تظل هناك بعض المعالم المرتبطة في أذهان أبناء سيناء بأيام الاحتلال الغاشم لهذه البقعة الغالية من أرض مصر، فبعضها لا يزال موجودًا إلى الآن، والبعض أندثر بين حبات رمالها، إلا أنها وبالتأكيد لم تترك إلا أثرًا واحدًا في نفوسهم، ألا وهو أثر الانسحاب المرير للصهاينة من أراضيها الزكية، "الوطن" ترصد أبرز تلك المعالم في سيناء، وهي كالآتي: 1- صخرة ديان: لا يزال نصب صخرة ديان جاثمًا على أرض الفيروز الطاهرة منذ عام 1967، مرتبطًا بذكرى سنوات الاحتلال البغيضة التي مرت على أهالي سيناء، يقول المؤرخ السيناوي عبدالعزيز الغالي، إن هذا النصب لا يحمل لدى أهالي سيناء سوى ذكريات الاحتلال المؤلمة وما تبعها من أفعال مشينة من العدو الإسرائيلي تجاه أهالي سيناء الذين قاوموه بكل ما لديهم، إيمانًا بدورهم في تطهير حبات رمالها من أقدام العدو النجسة. وأشار الغالي، في تصريحات ل"الوطن"، إلى أن بداية تلك القصة تعود إلى عام 1967، حينما سقطت طائرة عسكرية إسرائيلية بمدينة الشيخ زويد شرق مدينة العريش، بالقرب من رفح المصرية، وكانت تضم حينذاك 11 طيارًا إسرائيليًا لقوا حتفهم جميعًا، وأمر موشي ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك، بنحت صخرة ضخمة من جبل موسى بدير سانت كاترين لإضفاء نوع من القدسية على النصب المنحوت على ثلاث وجهات، الأولى على شكل أمرأة عربية تهرول على البحر تعبيرًا عن الخوف من الصهاينة، والوجهة الثانية جاءت على شكل خريطة سيناء وهي منكسة، والوجهة الثالثة على شكل خريطة فلسطين، بينما نحت عليها أسماء الطيارين الإسرائيليين على الصخرة باللغة العبرية، وثبتت في أعلى نقطة بالشيخ زويد ليراها جميع أهالي سيناء. ولفت الباحث السيناوي إلى أنه كان هناك العديد من المحاولات لتدمير هذه الصخرة من قبل أهالي سيناء، كما أن النشطاء طالبوا السلطات بهدمها ورفع علم مصر محلها في ذكرى تحرير سيناء عام 2012، لكن القدر حال دون حدوث ذلك. 2- مستعمرة ياميت: لم تكن يومًا مجرد اسم لمنطقة ضمن الأراضي المصرية، التي وضعت الدولة الصهيوينة يدها عليها في مرحلة ما من الزمن، لتكون وطنًا لسكانها، بينما ما زال حلم الرجوع إليها قائمًا، بحثًا عن الجنة المفقودة التي حولها المصريون إلى جحيم للصهاينة، وما زالت تشكل وجعًا للمحتلين والمستوطنين، إنها "ياميت"، القشة التى قصمت ظهر إسرائيل. تلك المنطقة واحدة من أكبر المستوطنات الإسرائيلية التى أقامها جيش الاحتلال في سيناء عقب حرب أكتوبر 1973، في الجانب الشمالي الشرقي من شبه جزيرة سيناء، على شاطئ البحر المتوسط بين مدينتي رفح والعريش، وظلت قائمة سبع سنوات حتى تم إخلاؤها عام 1982 عقب توقيع اتفاقية "كامب ديفيد" في عملية سميت ب"اليمامة الحمراء" شارك بها نحو 20 ألف جندي إسرائيلي حاصروا المستعمرة. عبدالعزيز الغالي يروي ل"الوطن"، أنه "لطالما تغنت إسرائيل بمستعمرة "ياميت"، وأن خروجهم منها كان غير متوقعًا لديهم، والدليل على ذلك المشاهد التي التقطها وسائل الإعلام العالمية خلال عملية الإجلاء التي شهدت استماته من الصهاينة لتركها، لأنهم كانوا يحلمون وقت إنشائها بأن تكون مركزًا للاقتصاد والتنمية، وحاضنة للسكان والمستوطنين واليهود المهاجرين، ولكنها كما كانت رمزًا للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي في مصر، فإنها تحوّلت إلى رمز لهزيمة الصهاينة، وإرادة وإصرار المصريين. الباحث السيناوي يضيف: "لم يكتفي الصهاينة من إجلاء بنو جلدتهم من الأراضي المصرية، إذ رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين، بيع مباني المستوطنة إلى مصر، إرضاءً لسكان المستعمرة الذين يحملون أملًا في العودة إلى جنتهم المنشودة، فأصدر بيجين قرارًا بتدمير كل المساكن والمباني، ليفجرها وزير الدفاع أرئيل شارون حينها، عبر شحنة من الديناميت تزن كل واحدة منها مائة كيلوجرام تم وضعها في ملاجئهم المحصنة، لتنهي ياميت بشكل كامل في رمال سيناء". 3- سيارات الأجرة "الخنزيرة - التمساحة" إذا كنت من خارج سيناء وتود الذهاب إليها، واخترت أن تسافر عن طريق سيارات الأجرة، فإن أول شيء سيجذب انتباهك عند ذهابك لمنطقة "المرج" وبالأخص موقف سيارات الأجرة الخاص بمحافظة شمال سيناء، هو انتشار سيارات الأجرة من طراز مرسيدس الذي يميز مركبات الأجرة لسيناء عن باقي مركبات المحافظات الأخرى المصفوفة في الحارات المتاخمة لها، ف"المرسيدس" الخنزيرة أو التمساحة كما يفضل أن يطلق عليها السكان المحليين في سيناء، تعد آخر بقايا الاحتلال. "سيارة رخيصة تسع 7 ركاب، ووسيلة انتقال جيدة".. هكذا يصفها عبدالعزيز الغالي، الذي أكد أن هذه السيارات موجودة منذ أيام الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن أول من أدخلها إلى سيناء هم سائقي غزة الذين كانوا ينقلون العمال من مدينة العريش إلى فلسطين وقتها، مختتمًا حديثه بأن هذه السيارات بدأت في التلاشي ولا يوجد منها سوى بضع سيارات.