"إرادة الحياة" هو اسم القصيدة التي نظمها الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي قبل أكثر من 80 عامًا، وانطلقت على وقع كلماتها الشرارة الأولى لثورات الربيع العربي في تونس في عام 2011، ولكن بعد مرور خمس سنوات على "ثورة الياسمين" يبدو أن الشباب التونسي أراد مرة أخرى أن يذكر المسئولين بما قاله الشابي في قصيدته المنشودة: إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَاةَ فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَدَر وَلا بُدَّ لِلَّيْلِ أنْ يَنْجَلِي وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَنْكَسِر فخرج من جديد، رافعًا مطلبا واحدا وهو "الحياة". تحدى الشباب التونسى الغاضب حظر التجوال الذي فرضته الحكومة في ليلته الأولى، وواصلوا تحركاتهم الاحتجاجية في بعض المدن والأحياء، كما امتدت التظاهرات لتقترب من قصر قرطاج الرئاسي بمنطقة الكرم، ما دفع الجيش لنشر بعض وحداته في عدد من الولايات، حسبما أفادت وسائل الإعلام التونسية. المظاهرات الشبابية التي تندد بالبطالة والتهميش والظروف الاقتصادية السيئة التي يعاني منها قطاع واسع من الشعب، وصلت إلى حي التضامن وهو أكبر الأحياء الشعبية بالعاصمة تونس. وقام المتظاهرون في وقت متأخر من الليل بحرق عجلات مطاطية وقطعوا الطرقات، قبل أن تتدخل قوات الأمن بمساعدة مروحيات عسكرية لتفريقهم باستعمال الغاز المسيل للدموع، وقامت باعتقال بعض المحتجين. وكانت الاحتجاجات قد بدأت قبل عدة أيام بالتزامن مع ذكرى الثورة في ولاية "القصرين" على خلفية وفاة الشاب رضا اليحياوي، الذي مات صعقًا بالكهرباء أثناء محاولته اعتلاء أحد أعمدة الكهرباء، لتنفيذ وقفة احتجاجية تعبيرًا عن غضبه واستنكاره بعد أن حذفت السلطة المحلية اسمه من قائمة المقبولين للعمل في وزارة التربية. ومع زيادة حدة الاحتجاجات وتوسعها في مختلف أنحاء البلاد، أعلنت وزارة الداخلية التونسية أمس الجمعة فرض حظر تجوال ليلي في كافة أنحاء البلاد. الجبهة الشعبية حملت الحكومة مسؤولية تدهور الأوضاع وتدعو المحتجين لمواصلة النضال، وعلى الرغم من أن الحركة الشبابية بدأت بشكل عفوي من المحتجين على مقتل اليحياوي، فإنها قد اكتسبت دعمًا سياسيًّا واسعًا من مختلف التيارات. يترأس الجبهة الشعبية حمة الهمامي، وهي ائتلاف يضم عددا من الأحزاب السياسية والقومية، أعلنت دعمها للحركة الاحتجاجية الشبابية، وحملت الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية للمواطن التونسي وارتفاع البطالة والفقر. وطالبت الجبهة بتوظيف ضريبة استثنائية وظرفية على الثروات الكبرى، وحسم ملف الأملاك المصادرة على أسس قانونية وشفافة، وكذلك وقف نزيف التهريب والاقتصاد الموازي والفساد المالي والإداري، كما دعت المحتجين إلى مواصلة النضال من أجل إنجاح القضية. رئيس الحكومة الأسبق يدعو لاجتماع عاجل لإنقاذ تونس وثورتها من جهته، دعا رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام السابق لحركة النهضة، حمادي الجبالي، كل الأطراف السياسية الصادقة والفاعلين الاجتماعيين والشخصيات الوطنية للاجتماع من أجل إنقاذ تونس وثورتها، إما في مؤتمر أو لقاء أو حوار وطني. وأكد الجبالي أن ما تشهده البلاد من مطالب واحتجاجات شرعية، تثبت عجز النخبة السياسية بجميع أطيافها عن استيعاب رسائل الشباب المعطل والطبقات المهمشة والضعيفة والجهات المحرومة منذ عقود.