أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية بالمجلس الفيدرالي الروسي قنسطنطين كوساتشوف أن الحكومة قدمت للمجلس معلومات كاملة عن قيام دول أخرى بنشر أنظمة الدرع الصاروخية، مع ربطها بمعاهدة "ستارت ٣"، وأن المجلس سيبحث الالتزام بتلك المعاهدة يوم ١٠ يونيو المقبل. وقال كوساتشوف: إننا "نواجه اليوم عدم استعداد الولاياتالمتحدة من الناحية العملية للإقدام على الحد من أنظمة الدرع الصاروخية، ورفضها الحازم لإبرام معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية"، مشيًرا في الوقت نفسه إلى أنه لدى إبرام معاهدة "ستارت ٣" في عام ٢٠١١، تبنى البرلمانيون الروس إعلانًا تضمن الظروف التي تحتفظ روسيا في ظلها بحق فسخ المعاهدة، ومن بينها نشر الولاياتالمتحدة أو دولة أخرى أو مجموعة من الدول منظومة للدفاع الصاروخي قادرة على تخفيض فاعلية القوات الاستراتيجية الروسية. وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا صرحت بأن موسكو تحتفظ بحق اتخاذ الإجراءات الضرورية، بما فيها ذات طابع عسكري – تقني، على خلفية نشر منظومة الدرع الصاروخية الأمريكية في رومانيا. والمعروف أن معاهدة مواصلة تقليص الأسلحة الهجومية الاستراتيجية "ستارت ٣" تم توقيعها بين روسياوالولاياتالمتحدة في براج في أبريل عام ٢٠١٠، لتحل محل معاهدة "ستارت" لتقليص الأسلحة الهجومية الاستراتيجية الموقعة في عام ١٩٩١. وفي سياق ذي صلة، ذكر نائب رئيس الوزراء الروسي دميتري روجوزين أنه خلال الاجتماع مع الرئيس فلاديمير بوتين جرى تحليل مدى استعداد مجمع الصناعات الدفاعية الروسية للتعبئة، وقال: "من الواضح تماما أن الوضع في العالم يفرض علينا ضرورة الاستعداد لمختلف السيناريوهات للعمل، والاستعداد للتصدي للمخاطر من أنواع مختلفة، يعتبر بحد ذاته عاملًا رادعًا يحول دون تحقيق تلك المخاطر على أرض الواقع". وأضاف "روجوزين" "قمنا بتحليل كافة الإيجابيات والسلبيات المتعلقة بمدى الاستعداد لحالة الاستنفار في مختلف المنشآت، وقدرتها على تنفيذ المتطلبات الرئيسية في إطار الطلبية الدفاعية للدولة، والتي قد تكون الأكثر ضرورة وسرعة خلال ٣ أشهر"، كما أشار إلى أنه في شهر نوفمبر المقبل، على الأرجح، ستقدم قاعدة قانونية جديدة ستسمح بالرد على كافة النزاعات بأقل قدر من التكاليف. وشهد هذا الاجتماع أيضًا إطلاع الرئيس الروسي بوتين على تفاصيل سير التجارب وتغيير قواعدها، ما سيسمح على وجه السرعة بصناعة أسلحة تفوق، من حيث مواصفاتها التقنية، أسلحة الخصوم المحتملين. وطلب "بوتين" خلال الاجتماع مواصلة تشجيع ودعم مؤسسات المجمع الصناعي – العسكري في روسيا وتطوير قدراتها الانتاجية والتكنولوجية لاحقا، وقال: إن "القوات المسلحة الروسية تلقت في عام ٢٠١٥ حوالي ٤ آلاف وحدة جديدة من الأسلحة والمعدات العسكرية، ما يعني أن مؤسسات المجمع الصناعي – العسكري نفذت طلبية الدولة الدفاعية بنسبة ٩٧٪، وإن الجيش الروسي تسلَّم خلال العام الماضي أيضًا ٩٦ طائرة و٨١ مروحية و١٥٢ منظومة دفاع جوي صاروخية و٢٩١ محطة رادار، وغيرها من المعدات الأخرى». في الوقت نفسه، أكد الرئيس الروسي أن بلاده لن تنجر إلى سباق تسلح جديد، لكنها ستعدل خططها لإعادة تسليح الجيش بما يتناسب مع مستوى الخطر، كما أكد أن روسيا لا تنوي تجاوز مستوى الإنفاق المخطط له على إعادة تسليح الجيش والأسطول، لكنها ستعدل خططها في هذا المجال التي أقرتها منذ سنوات عدة، من أجل وقف المخاطر الناشئة على أمن الدولة. وجاءت هذه التصريحات تعليقا على تدشين أول قاعدة للدرع الصاروخية الأمريكية مزودة بمنظومة "إيجيس أشور" في رومانيا، والشروع في بناء موقع عسكري مماثل على الأراضي البولندية، كما لفت بوتين إلى أن الولاياتالمتحدة تستغل تأثيرها على وسائل الإعلام العالمية من أجل تضليل الرأي العام العالمي بشأن أهداف نشر الدرع الصاروخية، لكنها عاجزة عن إقناع المسؤولين العسكريين الروس بان هذه المنظومة تحمل طابعًا دفاعيًا بحتًا. وشدد الرئيس الروسي على أن "هذه المنظومة ليست دفاعية على الإطلاق، بل هي جزء من القدرات الاستراتيجية النووية للولايات المتحدة تم نقله إلى مناطق أخرى، وفي هذا الحال بالذات إلى أوروبا الشرقية"، مهددًا بشكل مباشر بقوله: "على أصحاب القرار بهذا الشأن (أي الذين قبلوا بنشر عناصر من الدرع الصاروخية الأمريكية في أراضيهم) أن يتذكروا أنهم عاشوا حتى اليوم بهدوء وأمان، أما الآن ، وبعد نشر عناصر الدرع الصاروخية في هذه المناطق، فإننا في روسيا سنضطر للتفكير في سبل وقف المخاطر التي تنشأ وتهدد أمن روسيا". وقال بوتين "كان خروج الولاياتالمتحدة بشكل أحادي من اتفاقية الحد من منظومات الدفاع الصاروخي، الخطوة الأولى نحو محاولة زعزعة توازن القوى الاستراتيجي بالعالم، أما هذه الخطوة (نشر عناصر الدرع الصاروخية في أوروبا) فستمثل الضربة الثانية إلى نظام الأمن الدولي، علما أنها تهيئ الظروف لخرق اتفاقية الحد من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى". والمعروف أن منظومات "إيجيس أشور" التي تنشرها واشنطن في رومانيا وبولندا، تمثل نسخة برية لمنظومات "إيجيس" الصاروخية التي تزود بها السفن الحربية الأمريكية، وهي قادرة على إطلاق صواريخ "توماهوك" متوسطة المدى.