خلق جيلا من الإرهابين يتدربون على السلاح من سن العاشرة.. وذو القرنين يرسم ملامح مناهج «غسيل الأدمغة» للطلاب السوريين والعراقيين "السياسة الشرعية، والإعداد البدني، والتربية الجهادية.. هذه ليست عناوين لمؤلفات من العصور الوسطى، بل هي عناوين لبعض الكتب الدراسية التي وضعها تنظيم "داعش" الإرهابي للطلاب السوريين والعراقيين في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، وحصلت "التحرير" على نسخة من المناهج الدراسية التي يدرسها التنظيم لطلابه في الرقة والموصل، وهذه المناهج وضعت من أجل تربية الأطفال على حمل السلاح والعنف وإراقة دماء المخالفين لإيدولوجية التنظيم. اعتمد "داعش" نظاماً تعليمياً غريبا من نوعه، فاقتصر الدراسة في مرحلة ما قبل الجامعة على 9 صفوف فقط بدلاً من 12 صفاً دراسياً كما هو الحال في جميع الدول المحيطة بالعراقوسوريا، وهي الدول التي يسيطر التنظيم على أجزاء منها، ويقيم في تلك الأجزاء نظامه التعليمي. وأصدر التنظيم بياناً، أوضح فيه نظام الدراسة المعتمد في مدارسه، وبين السياسة العامة للعمل في المدارس التي تخضع لسيطرته، فيعتمد النظام التعليمي في "داعش" التاريخ الهجري في جميع المناحي الدراسية والعمرية، وحدد السن القبول في المدارس ب6 سنوات هجرية، وينقسم التعليم قبل الجامعي إلى ثلاث مراحل هي الابتدائية ومدتها 5 صفوف، والمرحلة المتوسطة مدتها صفين، والمرحلة الإعدادية (تعد الطالب للجامعة) ومدتها صفين، وبذلك يكون الطالب مؤهلا لدخول الجامعة في سن الخامسة عشرة، وتكون مدة الدراسة الفعلية 33 أسبوعاً، تنقسم إلى فصلين دراسيين الأول مدته 18 أسبوعا والثاني مدته 15 أسبوعاً، وتنقسم المادة التي يدرسها الطلاب على فصلين دراسيين، وحدد التنظيم العطلات الرسمية بالنسبة له في يوم الجمعة من كل أسبوع، والعشر الأواخر من شهر رمضان وعيدا الفطر والأضحى فقط، وتستغرق الاختبارات في نهاية كل فصل دراسي مدة أسبوعين. المناهج الدراسية ل" داعش"، والتي استغرق وضعها عدة أشهر، قسمان الأول موجه للمعلمين ويتمثل في دليل المعلم، وهو كتاب يضم التعليمات الخاصة بكيفية تدريس المادة العلمية للطلاب ويوجه المعلمين إلى نمط السلوكيات والإرشادات التي يسعى التنظيم إلى تطبيقها في المدارس، أما القسم الثاني من المناهج فهو موجه للطلاب، ويضم المنهج الكتاب الذي يدرس للطلاب بالإضافة إلى الأنشطة والمهارات التي يقدمها التنظيم لطلابه من أجل ترسيخ أفكاره ومعتقداته في نفوس هؤلاء الصغار. والمناهج الدراسية لطلاب "داعش" تنقسم إلى مناهج علمية وتضم مواد الفيزياء والكيمياء والرياضيات، ومواد شرعية وتضم مواد اللغة والدين والفقه والعقيدة بالإضافة إلى مواد التربية الجهادية والإعداد البدني للطلاب وهي مواد وضعت خصيصاً لتخريج أجيال قادرة على حمل السلاح ومشبعة بفكر الحرب والغزو والانتقام. صدر "داعش" جميع المناهج الدراسية الموجهة للطلاب بمقدمة واحدة، رغب من خلالها أن يصل إلى الطلاب أنهم على الطريق الصحيح، فجاء في المقدمة ما نصه: "فإنه بفضل الله تعالى وحسن توفيقه تدخل الدولة الإسلامية عهداً جديداً، وذلك من خلال وضعها اللبنة الأولى في صرح التعليم الإسلامي، على منهج الكتاب وهدي النبوة وبفهم السلف الصالح، والرعيل الأول لها، وبرؤية صافية لا شرقية ولا غربية، ولكن قرآنية نبوية بعيداً عن الهواء والأباطيل، وأضاليل الاشتراكية الشرقية، أو الرأسمالية الغربية، أو سماسرة الأحزاب والمناهج المنحرفة في شتى أصقاع الأرض". وعلى نفس هذا النهج تسير المقدمة التي كتبت بخط اليد وتم وضعها في بداية كل كتاب دراسي يدرسه الطلاب، يحاول واضعوها التفخيم من شأن التنظيم، ولا يأتي فيها ذكر "داعش" بل ذكرت فيها لفظ الدولة الإسلامية ودولة الخلافة في إشارة إلى أن كل من ينتمي إلى "داعش" ينتمي إلى دولة مترامية الأطراف تؤسس للخلافة الإسلامية بحسب مزاعم التنظيم الإرهابي. في كتاب العقيدة للصف الأول الشرعي، الفصل الدراسي الثاني، يضم فهرست الموضوعات أسماء الوحدات والمفردات التي يدرسها الطلاب، وتشمل: "تاريخ الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل، مراتب الدين، الإسلام، ركن الإسلام الأول، التوحيد وأقسامه، توحيد الألوهية، فضل التوحيد، التوحيد اعظم مصلحة والشرك أعظم مفسدة، شروط لا إله إلا الله، رؤوس الطواغيت، الديمقراطية، البعثية، القومية والوطنية، صفة الكفر بالطاغوت، الولاء والبراء، التشبه بالكفار. ويوجه الكتاب المعلمين الذين يقومون بتدريس مادة العقيدة إلى مجموعة من الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها التنظيم، وتشمل أن يتسلح الطالب بآية قرآنية أو حديث يحفظهما عن ظهر قلب يؤيد ما يعتقده، وأن تترسخ هذه العقيدة في نفس الطالب، وأن يعتز الطلبة بهذه العقيدة، وأن يدافعوا عنها، ويدعوا إليها متحملين مشاق الدعوة، وأن يحفظ الطلبة المتن مع الأدلة الموجودة بالدروس. في الحديث عن تاريخ الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل، يشير الكتاب إلى قصة غواية إبليس لسيدنا آدم عليه السلام، ويذكر الآيات القرآنية الواردة في هذا الشأن، ويقول الكتاب ما نصه: "كان هذا العناد و الاستكبار منه – في إشارة إلى رفض إبليس السجود لآدم - الشرارة لانقسام الخليقة جمعاء إلى فريقين أو حزبين، فريق المؤمنين يتقدمهم أبونا "آدم" وفريق الكافرين يتقدمهم إبليس لعنه الله". ويستمر الكتاب في ذكر امثلة مجتزأة من التاريخ حتى يصل إلى أن نبي الإسلام محمد – صلى الله عليه وسلم- جاء لهداية الناس كافة، وسار على دربه الخلفاء الراشدون، ويستمر الكتاب حتى يذكر في صفحتي 9 و10: "ثم مرت السنون فتجرأ عباد الصليب وأهل الكفر على ديار الإسلام، وأعادوا الجاهلية وطمسوا معالم الحق، فانبرى لقتالهم خيار الأمة وأذاقوهم المر والعلقم"، وذلك في إشارة إلى ما يفعله " داعش" خلال هذه الأيام. وفي صفحة 35 من الكتاب ذاته، يصف الكتاب الشيعة بأنهم رافضة، وينعتهم هم والصوفية بأنهم من الطواغيت الذين يعبدون ما دون الله وهم راضون، وفقاً لتعبير الكتاب. ويكفر الكتاب أعضاء المجالس النيابية، ومن يحكمون بالقوانين الوضعية، وأعضاء المجالس التشريعية، والقضاة في المحاكم الوضعية.
أصول الفقه أما كتاب أصول الفقه المقرر تدريسه على طلاب نفس الصف، فيضم تمهيداً لأصول الفقه، والسنة والإجماع، وشروط القياس، وشروط العمل بالاستصحاب، وشرع من قبلنا، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع. ويكفر الكتاب من حكم بغير ما أنزل الله، كما يؤكد وجوب الجهاد على المسلم، ووجوب ستر وجه المرأة، ويدلل على كل فرضية يسوقها بآية من القرآن الكريم دون أن يذكر آراء الفقهاء وعلماء الدين في القضية، ودون ان يذكر أدلة أخرى من القرآن والسنة ربما تفند ما يقول. بينما جاء كتاب الدراسي الأول في الجغرافيا المقرر على طلاب الصف الأول الشرعي والعلمي في 4 وحدات، الأولى تحدثت عن دراسة الظواهر الطبيعية على سطح الأرض، والوحدة الثانية، تناولت التضاريس وتبنت تفسيراً موجزاً لنشوئها، والوحدة الثالثة تناولت موضوع الطقس والمناخ، والوحدة الرابعة فتناولت العمليات الجيومورفولوجية على سطح الأرض. الإعداد البدني .. على طريق العنف أما كتاب الإعداد البدني والمقرر تدريسه على طلاب المرحلتين المتوسطة والإعدادية، فهو كتاب موضوع لتربية النشء على العنف وحمل السلاح، ويعتبر الكتاب في مقدمته التي تلي المقدمة العامة أن الجهاد نعمة أنعم الله بها على المسلمين بعد نعمة الإسلام، وتقول لجنة تأليف الكتاب: "في هذا الكتاب نقدم برنامجاً خاصاً للياقة البدنية بأشكال متنوعة لتحقيق لياقة عالية والدخول ضمن قوله عليه السلام المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وفي كل خير"، وتحتوي المادة على تمارين الإحماء وبعض التمارين السويدية، وتمارين الإطالة لزيادة اللياقة البدنية وليكونوا مؤهلين لدخول دورة لياقة بدنية مكثفة وعالية، وتم إضافة معلومات عسكرية عن البندقية الخفيفة " AK47 أو الكلاشينكوف" . هذه المناهج تؤكد مدى الخطورة التي أصبح عليها تنظيم " داعش" الإرهابي، حتى بات لا يقتصر شره على مناطق نفوذه فقط؛ بل يتمدد كثعبان في الرمال ينفث سموم أفكاره في كل مكان، وبعد سيطرة التنظيم الإرهابي على مدينة " سرت" الليبية باتت الحاجة إلى معرفة كل التفاصيل الخاصة بذلك التنظيم ملحة وضرورية لمعرفة كيفية مواجهته. ومصر لم تعد بعيدة عن مرمى نيران "داعش"، والأخطر من العمليات العسكرية للتنظيم هو عمليات "غسيل الأدمغة" والأفكار والمعتقدات التي يؤمن بها أعضاؤه، وهي الخطر الأكبر؛ لأن معتنقيها لا يؤمنون بالنقاش والحوار؛ ولكن يؤمنون بأنفسهم وأفكارهم وما دونها فهو محض كفر يجب القضاء عليه. وبدأ تسريب مناهج "داعش" خارج حدود المناطق التي يسيطر عليها في سورياوالعراق عن طريق اسطوانات مدمجة كنوع من حروب القوى الناعمة لغزو العقول، وتوسيع دائرة التساؤلات حول التنظيم الأعنف في العالم، وكيف يفكر ؟ وكيف يتعلم أبنائه؟ وماذا يدرسون؟ من أجل توسيع دائرة مريدي التنظيم في المنطقة، ومن أجل كسب أعوان جدد في المستقبل أو حتى لإلقاء مزيد من الخوف في قلوب أعداء التنظيم. وفطنت مصر مؤخراً للخطر الذي تمثله مناهج "داعش"، والدليل على ذلك التقرير الذي أصدره مرصد الفتاوي التكفيرية التابع لدار الإفتاء حول المناهج الدراسية للتنظيم الإرهابي، وما يسعى إليه الداعشيون من خلال تلك المناهج والأفكار المسمومة التي يرغبون في بثها في عقول الأجيال القادمة للسيطرة عليهم وتحويلهم إلى جنود في جيش التنظيم الإرهابي. ما ألمح إليه مرصد الفتاوي التكفيرية، في تقريره السالف ذكره، غاية في الخطورة، ويدلل على أن القائمون على شأن التعليم داخل التنظيم على درجة عالية جداً من الوعي وإدراك ما يفعلون، فقد لجأ هؤلاء إلى استخدام مسميات من شأنها دغدغة مشاعر الملايين من أنصاف المتعلمين والأميين ومدعي التدين على مستوى الوطن العربي، ومن ذلك مثلاً استبدال التنظيم وزير تعليم داعش مسمى وزارة التربية والتعليم المتعارف عليه في كل المنطقة بمسمى آخر يسحب رداءه القديم وهو ديوان التعليم؛ بل الأكثر من ذلك أن الوثائق والتعميمات التي بدأ تسريبها من داخل ديوان المدارس تحمل توقيع رئيس الديوان وهو شخص أطلق على نفسه "ذو القرنين" في إشارة إلى قصة ذو القرنين التي وردت في القرآن الكريم، ووفقاً للباحث العراقي أحمد الملاح فإن المسؤول عن تأليف تلك المناهج واحد من قيادات التنظيم وهو مصري الأصل ألماني الجنسية، ولقي "ذو القرنين" مصرعه في يوليو الماضي بعد أن انتهى من وضع النظام الأولى لديوان المدارس، وكان يحصل على ألفي جنيه إسترليني نظير توليه مسؤولية ديوان التعليم، وأغلب الوثائق والتعميمات الصادرة عن ديوان التعليم والتي تم تسريبها، مؤخراً، ممهورة بتوقيع "ذو القرنين"، وبعد مقتله تم الكشف عن هويته فهو رضا صيام مصري هاجر إلى ألمانيا وحصل على الجنسية الألمانية، وتم تصنيفه كشخص متطرف من قبل السلطات الألمانية. واتهم بالضلوع بالتخطيط وتنفيذ تفجيرات بالي في اندنوسيا عام 2002 والتي راح ضحيتها 202 قتيل و240 جريح والحاق اضرار مادية كبيرة بالممتلكات، بعد بدء الأزمة السورية توجه إلى سوريا وعمل مراسلا لقناة الجزيرة في سوريا وأنجز العديد من التقارير لصالح هذه القناة. وقالت عنه زوجته الأولى التي تركته بعد 15 عاماً من زواجهما، فى نفس العام الذى وقع فيه تفجير بالى إن "زوجها شخص متعصب، ومنذ ذلك الحين تتم حمايتها ضمن برنامج "حماية الشهود"، وقام المدعى العام فى ميونيخ بالتحقيق مع صيام وسبعة آخرين بتهمة الانتماء إلى "منظمة إجرامية"، والتحدث عبر شبكة الإنترنت إلى الشباب الألمانى من المتحولين إلى الإسلام من أجل ضمهم إلى الجهاد ضد الغرب. أجيال من الإرهابيين الواقع الحالي يؤكد أن التنظيم الإرهابي لديه استراتيجية محددة بدقة لتخريج أجيال من الإرهابيين الذين يعتنقون أفكاره ومعتقداته، وهو يعمل على تنفيذ تلك الاستراتيجية بمنتهى الدقة، واللعب في العقول أو السيطرة على أدمغة الأطفال والشباب في سن التعليم أحد بنود تلك الاستراتيجية، والمناهج التي تم الكشف عنها والتي بدأ تدريسها لأكثر من 600 ألف طالب سوري وعراقي بدءاً من العام الدراسي الحالي تؤكد أن الهدف من وراء التعليم الداعشي هو تخريج مقاتلين يؤمنون بعقيدة التنظيم إلى أقصى درجة. والمتأمل في طريقة التنشئة التي ينشئ عليها التنظيم أطفاله الصغار أو من يجبرهم على الانضمام له، يجدها قريبة الشبه بأسلوب التربية الذي اتبعته جماعة الإخوان الإرهابية في مصر، منذ عقود خلت، حيث كانت تهدف الجماعة إلى تخريج أجيال من الإخوان معتنقي فكر الجماعة وعقائدها يدينون بالولاء لجماعتهم أكثر من ولائهم لبلدهم ووطنهم، ولم تفطن الأنظمة القائمة في حينها لذلك الخطر، حتى وصل الأمر إلى ما هو عليه الآن. قصة مناهج داعش قبل يونية 2014، لم يكن هناك حديث يذكر حول التفكير في وجود مناهج دراسية تخص التنظيم الإرهابي؛ ولكن بعد هذا التاريخ بدأ الحديث بقوة عن استعداد "داعش" لتدريس مناهجه الخاصة للطلاب، خاصة بعد أن تمكن التنظيم من السيطرة على مدينة الموصل ثاني أكبر مدينة عراقية من ناحية المساحة والسكان؛ ولكن بعد سقوط الموصل بدأ الأمر يختلف. وظهرت فكرة إعداد مناهج دراسية تتوافق مع الفكر الإيدولوجي للتنظيم الإرهابي، وقد عقد ديوان المدارس اجتماعه الأول في الموصل واختار نخبة من كوادره في هذا المجال، وأجبر التنظيم جامعة الموصل على إخلاء المكتبة المركزية للجامعة لتكون مقراً لاجتماعات لجنة تأليف المناهج التي كان علمها مقتصراً على وضع مناهج دراسية تمكن التنظيم من الحصول على جنود في سن المراهقة يعتنقون أفكاره ويؤمنون بمعتقده ويكونوا على درجة جيدة من الصحة البدنية. ووفقاً لشهادات عدد من موظفي جامعة الموصل ومقربين من بعض واضعي المناهج الدراسية للتنظيم؛ فإن عمل اللجنة استمر قرابة ال9 أشهر، ولم يكن أحد من العاملين بجامعة الموصل يستطيع الاقتراب من المكتبة المركزية مقر عمل اللجنة طوال تلك الفترة، وأنه اشترك في إعداد تلك اللجان نحو 50 عضواً بعضهم كانوا معلمين محالين على سن المعاش وأساتذة جامعات متقاعدين، والبعض الآخر كانوا من المنتمين فكرياً للتنظيم وهؤلاء هم من كانوا يرسمون الملامح العامة للمناهج التي كانت عبارة عن تجميع من كتب ومناهج دراسية قديمة وصياغتها بما يتوافق مع فكر التنظيم، وقد كان المشرف على تلك اللجنة رئيس ديوان التعليم بنفسه. الوثائق تكشف أن "داعش" سعى لتوفير كوادر تعليمية لتدريس مناهجه الدراسية في المدارس التي سيطر عليها في مناطق نفوذه، من خلال فتح باب التسجيل للمعلمين في تلك المناطق لتوظيفهم في ديوان التعليم؛ لكن بشرط أن يكتب المعلم الذي يعمل في مدارس "داعش" استتابة عن المناهج التي كان يدرسها في السابق، وأن يقر بتوبته عن تلك المناهج التي يراها التنظيم مناهج دنيوية وضعت من أجل عرض الدنيا الزائل، وأنها مليئة بالأخطاء الشرعية التي يجب التوبة عنها. في تعميم رقم 1 من مديرية المناهج التابعة لديوان التعليم بتنظيم داعش، حصلت "التحرير" على نسخة منه، يكشف التعميم أن مسؤول المناهج شخص يدعى أبو رامي، ويوضح التعميم إلغاء مواد التربية الفنية الموسيقية، والتربية الوطنية، وشطب جملة الجمهورية العربية السورية أينما وجدت واستبدالها بالدولة الإسلامية وطمس جميع الصور التي لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، وعدم تدريس مفهوم الوطنية والقومية وإنما الانتماء للإسلام وأهله والبراءة من الشرك وأهله وأن بلاد المسلم هي البلاد التي يحكم فيها شرع الله، حذف أي مثال في مادة الرياضيات يدل على الربا أو الفوائد الربوية أو الديمقراطية أو الانتخاب، حذف كل ما يتعلق بنظرية دارون أو رد الخلق للطبيعة أو الخلق من عدم من مادة العلوم، التنبيه على أن قوانين الفيزياء والكيمياء هي قوانين الله في الخلق. ومن الأمور الخطيرة جداً، إصرار التنظيم على تدريس سيناء باعتبارها ولاية من الولايات التي يجب أن تكون خاضعة للتنظيم، ففي كتاب الرياضيات المقرر على طلاب الصف الخامس بالمرحلة الإبتدائية جاء مثال يقول: "مسجد في ولاية سيناء فيه 9 صفوف، كل صف يستوعب 131 مصلياً فكم عدد المصلين الذين يستوعبهم المسجد؟". وفي تعليقها على الوضع بالنسبة للتعليم في سورياوالعراق بعد إنشاء "داعش" لديوان التعليم، قالت جولييت توما، المتحدثة باسم المكتب الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "أكثر من مليوني طفل في العراق خارج المدرسة بسبب العنف، وأكثر من 5 آلاف مدرسة في العراق غير قابلة للاستخدام لأنها دمرت أو تضررت أو تحولت إلى ملجأ"، مشيرة إلى أن عدد الطلاب في الصف الواحد يصل إلى 60 طالبًا، وأن تنظيم "داعش" يقضي على التعليم"، وربما يكون التنظيم يقضي على التعليم الذي ترعاه الدولة العراقية والسورية ليقر هو النظام الذي يراه من أجل إخراج أجيال لا تفهم شيئا سوى سفك الدماء والقتل الممنهج والذبح على الطريقة الداعشية.