مبارك حصد ثمار الحرب والسلام وجمد مشروع تنمية سيناء رفع العلم في العريش واستعاد طابا ثم سكن شرم الشيخ مستوطنة "ياميت" دفنتها "اليمامة الحمراء" وبعد النصب التذكاري لا شيء شارك الرئيس الأسبق حسني مبارك في نصر أكتوبر وكان قائدًا للقوات الجوية وإليه نسبت الضربة الجوية ثلاثة عقود هي سنوات حكمه كلها، كما شارك في عملية السلام التي قادها الرئيس الراحل السادات بصفته نائبه الذي حضر معه جلسات وخطوات التفاوض. تسلم مبارك الحكم في أكتوبر ١٩٨١ عقب اغتيال الرئيس السادات وكانت إسرائيل قد بدأت انسحابًا أحاديًا وفقًا لجدول زمني كالتالي: في 26 مايو 1979: رفع العلم المصري على مدينة العريش وانسحاب إسرائيل من خط العريش رأس محمد وبدء تنفيذ اتفاقية السلام. في 26 يوليو 1979: المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلي من سيناء (مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع) من أبوزنيبة حتى أبو خربة. في 19 نوفمبر 1979: تم تسليم وثيقة تولي محافظة جنوبسيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام. في 19 نوفمبر 1979: الانسحاب الإسرائيلي من منطقة سانت كاترين ووادي الطور، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومي لمحافظة جنوبسيناء بعد شهور قليلة وقف مبارك ليرفع العلم المصري في العريش بعد اكتمال انسحاب إسرائيل من آخر نقطة استماتت للبقاء فيها، وشهدت مستعمرة ياميت آخر فصول المشهد الذي حاولوا أن يجعلوه دراميا بتدمير المدينة ودفنها بالكامل تحت الأنقاض بعد أن رفضت مصر كل العروض لتأجيرها وبقاء السكان الإسرائيليين فيها. و"ياميت" ليس اسم المدينه العربي أو المصري بل اسم اختاره المحتلون في سيناء كما فعلوا في كل أرض وضعوا عليها أقدامهم وخططوا ألا يتركوها أبدًا، هي واحدة من أكبر المستوطنات الإسرائيلية التى أقامها جيش الاحتلال الإسرائيلي في سيناء عقب حرب أكتوبر 1973، في الجانب الشمالي الشرقي من شبه جزيرة سيناء، على شاطئ البحر المتوسط، بين مدينتي رفح والعريش، وظلت مع الإسرائيليين سبع سنوات حتى تمّ إخلاؤها عام 1982. وكان من المخطط لها أن تصبح مدينة كبيرة، تتضمن ميناء عميق المياه، وتفصل قطاع غزة عن سيناء، وتستوعب ربع مليون مواطن، لتكون ثالث أكبر مدينة ساحلية في إسرائيل. لكن في صباح يوم 21 أبريل 1982، بدأت عملية إجلاء المستوطنين الإسرائيليين من “ياميت”، حيث وضع آريل شارون وزير الدفاع الصهيوني وقتها، ورئيس الوزراء فيما بعد -خطة سُمّيت ب “اليمامة الحمراء”، لإجلاء ألفي مستوطن يهودي من مستعمرة ياميت، وبدأ التنفيذ ذلك اليوم، بمشاركة عشرين ألف جندي، حاصروا المستوطنة يومًا كاملاً، وفي اليوم الثانى أذاعوا مطالبات لعدد من الحاخامات اليهود الذين يطالبون السكان بالخروج من المستوطنة، مؤكدين أنهم بصدد اقتحام المستوطنة. وحين فشلت كل المحاولات استعانت القوات الإسرائيلية بسلالم خشبية ارتفاعها خمسة أمتار تقريبًا لاقتحام المباني وإخراج المستوطنين، فبدأ المعتصمون في تكسير السلالم وإيقاع كل من تسلّقها، وإلقاء الإطارات المشتعلة، فاستخدم العسكريون الغازات المسيلة للدموع. ولجأت آخر مجموعة من المتطرفين من «رابطة الدفاع اليهودية» التي كان يتزعمها الحاخام مئير كاهانا، الى قبو محصن مهددين بالانتحار لكن القوات الإسرائيلية تمكنت من إخراجهم باستخدام مطرقة عملاقة على رافعة، دمرت أحد جدران الملجأ المبني بالأسمنت المسلح ولجأ الجيش الإسرائيلي إلى المروحيات لإجلاء المستوطنين عن أسطح المباني التي يسيطرون عليها، ورشهم بمادة رغويّة لزجة تُصيب مستنشقيها باختناقات أو أمراض، وبالفعل نجح الجيش في السيطرة على المعتصمين، وبدأ في نقلهم جميعًا خارج حدود منطقة “ياميت”، بعد صراع ثلاثة أيام متّصلة. ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين بيع مباني المستوطنة ومنشآتها لمصر إرضاء لسكانها الذين تم أجلاؤهم وأصدر بيجين أمرا بتدمير كل المساكن والمباني، ليفجّرها وزير الدفاع شارون، عبر سبعين شحنة من الديناميت – تزن كل واحدة منها مئة كيلو جرام –، وقامت حوالي خمسين جرافة بتدمير ياميت التي لم يبق منها سوى كتلة ركام من حجارة، لتنهي ياميت وتدفن كل منشآتها ومبانيها ما عدا المعبد اليهودي، لأن هدمه يخالف عقيدتهم، فتركوه وسجلوا عليه سباب وشتائم للجيش المصري. وانتقل عدد كبير من مستوطني ياميت إلى مستوطنات قطاع غزة وخصوصا نيفي ديكاليم، ووضعت عند مدخل الكنيس لوحة جدارية تمتد عدة أمتار ومعروفة باسم «جدار ياميت». وفي 25 أبريل 1982 رفع الرئيس الأسبق حسني مبارك العلم المصري على مدينة رفح بشمال سيناءوشرم الشيخبجنوبسيناء إيذانًا باستكمال الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً وأعلن اليوم عيداً قومياً مصرياً في انتظار استكمال تحرير كل سيناء بعد معركة طابا الشهيرة التي استمرت سبع سنوات من الجهد الدبلوماسي المصري المكثف. وللمفارقة فقد أطلقت حملة لجمع التبرعات لإعادة بناء المدينة باسم مدينة الفيروز وتواصلت شهورا وتم إقامة نصب تذكاري بالفعل للمدينة ثم لا شيء بعد ذلك، أما الرئيس مبارك فقد سكن شرم الشيخ لاحقا ونسى ما كان من أمر مدينة الفيروز ليستوطنها الإرهاب والبؤر الإجرامية.