الوزراء، ورئيس الجمهورية - بضرورة تمثيل البيطريين والاستماع إليهم قبل إقرار هذا القانون الهام. أضاف العامري، ل"التحرير"، أن أهم أسباب الاعتراض على مشروع القانون، أن المسؤول الوحيد للرقابة على الأغذية، الطبيب البيطري، وهو الوحيد الذي يدرس سلامة الغذاء والصحة الحيوانية بكليات الطب البيطري، كما أنه مسؤول الإشراف على المجازر من خلال الكشف الظاهري والمعملي على الأغذية ذات الأصل الحيواني، لافتًا إلى أن هناك ضغوطًا من جانب بعض المستوردين والتجّار، لإنشاء هذه الهيئة لخدمة مصالحهم وتسهيل مرور أغذية غير صالحة للاستهلاك الآدمي داخل مصر. وطالب العامري، بضرورة إنشاء وزارة دولة للثروة الحيوانية، متابعًا: "لسنا أقل من السودان التي أنشئت وزارة للثروة الحيوانية لحماية المستهلكين.. إذا مر هذا القانون لا تسألونا عن صحة المواطنين في مصر، لأنه سيسمح بتسهيل مرور الغذاء غير الصحي دون المرور على الجهات البيطرية.. الوضع الحالي كارثي بالنسبة للأغذية، فهل يوجد كبدة تخزن لمدة 6 أشهر ؟". نظام مبارك لم يستطع إقراره وفق الدكتور سامي طه، نقيب البيطريين السابق، قال ل"التحرير"، إن هيئة سلامة الغذاء تم التمهيد لها منذ عام 2000 - عندما صدر قرار جمهوري من الرئيس السابق، حسني مبارك، رقم 106، تم من خلاله نزع مفاتيح الرقابة الصحية على الغذاء من وزارة الصحة وهيئات الطب البيطري فى مصر، وجعلها فى يد الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات التابعة لوزارة التجارة والصناعة، رغم أنها هيئة تعمل في المقام الأول والأخير لصالح المستوردين، لا لصالح المستهلك. أضاف طه: "في ذلك الوقت كان يوسف بطرس غالي الهارب حاليًا خارج البلاد، وزيرًا للتجارة ثم تم تجديد هذا الأمر عام 2008 في عهد رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة؛ إذ تم تشكيل لجنة برئاسة مساعدة الوزير، وتم صياغة ما يسمى بهيئة سلامة الغذاء التابعة لوزارة التجارة والصناعة، وبهذا أصبحت وزارة التجارة والصناعة - المستورد والمصدر والمسؤول عن الإنتاج المحلي، وبالتالي باتت رقيبة على نفسها فقط"، موضحًا أنه عندما تصدى البيطريون إلى هذا الأمر تم تغيير اسم هيئة سلامة الغذاء ل"الهيئة القومية لسلامة الغذاء"، كي تكون تابعة إلى مجلس الوزراء ثم تغيّرت التبعية بعد ذلك لتكون لرئاسة الجمهورية حتى يكون هناك ضغوطًا ولا يتم الاعتراض عليها، لكن في جميع الأحوال لم يستطع نظام مبارك تمرير هذا القانون، لرفض البيطريين له. السماح بدخول مادة الدايوكسين المسرطنة لمصر نوه طه، بخطورة هذه هيئة السلامية الغذائية، متابعًا: "نستورد 60% من غذاء المصريين من الخارج، وتعد مصر سوق رائجة للغذاء، خاصة مع التعداد السكاني العالي، وانخفاض مستوى دخل الفرد، ما يجعله يبحث عن وجبة غذائية رخيصة بصرف النظر عن صلاحيتها، ولهذا تعددت مشاكل الغذاء في مصر، سواء المنتج محليًا أو المستورد، وظهر ذلك واضحًا في وقائع معروفة، منها استيراد منتجات غذائية محتوية على مادة الدايوكسين - وهي مادة سامة ومسرطنة تم منع تحليلها في المواد الغذائية ذات الأصل الحيواني، وممنوع تحليلها أيضًا منذ عام 2008 حتى الآن، نتيجة ضغوط من المستوردين في عهد وزير التجارة، رشيد محمد رشيد، فضلًا عن اللحوم الملوثة بطفيل الساركوسست، واستيراد أكباد بكميات هائلة من مخازن الدول الأجنبية لفترات كبيرة انتهت صلاحيتها، بالإضافة إلى ضعف الرقابة، خاصة في مصانع اللحوم التابعة لوزارة التجارة والصناعة، فضلًا عن تناول المصريين لحوم نافقة مصنّعة". المستوردون يضغطون لإصدار القانون استكمل طه: "من الثابت والمعروف أن جميع دول العالم المتقدم تعتمد في الرقابة الصحية للأغذية ذات الأصل الحيواني على البيطريين - وفي مصر تدرس كليات الطب البيطري دونًا عن غيرها الرقابة الصحية على الغذاء بالإضافة إلى العلوم المساعدة"، مشيرًا إلى أن النظام السابق قام عام 2000، بجعل الرقابة الصحية على الأغذية في أيدي وأجهزة السُلطات البيطرية في جميع المحافظات، وكان يتم الفحص المعملي في معامل الطب البيطري والمعامل المركزية لوزارة الصحة، وكان لأحدهم حق الفيتو والاعتراض، وهذا كان في صالح المستهلك". أشار طه، إلى أن رجال الأعمال يضغطون حاليًا في سبيل إصدار هذا القانون الذي تنص مواده على جعل هذه الهيئة - الوحيدة دون غيرها، المسؤولة عن سلامة الغذاء في مصر؛ إذ تقوم الهيئة باختيار فريق انتقائي يكون تابعًا لها، منوط به ما يمر من الغذاء، ما يؤدي إلى نزع دور المؤسسات البحثية والمعملية التي تراقب الغذاء في مصر، رغم أنها هيئات لها تاريخ في الراقبة الصحية على الغذاء، وبالتالي سيؤدي ذلك بالتبعية إلى انقطاع الصلة بين الفريق الانتقائي الذى تم اختياره وفق الأهواء الشخصية والمؤسسات العلمية. إلغاء الدور الرقابي للبيطريين لفت نقيب البيطريين السابق، إلى أن أهم ما يتضمنه هذا القانون، تشكيل مجلس من الأمناء لإدارة الهيئة - يضم من بين أعضائه، رجال أعمال مستوردين، ما يعني العمل لصالح كبار المستوردين، لتمرير صفقاتهم الغذائية، وإلغاء الدور الرقابي المباشر بجميع المحافظات المصرية، مردفًا: "من خلال هذه الهيئة سيتم إلغاء الدور الرقابي المباشر في جميع المحافظات - والذي يشمل رقابة الأطباء البيطريين والمفتشيين الصحيين على قطاع الغذاء بجميع المحافظات والقرى داخل الجمهورية، وبالتالي ستنزع هذه الهيئة اختصاصات تحتاجها مصر على منافذ الإنتاج والتوزيع ومصانع اللحوم والألبان وغيرها من المنتجات ذات الأصل الحيواني". وأوضح طه، أن إحدى الوحدات التابعة لوزارة التجارة والصناعة - والتي يرأسها الدكتور حسين منصور، قامت بإنشاء هذا المشروع المسمى بهيئة سلامة الغذاء، لاستقطاب كوادر من الأطباء البيطريين، خاصة في المعامل البيطرية - بموجب رواتب مبالغ فيها، حتى يضمن إخضاعهم، علمًا بأن المشروع تم رفضه من وزير الزراعة الأسبق، مؤكدًا أن وزارة التجارة والصناعة أوقفت فحص مادة الدايوكسين بمعامل وزارة الزراعة، رغم أنها مادة سامة ومسرطنة. قانون الطب البيطري حبيس أدراج مجلس الوزراء كشف طه، أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي صاغت مشروع قانون للطب البيطري، يشمل سلامة الغذاء والطب الوقائي والأدوية البيطرية، وقُدم إلى مجلس الوزراء، لكنه ظل حبيس الأدراج حتى ذلك الوقت، وتم إخراج قانون هيئة سلامة الغذاء بضغوط من المستوردين، رغم أن مشروع قانون الطب البيطري الذي أعدته وزارة الزراعة تم من خلال مشروع للتوأمة مع الاتحاد الأوربي - والذي يقوم فيه الأطباء البيطريين بدور محوري في مجال سلامة الغذاء. «عمومية البيطريين» ترفض مشروع القانون تابع نقيب البيطريين السابق: "آخر قرارات للجمعية العمومية للأطباء البيطريين - وهي جمعية عمومية غير عادية تم الاعتراض على هذا القانون، وقام رئيس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، بإرسال خطاب لي منذ شهرين يؤكد أنه لن يتم تمرير هذا القانون إلّا بعد أخذ رأي نقابة الأطباء البيطريين - طبقًا للمادة 76 و77 من الدستور"، مؤكدًا أن ذلك لم يحدث، وجارِ حاليًا تمرير القانون من جانب مجلس الوزراء". شروط لإنشاء هيئة سلامة الغذاء من جانبه قال الدكتور طلعت الخطيب، أستاذ سلامة الغذاء بكلية الطب البيطري جامعة أسيوط، إن هناك شروطًا لابد من تطبيقها لإنشاء هيئة لسلامة الغذاء في مصر، خاصة أن جميع الأغذية في مصر ملوثة، وأماكن تصنيعها غير مؤهلة، مستدركًا: "الغذاء لدينا لا يصلح للاستهلاك الآدمي.. هناك من يضع الصودا الكاوية على الفول المدمس لسرعة طهيه". شدد الخطيب، على ضرورة وجود غذاء صحي وآمن، وكذلك عمالة فنية مدرية ومتخصصة، حتى يتم تشكيل هيئة لسلامة الغذاء.