رفض أن يكون المال وجمع مئات الآلاف من الجنيهات هدفًا يكرس من أجله الحياة مستغلًا مهنته التى تتيح له بكل سهولة تحقيق ربح يجعله ملكًا كسائر أبناء مهنته وهى مهنة "الطب"، فوجاهته الاجتماعية لا تعنيه فى شىء والتى يراها من وجهة نظره أن تكون محبوبًا وهذا لن يحدث إلا اذا كنت إنسانًا فى المقام الأول، فاختار أن يكون إنسانًا محاربًا للجشع قبل أن يكون طبيبًا. إنه "طبيب الغلابة" الدكتور يوسف رشدي بدروس، البالغ من العمر 59 عامًا، وهو المدير العام بإدارة الثقافة الصحية بمديرية صحة قنا، وطبيب "ممارس عام" لديه عيادته الخاصة في مركز نجع حمادي شمال محافظة قنا وحاصل على بكالوريوس الطب والجراحة، والذي ووصفه الأهالى بالفعل في نجع حمادى بمختلف قراها ونجوعها ب"طبيب الغلابة". بدروس يجري الكشف الطبي على المرضى في عيادته الخاصة بنجع حمادى شمال قنا ب"15 جنيهًا"، وهو الطبيب الوحيد في محافظات الصعيد الذي يبلغ سعر كشفه "15 جنيهًا"، محاربًا جشع الأطباء والمستشفيات الخاصة.
رُزق بدروس بابنين هما محب الطالب في كلية الآداب قسم تاريخ الفرقة الثانية، ومارينا الطالبة في الصف الثاني الثانوي العام، وعلى الرغم من ذلك حرص على مراعاة الحالة الاقتصادية للمواطنين في الكشوفات الطبية، فضلاً عن كون أبنائه يحملون نفس تفكير والدهم، قائلاً "الأسرة بأكملها تعرف أن الإنسان لابد أن يكون لديه الرضا بما يرزقه الله".
من أسيوط إلى قنا "رحلة الأسرة" يوسف رشدي بدروس ابن لأسرة من محدودي الدخل بمحافظة أسيوط، أتى مع أسرته ليعيش في محافظة قنا ثم في منطقة "بين المحطات" بنجع حمادي منذ مايقرب من 32 عامًا، ثم بدأ حياته في العمل في مديرية صحة قنا بجانب عيادته الخاصة.
"طبيب الغلابة" افتتح عيادته الخاصة منذ 23 عامًا بدورس افتتح عيادته الخاصة في نجع حمادي منذ ما يقرب من 23 عامًا، وبدأ رحلة السعر المخفض للمرضى، حيث تدرج سعر الكشف من جنيهين حتى وصل إلى 15 جنيهًا مخففًا العديد من الأعباء المادية والاقتصادية على المواطنين بالمدينة.
سر "طبيب الغلابة" يكمن في والديه يكمن سر السعر المخفض لإجراء الكشف الطبي لدى "طبيب الغلابة" في أسرته، التي أوصته عندما أنهي بكالوريوس الطب والجراحة ب"أن يكون رحيمًا على المرضى حتى يجني ثمار دعواتهم في أبنائه وأسرته"، وبلغت الرحمة معه مداها حيث كان يقوم بالاطمئنان على المرضى هاتفيًّا عقب إجراء الكشف الطبي عليهم.
"الأطباء لا يحبون الفلوس ولا يعشقونها ولكن يعبدونها" يقول بدروس إن الكشف الطبي في عيادته الخاصة يبلغ 15 جنيهًا، تحصل منها الممرضة على 10% أي ما يبلغ جنيهًا ونصف، قائلاً "الإخلاص في العمل وتخفيف معاناة المرضي، يجعل هناك بابًا مفتوحًا بينك وبين الله". بدروس يجري الكشف الطبي في المنازل في أي منطقة كانت بالمدينة أو قرية أو نجع ب50 جنيهًا، حتى لو أزدادت المسافة بين المدينة والمنزل الذي يذهب إليه. ويضيف بدروس أن هناك جشعًا وطمعا لدى الأطباء في جميع محافظات الجمهورية وليس محافظة قنا فقط، قائلاً مقولته الشهيرة التى يرددها دائمًا "الأطباء لا يحبون الفلوس ولا يعشقونها ولكن يعبدونها.. مهنة الطب بقت "جزارة". ولفت بدروس إلى أن القيمة المادية للكشف والعلاج الخاص بالمرضى قطعًا مخصومة من قوت أطفال أسرة المريض، لذلك فسيتم محاسبة الطبيب أمام الله على سعر الكشف الذى يقدمه لمرضاه.
ضغوطات ومشاكل لرفع سعر الكشف الطبي تعرض طبيب الغلابة للعديد من الضغوطات من قبل بعض الأطباء، وذلك في محاولةً منهم للضغط عليه لرفع سعر الكشف الطبي، فمنهم من حاول تشويه سمعته لدى المرضى وأهالى مدينة نجع حمادي، مشيرًا إلى أنه سيخدم الأهالى في أى مدينة كانت ولن يرفع سعر الكشف.
بدروس طبيبب الغلابة ب"لافتة واحدة" يعتبر بدروس الطبيب الوحيد في نجع حمادي الذي لم يقم بتعليق العديد من اللافتات الداعية له ولعيادته الخاصة، حيث لا توجد لديه سوى لافتة واحدة أعلى عادته الخاصة الكائنة في شارع 30 مارس بوسط مدينة نجع حمادي، وذلك بسبب اقتناعه أن الذي لم يعرفه اليوم سيعرفه في اليوم التالي.
وجاهة اجتماعية ولافتات من أجل رفع سعر الكشف يقول بدروس إن هناك العديد من أطباء نجع حمادي يقومون بشراء أجهزة أشعة تليفزيوني، ومن ثم يقوم بكتابة ذلك على اللافتات الدعائية لعيادته الخاصة، إلا أن تلك الأجهزة لابد أن يحصل الطبيب على دورات تدريبية قبل أن يستخدمها وتصل مدة تلك الدورات الى أشهر عديدة، وتمثل تلك الأجهزة لدى هؤلاء الاطباء "وجاهة اجتماعية"، فضلاً عن كونها أحد أهم العوامل لرفع سعر الكشف على المريض.
بدروس يرفض العمل في عيادته صباحًا يرفض طبيب الغلابة العمل في عيادته الخاصة صباحًا لكونه موظفاً في مديرية صحة قنا، ولا يمكن له أن يترك عمله في مديرية الصحة من أجل عيادته الخاصة، ولا يعمل صباحًا سوى يوم الجمعة من كل أسبوع لاقتناعه بأن الإخلاص في العمل أهم من أى شىء.
نقابة الأطباء تحدد سعر الكشف على المرضى "طبيب الغلابة" لديه العديد من المقترحات التى تخص الارتفاع الشديد في أسعار الكشوفات الطبية على المرضى وجشع الأطباء الذي انتشر خلال الفترة الماضية، كان أهمها أن تحدد نقابة الأطباء ووزارة الصحة أسعار الكشوفات الطبية بحسب التخصص الطبي والدرجة العلمية مع مراعاة الحالة الاقتصادية المتدنية للمواطن، قائلاً "فيه مواطنين بيقترضوا سعر الكشف من ذويهم لعدم مقدرتهم المادية".
الإهمال داخل المستشفيات الحكومية أكد بدروس أن الأطباء في المستشفيات الحكومية يلتزمون بعياداتهم الخاصة أكثر من عملهم داخل المستشفيات الحكومية، مما يؤدي إلى حالات الإهمال داخل تلك المستشفيات، مطالباً وزارة الصحة بأن تكون هناك رقابة وتعامل حازم مع هؤلاء الأطباء. وأضاف أنه لابد أن يكون هناك تغيير جذري في منظومة وزارة الصحة بكافة قطاعاتها، من أجل أن يتم الارتقاء بالمستشفيات والقضاء على حالات الأهمال، قائلاً "كان الله في عون المرضى".
السبب الحقيقي في نقص الأطباء بالوحدات الصحية كشف بدروس السبب الحقيقي وراء أزمة نقص الأطباء في الوحدات الصحية بالقرى والنجوع بمختلف محافظات الجمهورية، والتى بدأت منذ قرار وزير الصحة الأسبق الدكتور حاتم الجبلي إبان حكم مبارك بفتح باب تحويل أطباء الريف إلى المستشفيات من أجل سد العجز بها.
رفض الإضرابات وسلك الطرق القانونية رفض الدكتور يوف بدروس إضرابات الأطباء في المستشفيات الحكومية، والتي كان آخرها منذ شهور من أجل زيادة الرواتب حتى يتمكن الطبيب من تحسين معيشته، مطالبًا بسلك الطرق القانونية لتحقيق مطالبهم.