إذا كان العند يورّث الكفر، فإن العناد المفرط من جانب رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، وحزبه الإسلامى العدالة والتنمية، يتسبب باستمرار فى زيادة زخم الحركة الاحتجاجية المناهضة لسياساته، واستفز أخيرًا رابطات مشجعى فرق كرة القدم الكبرى فى تركيا، لتنضم إلى صفوف المتظاهرين بعد 10 أيام على اندلاع الاحتجاجات التى بدأت ضد مشروع لتطوير ميدان تقسيم بوسط إسطنبول، وارتفع سقفها للمطالبة برحيل أبرز سياسى عرفته تركيا منذ عقود. كانت أول مسيرة للأولتراس من أنصار فرق كرة القدم الثلاثة الكبرى فى تركيا، فناربخشه وبشكتاش وجلطة سراى، مساء أول من أمس «السبت»، فى حيث قادوا مظاهرة كبرى إلى ميدان تقسيم، لمساعدة المتظاهرين فى مواجهة الشرطة، وقد أصبحت حديث الساعة بالنسبة إلى الحركة الاحتجاجية فى تركيا. ونقل راديو الحرية الأوروبى عن براق، 24 عامًا، وهو من مشجعى فريق بشكتاش، قوله «نحن نعتقد أن تركيا أصبحت دولة ديكتاتورية وأن حرياتنا تتقلص». وأضاف وهو يساعد فى بناء حاجز لمنع الشرطة من التقدم إلى داخل ميدان تقسيم أنه «لهذا، ومن أجل المستقبل، ومن أجل بلد حر، فإننا تناسينا خلافاتنا ونحاول أن نقوم بشىء معًا هنا». ولن يكون سهلًا على الإطلاق بالنسبة إلى أردوغان وحكومته أن ينهى الاحتجاجات فورًا مثلما دعا فى آخر تصريحاته، فانضمام هؤلاء المشجعين المتمرسين على مواجهة الشرطة، من شأنه أن يمنح جرأة أكبر للمحتجين على الاستمرار. الاشتباك مع قوات الأمن ليس بالأمر الجديد بالنسبة إلى المشجعين، لكن مشهد الأولتراس وهم يتناسون الخصومة الشديدة بينهم ويتوحّدون خلف قضية مشتركة يبدو غير معتاد بالنسبة إلى الجميع فى هذا البلد، خصوصًا بين جمهور الكرة. وبالفعل فقد تحدّى آلاف الأتراك الدعوة التى وجهها أردوغان يوم الجمعة، لوقف المظاهرات المناهضة للحكومة فورًا، وتجمّعوا مرة أخرى فى ميدان تقسيم بوسط إسطنبول، حيث اشتبكت قوات الأمن المدعومة بطائرات هليكوبتر وعربات مدرعة مع المحتجين قبل أسبوع. ورغم هذا فقد رفض حزب العدالة والتنمية «السبت»، إجراء انتخابات مبكرة، وقال حسين جيليك نائب رئيس الحزب الذى أسسه أردوغان منذ أكثر من عشر سنوات، إن الانتخابات المحلية والرئاسية ستجرى فى مواعيدها المقررة العام القادم وإن الانتخابات العامة ستجرى فى 2015. ومضى يقول «العالم يواجه أزمة اقتصادية والأمور تسير بشكل جيد فى تركيا. الانتخابات لا تجرى لمجرد أن هناك متظاهرين فى الشوارع». وقال إن «الحكومة التى لا تحظى بثقة الشعب لا يمكن أن تكون دائمة. وصلتنا رسالة الاحتجاجات ونحترم ذلك، لكن لا شىء يدعو للاحترام بالنسبة إلى أناس يرشقون بالحجارة». لكنه رغم كل هذه التصريحات فإن مراقبين يؤكدون أن الحركة الاحتجاجية تشير إلى وجود جيل جديد سيجعل من الصعوبة بمكان أن يواصل أردوغان قيادة البلد فى الاتجاه الذى كان يريد.