حسنا فعلت المملكة عندما دفعت بالأمير خالد الفيصل تجاه القاهرة بعد الفتور الذي أصاب العلاقات بين القاهرةوالرياض خلال الفترة الماضية.. وزيارة الأمير ليست زيارة عادية، وإنما تعد زياره ذات طابع خاص.. تكتسب أهميتها من عدة أوجه أولها يتعلق بالجانب الشخصي للأمير الزائر والثاني بتوقيت الزيارة والثالث بالبرنامج الذي تم إعداده. أما عن الجانب الشخصي.. فالأمير خالد يتمتع بمكانة كبيرة، وله حضور سواء داخل المملكة أو خارجها.. فهو نجل الملك فيصل رحمه الله الذي يتمتع بحب العرب جميعا.. وله مكانة خاصة في قلوب المصريين وذلك لمواقفه التاريخية التي لا تنسى وأولها موقفه الشجاع في حرب أكتوبر المجيدة.. كان الملك فيصل حكيم العرب وهو أقرب ملوك السعوديه لقلوب المصريين.. وستظل مواقفه نبراسا للأجيال القادمة.. وسيبقى هذا الملك رحمه الله علامة فارقة في تاريخ المملكة فقد أتاه الله موهبة الحكم والقوة والشجاعة والحكمة والفصاحة. عرف الملك سلمان قدر الأمير خالد الفيصل فكان من أولى قراراته عقب توليه الحكم إعادته إلى إمارة منطقة مكه ثم استأثر به لنفسه مستشارًا ومبعوثا خاصًا.. وبعودة الأمير خالد إلى إمارة مكة يكون قد عاد إلى موقعه الأصلي الذي تولاه عام 2007 وتركه في 2013 للأمير مشعل نجل الملك السابق عبد الله وذلك في إطار ترتيبات خاصة بمقتضاها تم نقل الأمير خالد ليتولى حقيبة وزارة التعليم. والأمير خالد الفيصل عضو بهيئة البيعه عن والده ، وتخرج من جامعة أكسفورد بعد أن درس العلوم السياسيه بها ..وهو شاعر وأديب ورئيس مؤسسة الفكر العربي وأحد مؤسسيها ومهموم بقضايا الأمه العربيه وهي الصفه التي ورثها عن والده، ومهتم بشئون الثقافه والفكر والتعليم ، ويحظي بمكانه كبيره داخل الأسره الحاكمه حتي أن ولي العهد الأمير محمد بن نايف يرفض أن يجلس في الصداره في وجود الأمير خالد الفيصل الذي يجلس في المكان المخصص لولي العهد وحدث ذلك مؤخرا أثناء استقبال الأمير محمد بن نايف لحشد من الأمراء والمسئولين في قصر السلام بجده . جاء الأمير خالد إلى القاهرة في مهمة دبلوماسيه رفيعة المستوي تتلخص في ترميم العلاقات وإزالة الشوائب التي تناثرت خلال الفتره الماضيه بسبب إختلاف وجهات النظر في بعض القضايا الإقليميه والتي أعقبها تلاسن إعلامي من هنا وهناك ، وتبادل المنصات الإعلاميه التراشق الحاد . وتأتي الزياره التي تستغرق 5 أيام بمهام وقضايا مصريه وعربيه ..حيث بدأت بمؤتمر لمؤسسة الفكر العربي التي يرأسها الأمير خالد والذي انعقد برعايه جامعة الدول العربيه وحظيت بحضور رسمي رفيع المستوي من مصر ، وتضمنت رسائل من الأمير إلي الأمه العربيه بضرورة تضافر الجهودلمواجهة الإرهاب ، والتعاون في تلك المرحله التي تشهد مخاض فكري وثقافي وتعليمي ..وأطلق الأمير خالد في نهاية رسالته التقرير العربي الثامن للتنميه الثقافيه والذي تضمن محاور للتكامل العربي ،واشكاليات الهويه العربيه ،ومشروع الدوله الوطنيه ، والثقافه العربيه في الأوضاع المضطربه . وخلال الساعات القليله القادمه يلتقي الأمير خالد الفيصل مع قيادات ورموز العمل السياسي والإعلامي في مصر ..وتتجه الأنظار إلي هذا اللقاء الذي سيعتمد علي خبرة وحنكة الأمير السعودي في إحتواء مواطن الخلاف وإعادة العلاقات إلي المنطقه الدافئه .. وأعتقد أن النتائج ستكون جيده لأن اللقاء يأتي وسط بوادر إيجابيه بدأت منذ أيام بزيارة رئيس الحكومه المصريه المهندس شريف إسماعيل إلي الرياض بصحبة عدد من الوزراء لتدشين المجلس التنسيقي بين البلدين والذي أمر الملك سلمان بتأسيسه . إن العلاقات بين مصر والمملكه لا يمكن أن تتأثر بمقال في صحيفه ، ولن ينل منها برنامج في فضائيه .. وعلاقة الشعبين المصري والسعودي هي علاقه راسخه لن يعكر صفوها أي شائبه ولن تؤثر فيها أي أحداث.