العمليات الانتحارية وخروجهم عن تعاليم الإسلام أبرز سماتهم المشتركة جماعة "الحشاشين" أو "الجهاد الإسلامي" كما كانوا يطلقون على أنفسهم هي جماعة تشبه كثيرًا "تنظيم داعش"، ظهرت بإيران في القرن التاسع الميلادي على يد "حسن الصباح" والذي كانوا يعتبرونه "الخليفة" أو "السيد" كما كانوا يطلقون عليه مثلما يعتبر داعش "أبو بكر البغدادي"، فكان هو صاحب الأمر والنهي. بداية ظهوره "التنظيم" انتشر في بلاد الشام أيضًا، وعُيِّن على كل مدينة واليًا يدير شؤونها مثل داعش، كان أشهرهم الشيخ (سنان) الذي عُيِّن على دمشق والذي حاول قتل صلاح الدين مرتين. وأعلنت الدولة العباسية والتي كانت تمثل الخلافة الإسلامية آنذاك جماعة الحشاشون بأنها "خارجة عن الدين"، والآن اعتبرت جميع الهيئات الإسلامية بما فيها الأزهر والاتحاد العالمي لعلماء المسلمون وهيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية الجماعة بأنها "خارجة عن الدين".
وجهان لعملة واحدة
"الحشاشون وداعش" انتهجا نفس الفكر تقريبًا، فمثلًا استخدام الحرب النفسية للانتقام من أعدائهم عن طريق القتل والاغتيالات والعمليات الانتحارية متجنبين المواجهة المباشرة مع الأعداء "تحت مظلة الإسلام والدفاع عن الدين"، فكانوا يحترفون القتل والاغتيال لأهداف سياسية حتى أصبح الموت بالنسبة لهم للتقرب إلى الله ودخول الجنة، فكان القتل والاغتيال وسيلة سياسية ودينية لترسيخ معتقداتهم ونشر الخوف في قلوب أعدائهم.
ولكنهم كانوا بعيدين كل البعد عن فهم الدين، فقاتلوا جميع الأطراف المسلمين وغيرهم، حيث قاتل الحشاشون الدولة العباسية وصلاح الدين، والصليبيين فكما يقاتل تنظيم داعش الآن في معظم الدول الإسلامية في الأغلب واتجه مؤخرًا الدول الغربية، ولكنه قام يقتل المدنيين وليس الجيوش.
الطاعة العمياء وكانت وسيلة الحشاشين الاغتيال المنظم، وذلك عن طريق تدريب الأطفال على الطاعة العمياء والإيمان بكل ما يلقى إليهم، وعندما يشتد ساعدهم يدربونهم على الأسلحة المعروفة ولا سيما الخناجر، ويعلمونهم الاختفاء والسرية وأن يقتل الفدائي نفسه قبل أن يبوح بكلمة واحدة من أسرارهم وبذلك أعدوا طائفة الفدائيين التي أفزعوا بها العالم الإسلامي آنذاك، وهو نفس ما يقوم به داعش الآن.
تحصن جنود الحشاشين آنذاك بقلاع وبيوت فاخرة، فكان أشهرها قلعة "آلموت" والتي كان يتحصن بها كبار القادة، واليوم نرى قادة داعش يبنون البيوت الفاخرة ولديهم ثراء فاحش، كما ذكر الهاربون من جحيم التنظيم.
جنة داعش وللسيطرة على اتباعهم، انتهج داعش والحشاشون سياسة "جنة الله على الأرض" فالتنظيم الآن يتخذ من النساء سبايا ويزوجهن لاتباعه ويعطي لهم أموالًا للزواج ورواتب كبيرة، فضلًا عن السيارات الفارهة والثراء الفاحش، وأيضًا كان الحشاشون في بعض الروايات يحاولون تقريب اتباعهم من مشاعر السعادة بالجنة التي يعدونهم بها فأنشأوا حدائق مليئة بالفواكه اللذيذة والقصور المزينة بالذهب والجواهر المزيفة وأنشأ قنوات مليئة بالعسل واللبن والخمر، كما جلب بداخلها جواري فاتنات ومحترفات في العزف والغناء والرقص ودربن على أغاني الغزل والسعادة وكان لايسمح لهن بالخروج من تلك القصور أبدًا، إضافة إلى ابتكار هندسة ذكية للمكان لإخفاء تلك الجنة عن العيون فلا يمكن لأحد دخولها إلا عبر ممر سري.
كانت هذه الهجمات التي يقوم بها الحشاشون تشن غالبًا في الأماكن العامة على مرأى ومسمع الجميع لإثارة الرعب، ونادرًا ما نجا الفدائيون بعد تنفيذ مهامهم، بل إنهم لجأوا في بعض الأحيان إلى الانتحار لتجنب الوقوع في أيدي الأعداء، وهو نفس ما قام به داعش في هجمات فرنسا، فقد هاجم المقاهي والمسارح والشوراع، وقتل بعض المهاجمين خلال المواجهة مع الشرطة في مسرح "باتكلان" فيما فجر أحدهم نفسه قبل القبض عليه.
مكر ودهاء وكان الفدائيون مدربين بشكل احترافي على فنون التنكر والفروسية في القتل حتى وصل بهم إلى التنكر واستطاعة الوصول إلى مكان صلاح الدين الأيوبي وقتل اثنين من الأمراء بينهم الأمير أبو قبيس، وأيضًا تنظيم داعش يتقن جيدًا التنكر بين سرب المهاجرين واللاجئين السورين ويتسللوا بينهم للوصول إلى أوروبا.