وزير التموين الأسبق: - العاصمة الإدارية ضررها أكثر من نفعها.. وتطبيق التسعيرة الجبرية مستحيل - تطوير الصرف المغطى مشروع قومى.. والزراعة منسية - كلمة «صناعة وطنية» اختفت من تاريخ الحكومات.. والطريقة التى تتعامل بها الحكومة مع ملف الأسعار خاطئة - سوق المبيدات والمخصبات غابة ترتع فيها الاحتكارات والشركات الخاصة يرى الدكتور جودة عبد الخالق، وزير التموين الأسبق وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن تركيز «أنغس ديتون» على تحليلات الفقر والاستهلاك والرفاهية منحته جائزة نوبل للاقتصاد، ويرى أيضا فى حواره مع «التحرير» أن نفس هذه النقاط الثلاث هى التى سوف تنقذ مصر من وضعها الاقتصادى المتأزم، ويمتلك جودة عبد الخالق رؤية متكاملة حول هموم الاقتصاد وأزمات الفقر والفقراء، وهذا نص الحوار.. إنتاج مهمل - كيف تقيِّم معدلات الاستهلاك فى إطار مستويات الدخول فى مصر؟ نحن هنا نهتم بالمواطن، والمواطن يحيا فى إطار الوطن، والاقتصاد والمعادل الأساسى للدخل هو الإنتاج، وإذا حدثت مشكلة فى الإنتاج فحتما سيحدث تأثير على الاستهلاك من حيث الكم والكيف أيضا والأسعار، وبالنسبة إلى الإنتاج الذى يشكل الدخل القومى المصرى وبالنسبة إلى 90 مليون مصرى فيمكن جدا أن يكون هذا الدخل القومى كافيًّا، ولكن هناك مَن يحصل على دخل بالملايين ومَن يحصل عليه بالملاليم، وهذا النوع الأخير قدرته الشرائية لن تمكنه حتما من استيفاء متطلباته الأساسية، وحين نتحدث عن الاستهلاك لا بد أن نعرف أن الإنتاج مردوده الاستهلاك، وبما أن الإنتاج مهمل إهمالا شديدا فمن الطبيعى أن الاستهلاك لن يكون جيدا. أسعار عالية - ما مظاهر إهمال الإنتاج فى مصر؟ الصناعة والزراعة موردان منسيان فى مصر، ونعتمد فقط على التجارة، ولذلك فإن نسبة الاستيراد من السلع الغذائية إلى إجمالى الاستهلاك تقترب من 50% فى المتوسط، وبالتأكيد فهى أكثر من هذا المتوسط فى حالة القمح، وكذلك زيوت الطعام نستورد منها نحو 80% من الكميات التى نستهلكها، ولذا فإن إهمال الإنتاج مع الخطأ فى السياسة الاقتصادية فى ما يتعلق بسعر الصرف بما يؤدى إلى أن السلع إذا توافرت للمواطن سوف تتوافر بأسعار أعلى من قدرته الشرائية وهذه قضية شديدة الخطورة. إهمال زراعى - إذن نحن نتحدث عن إهمال الإنتاج بشقيه الزراعى والصناعى.. فما أوجه إهمال الزراعة؟ إهمال القطاع الزراعى له عدة مظاهر، أولًا أن الاستثمارات العامة الموجهة إلى الزراعة تتضاءل بشدة، ففى أوائل الثمانينيات كانت الاستثمارات العامة فى قطاع الزراعة تمثل 10% من الاستثمارات العامة الإجمالية، أما الآن فهذه النسبة انخفضت إلى 3%، ومع الأخذ فى الاعتبار معدلات التضخم ومعدلات زيادة السكان نكتشف أن هذه النسبة هزيلة. ثانيا: تم تدمير البنية الزراعية فى مجال البحث والتطوير والإرشاد فى إطار مشروع بحثى مولته أمريكا فى الثمانينيات تحت مسمى «المشروع القومى للبحوث الزراعية- نارب»، وهو مشروع تم عقب تخصيص هيئة المعونة الأمريكية مبلغ 300 مليون دولار وقتها لتطوير البحوث فى قطاع الزراعة، فأحضروا خبراء زراعيين من مصر وأمريكا وإسرائيل ولعبوا فى أحشاء مجال البحوث وأوقفوا مركز البحوث الزراعية عن تطوير السلالات والهندسة والوراثية وأوكلوا الأمر إلى الشركات الخاصة الأجنبية، وكذلك حولوا بنك التنمية الزراعى إلى بنك تجارى، كما قاموا بإلغاء الدورة الزراعية بحجة أنها تتعارض مع سيادة الفلاح، وإلغاء الدورة الزراعية جريمة. ثالثا: دور وزارة الزراعة فى الإرشاد والتوجيه انعدم، كما أن دور الحكومة ككل وقدرتها على ضبط إيقاع سوق مستلزمات الإنتاج الزراعى انحدر، مما أدى إلى تحول سوق البذور والمخصبات والمبيدات الزراعية إلى غابة ترتع فيها الاحتكارات وأصحاب الشركات الخاصة، من ثم فإن غياب دور بنك التنمية والائتمان الزراعى والجمعيات الزراعية فى عمليات التسويق ومد الفلاح بالبذور أصبح بين المطرقة والسندان. وهناك أباطرة يتحكمون فى سوق المحاصيل الزراعية ويتمركزون فى السادس من أكتوبر وسوق العبور والإسكندرية وهم بمثابة قبضايات. وآخر صناعى - ما أوجه إهمال الصناعة؟ إهمال الصناعة ليس وليد العام، بل بدأ مع تفكيك القطاع العام وخصخصته، وكانت النتيجة أن الدولة لم تعد لاعبا أساسيا فى قطاعات صناعية حيوية مثل قطاع الأسمنت، ف80% من مصانع الأسمنت إيطالية ومكسيكية، ثانيا توقفت وزارتا التخطيط والصناعة عن وضع خطط للصناعة، ثالثا انعدمت كل أوجه وأساليب وبرامج التدريب البحثى والتطوير لصناعة وطنية، وكلمة صناعة وطنية اختفت من القاموس، بالإضافة إلى إهمال إنتاج السلع التى تدخل فى التجارة الدولية مثل الصناعات الهندسية، بل والتمادى فى إنتاج السلع التى لا تدخل فى التجارة الدولية مثل العقارات. إهمال ما بعد الثورة - وهل استمر الإهمال الصناعى والزراعى لما بعد ثورتى يناير ويونيو؟ بالطبع استمر، لأن الفكر لن يتغير، ويؤسفنى أن أقول هذا الكلام، ولكنى كنت فى المطبخ السياسى بعد الثورة وزيرًا للتموين وأعلم جيدا ذلك، فمثلًا حينما اقترحت على وزير الزراعة وقتما كنت فى الوزارة أن نمد الفلاحين ببذور منتقاة فى القمح لزيادة إنتاجية الفدان وتحقيق طفرة فى المحصول لكنه رفض، قائلا: «لن أمد الفلاحين ببذور منتقاة سوى لثلث المساحة، والباقى فليقوم بالزراعة من بذور العام الماضى أو أى بذور أخرى من السوق». وهذا المثال يكشف لنا أن الزراعة لا بد أن توضع على أولويات خريطة الإنتاج فى هذه المرحلة. المرض الهولندى - لكن الفترة الأخيرة شهدت الإعلان عن عديد من المشروعات القومية.. فكيف تقيِّم ذلك؟ قناة السويس مهمة ولا اختلاف عليها، ولكن الرئيس يتحدث مثلا عن العاصمة الإدارية الجديدة، وأريد أن يوضح أحد لنا لماذا الآن، فى حين أن لدينا أولويات أهم، وأنا أرى أن الضرر الذى سيتحمله المصريون من ورائها أكبر بكثير من نفعها، فنحن لدينا عجز فى الموازنة يقارب ال10%، فالأمر لا يحتمل إنفاق الأموال على مشروع مثل هذا، لأن إنتاج سلعة العقارات يصيب الاقتصاد بمرض اقتصادى معروف اسمه «المرض الهولندى»، وهو عبارة عن مرض اقتصادى يصيب الاقتصاد، ومن أهم أعراضه أن قيمة العملة تخرج خارج نطاق التوازن، وهو ما يؤدى إلى تقليل الحوافز للقطاعات المنتجة للسلع التى تدخل فى التجارة الدولية، والحقيقة أن مصر تعانى من أعراض المرض الهولندى، وينتج عن ذلك تنامى زيادة إنتاج المحلية مقارنة بقطاعات الإنتاج التى تدخل فى تجارة خارجية، مثل العقارات، وينتج عن ذلك أيضا تسقيع الأراضى، ولذا فأنا أوكد أن تعامل الحكومة مع الاقتصاد يجمع بين أساليب الهواة وألاعيب الحواة. سعر الصرف - كيف نعالج الإهمال الواقع فى القطاع الصناعى؟ لا بد فى البداية أن تتم معالجة مشكلة سعر الصرف، وتلك المشكلة فى ارتباط سعر الجنيه بالدولار، ومن ثَم أصبح تركيز البنك المركزى على سعر الجنيه بالدولار على أن يأتى سعر الجنيه بباقى العملات متفرعا من علاقة الدولار بباقى العملات، لذا فنحن نحتاج إلى تغيير طريقة إدارة سعر الصرف، وبدلا من ربط الجنيه بالدولار يتم ربطه بسلة العملات، والتدخل فى سعر الصرف للمحافظة على استقرار سعر الجنيه فى مواجهة هذه السلة، وهذا أصعب قليلًا فى الإدارة وليس مستحيلا، وليست بدعة، ولكن ربط الجنيه بعملة واحدة «الدولار» إدارة الكسلان. السياسة النقدية - وكيف تقيِّم طريقة إدارة السياسات النقدية فى ظل تذبذب سعر الصرف صعودا وهبوطا بمجرد تغيير محافظ البنك المركزى؟ البنك المركزى ليس فى جزيرة منعزلة، ولا يجب أن يعمل بمنأى عن الاقتصاد، وهو ما ينظمه قانون البنك المركزى نفسه، والذى ينص على أن من مهام البنك المركزى صياغة السياسة النقدية بما يتواءم مع السياسات العامة للدولة، وقد لاحظنا أنه منذ تولى هشام رامز محافظًا للبنك المركزى وأصبح يعمل منفردا (خلع من السياسات العامة)، وعلى الرغم من أن هشام رامز شخص بارع فى إدارة العملات، فإن إدارة البنك المركزى تعنى إدارة اقتصاد لا إدارة عملات، لأن إدارة العملة جزء من الاقتصاد لا الكل، وسواء البنك المركزى أراد هذه الطريقة فى الإدارة أو الحكومة تركته يفعل ذلك، فإن ذلك أدى إلى أن المركب كان يأخذ خطواته نحو الغرق لا العوم، كما أن أهم أخطاء السياسة النقدية كانت بالتوسع فى منح قروض التجزئة، وخطأ شديد أن يسمح البنك المركزى للبنوك بهذا التحول فى توظيف أموال المودعين، إذ أصبحت البنوك تستثمر فى طريقين لا ثالث لهما، إما أدوات الدين العام (أذون وسندات خزانة) وإما قروض التجزئة. هواة وحواة - لكن السياسات النقدية تراكمية، فهل مشكلات سوق الصرف نتاج الحكومة الحالية؟ بالطبع المشكلات متراكمة، ولكن الحكومة الحالية تتبع أساليب الهواة وألاعيب الحواة أكثر من حكومات نظام مبارك، وأقول هذا وأنا كنت معارضًا شرسًا لنظام مبارك، نعم الاتجاه وقتها لم يكن سليما، ولكن على الأقل الحكومة كانت تقوم ببعض الدراسات، ولكن الحكومة الحالية ليس لديها اتجاه سليم ولا دراسات يعتمد عليها. سياسة نقدية مالية - ما أفضل طريقة لإدارة السياسات النقدية؟ كان ينبغى أن يجتمع البنك المركزى والجهات ذات الصلة «الصناعة والتجارة الخارجية، التموين والتجارة الداخلية والزراعة والمالية» لوضع السياسات النقدية فى ضوء السياسات المالية التى تتفق عليها الحكومة. مثلًا نحن أعضاء فى منظمة التجارة العالمية ولنا حق أن نتخذ قرارًا بالإتفاق مع الطرف الثانى للتبادل التجارى لوقف بعض المنتجات، وهو ما تكفله المادة «18» من اتفاق التجارة الخارجية، والتى تتيح أنه فى حالة الأزمات أو الطوارئ الاقتصادية، ونحن الآن نحيا هذه الحالة، ويمكن أن يتفق الطرفان التجاريان على تقييد الواردات، وهنا هذا هو الخطاب الذى يجب أن يكون. الهدم.. سمة مصرية - هل ترى أن السياسات تتغير بتغير الأشخاص كما حدث فى البنك المركزى أم أن هذه حالة عارضة؟ لا ليست حالة عارضة، بل إنها أساس التجربة المصرية، وهى تتسم بعدم وجود تراكم، بما يعنى أن المسؤول الذى يتولى منصبا لا يكمل ما بناه السابق، بل هو يهد ويبدأ من جديد، ولكنى حاولت التغلب على هذه السمة حينما توليت وزارة التموين واستكملت ما بدأه على مصيلحى، الوزير الأسبق، فى ما يخص منظومة الكروت الذكية. طريقة خاطئة - كنت وزيرًا للتموين وتعاملت مع ملف الأسعار فى العام ونصف العام التالى للثورة.. كيف ترى تعامل الحكومة الحالية مع ملف الأسعار؟ الطريقة التى تتعامل بها الحكومة مع ملف الأسعار خاطئة بنسبة 100%، لأن عجز الموازنة يبلغ نحو 10%، وطريقة تدخل الدول بضخ سلع ستؤدى إلى طباعة «بنكنوت»، وهو ما يحدث بالفعل، إذ تطبع الدول البنكنوت بزيادة 15%، فى حين أن الإنتاج ينمو بنحو 5%، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى زيادة معدلات التضخم لا تخفيضها. عملية مرهقة - من واقع تجربتك كوزير للتموين.. ما العوائق التى تحول دون إصلاح منظومة التموين؟ ولماذا انسحبت من الوزارة؟ قراءتى أنا لمشهدى فى الوزارة أنى جئت قبل أوانى، وحكوميا لم يكن أحد يسندنى، فكنت معارضة ضمن مجلس وزراء به 30 شخصًا، والعملية مرهقة جدا، كنت أريد أن أسلم على الناس ويسلموا علىّ فى سكينة وهدوء، ولكن أن أقوم بالعراك فى كل مرة، فكانت هناك تكلفة نفسية بينى وبين نفسى وبينى بين الناس، وهذه لها حدود أيضا. وعلى سبيل المثال حينما حاولت تعديل قانون التموين الصادر فى عام 1945، وطالبت بعقوبة الإعدام للغش فى المواد التموينية والمواد المدعومة، لم يقم أحد بمساعدتى ولا تدعيمى. معارضون من الداخل - مَن أكثر المعارضين لك حينما كنت وزيرًا فى الوزارة؟ فى الوزارة كتير طبعا، لأنهم مقسمون إلى مجموعات، فإما هم لا يفهمون وإما غير سياسيين ويريدون تسيير أمورهم، والقلة فقط مَن وعدت بمساعدتى فى قضايا التموين وعلى رأسها البوتاجاز، فمثلا تم اقتراح عمل طاقة تخزينية للغاز القادم من الجزائر لتلافى آثار النوات، ووفرت المالية لها المخصصات وأبدى وزير البترول عبد الله غراب موافقته وقتها على المقترح، ولكن حتى الآن لم تنفذ الفكرة. وآخرون من الخارج - هل كان هناك معارضون لك خارج الوزارة؟ بالطبع مجموعات المصالح، مثلا شركة «مصر للبترول» والشركة الإماراتية من أكبر الشركات التى تتداول المواد البترولية فى السوق السوداء، كما أن مجدى راسخ كان وما زال حوتًا من الحيتان التى تحتكر توزيع البوتاجاز فى زمام القاهرة الكبرى ويشترك معه فى هذه الجريمة الإخوان. تجار الأرز مثلًا استأجروا وائل الإبراشى حتى يقيلنى من الوزارة، ووقتها كان هناك تغيير وزارى وشيك، ولكن لم تتم إقالتى، والمشكلة الأساسية وقتها أنى كنت أحاول البعث برسالة إلى التجارة، وهى أن ظهرى ليس للحيط، وكشرت عن أنيابى لهم من أجل الحصول على أرز جيد بسعر مناسب، وبعثت برسائل من نوعية أن تكون المكرونة بديلا عن الأرز، وحتى إننى قلت فى يوم ما «اعملوا محشى من لسان العصفور، وهو ما دفع بالكثيرين إلى التهكم علىّ، لذا فانعدام المساندة من الزملاء جعلنا غير قادرين على إحالة المسؤولين فى مصر للبترول إلى المحاكمة بسبب بيعهم المواد البترولية فى السوق السوداء، ولم نستطع أيضا عمل مساحات تخزينية للغاز بسبب أباطرة البوتوجاز، ولم نستطع حتى تغيير القانون الخاص بالغش التموينى، وكل هذا بسبب الثورة المضادة وقلة حيلة المسؤولين الذين لا يستوعبون أن هناك ثورة حدثت. - كيف رأيت السخرية منك بعد تلك التصريحات؟ خيابة. الخبز الجديد - وماذا عن منظومة الخبز؟ بصراحة الدكتور على مصيلحى كان قد بدأ إصلاح المنظومة، وأنا حاولت استكمال ما بدأه، وحينما حضرت اجتماع برنامج «المئة يوم» الذى عقده مرسى قلت له إن مَن يتصور حل مشكلة الخبز المصرى فى مئة يوم أحد شيئين، إما أنه لا يفهم طبيعة المشكلة وإما أنه فاهم وبيقول أى كلام، وسجلت وقتها فى محضر الجلسة أن الخبز مشكلة تستعصى على الحل فى مئة يوم، وبعدها قمنا بدراسة «اسمها منظومة الخبز الجديد»، هذه الدراسة تمت مع برنامج الغذاء العالمى التابع للأمم المتحدة، ولكن الحكومة الحالية تعجلت فى التطبيق، لأنه منطق المنظومة، كما تنص الدراسة أولًا على أن لا يكون هناك سعران للدقيق كما هو الوضع حاليا، كما أنه فتح الحصص للمخابز بغض النظر عن الطاقات الخاصة بكل مخبز، وكانت النتيجة إهدار كميات كبيرة من الدقيق فبدلًا من توريد 750 ألف طن دقيق للمخابز شهريا، أصبح مليون طن شهريا، يحدث هذا فى الوقت الذى تدعى فيه الوزارة الحالية أنها قللت من استهلاك الخبز من خلال «فارق النقاط»، والوزير قال إنه دفع 500 مليون جنيه فرق نقاط، لأنها وفرت خبزا فكيف والاستهلاك زاد؟! المال العام.. ضحية - إذن أنتَ ترى المنظومة الجديدة سيئة؟ لا، فالمنظومة الجديدة للخبز أراحت المواطن لأنها أدت إلى اختفاء الطوابير، ولكنها أيضا مررت أشياء تضر بمصلحة المواطن الغلبان، مثل تقليل وزن الرغيف، وهذا معناه أنه تم رفع سعر الرغيف دون إعلان إذن المنظومة الجديدة، ويؤسفنى أن أقول إن المنظومة الجديدة أراحت بعض المواطنين الذين يملكون بطاقات، وليس كل المواطنين المستحقين لديهم بطاقات تموينية، ومن ثم فالاستفادة الكبرى من المنظومة هم التجار وأصحاب المخابز، هذا هو العصر الذهبى للتجار والضحية كانت المال العام والموازنة العامة للدولة. لغط كبير - كيف ترى منظومة توزيع ودعم البوتوجاز؟ البوتاجاز لم يتغير فيه شىء ولم نستطع تطبيق الكوبونات، وما زلنا نتعامل بنفس الأدوات منذ 2011، ولا أحد لديه تبرير مقنع عن أسباب التأجيل لكوبونات الغاز، والقصة حولها لغط كبير وغير مفهومة، نظرا إلى وجود مجموعات مصالح ويتم التعامل معها سياسيا. الجبرية مستحيلة - لك خلفية يسارية وتؤمن بالفكر الاشتراكى.. لماذا لم تضع تسعيرة جبرية؟ طُلب منى بالفعل وضع تسعيرة جبرية، ولكنى رفضت وقتها نظرا إلى عدم وجود أى أدوات تؤهلنى لذلك، فالدولة لم تعد منتجا رئيسيا حتى أُسعر لها منتجاتها، ومن سيلتزم بها، ولذا فالتسعيرة الجبرية باتت وما زالت أمرًا مستحيلًا، وكان البديل هو عمل سعر عادل، ويتم تحديده من خلال التكلفة وهامش ربح جيد. الإنتاج أولا - لكن التسعيرة الجبرية أنقذت الكثيرين من براثن الفقر فى حقبة ما.. كيف ترى أهم سبل مواجهة الفقر حاليا؟ - لا معنى للبحث عن سبل لمواجهة الفقر دون التوقف عن السياسات التى تنتج الفقر وتخلقه، مثلا الريف يتركز فيه الفقر بشدة، وكانت تعديلات قانون الإجارات الزراعية رقم «95 لسنة 92» أهم أسباب إفقار المزارعين، كما يجب الاهتمام بالإنتاج، فيجب أن أضع الإنتاج على جدول أعمال هذا المجتمع، لأن هذا ينتج فرص عمل تتيح دخولًا للمواطنين وتؤدى إلى التمكين، وهو ما يؤدى إلى الحد من الفقر، كما يجب تعديل قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية. الصرف المغطى - ما المشروع القومى الذى تراه ملحًا ومهمًّا للمرحلة الحالية؟ لو الرئيس يريد أن يتبنى مشروعا قوميا، فعليه أن ينفذ مشروعا لإعادة تأهيل الصرف المغطى فى جميع المحافظات، وهذا المشروع يقول عنه الخبراء الزراعيون إن كل جنيه يتم إنفاقه عليه سوف يزيد الإنتاجية الزراعية 30 قرشًا، أى أن المشروع سوف يحصل تكلفته فى أقل من أربع سنوات، بل ويخدم فكرة الاكتفاء الذاتى للمحاصيل الزراعية.