تنظُر محكمة النقص، بدار القضاء العالي بوسط القاهرة، يوم غد الخميس، قضية «قتل المُتظاهرين»، المُتهم فيها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. وأشار مصدر قضائي، إلى أن المحكمة أخطرت «مبارك»، بالحضور لمقر المحكمة، مشددًا على أن الحضور إلزامي بحكم القانون. ونوه المصدر في تصريحات صحفية له اليوم، إلى إنه تم أيضًا إخطار الجهات الأمنية؛ لتأمين نظر الجلسة. ليبقى السؤال: «هل يظهر «مبارك» غدًا في وسط القاهرة؟ » وقضت المحكة في أخر جلسات القضية الشهيرة إعلاميًا ب «مُحاكمة القرن»، 4 يونيو الماضي، ببراءة جميع المتهمين وإعادة مُحاكمة الرئيس الأسبق في اتهامه بقتل المتظاهرين.
وكان أخر ظهور ل «مبارك»، في 9 مايو الماضي، بجلسة الحكم في قضية «القصور الرئاسية»، والتي قضت فيها محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة مبارك ونجليه علاء وجمال بالسجن المشدد 3 سنوات لمبارك ونجليه في إعادة محاكمتهم بقضية «القصور الرئاسية»، وتغريمهم 125 مليون جنيه وإلزامهم برد 21 مليون جنيه أخرى مع مصادرة المحررات المزورة. وقضت محكمة النقض فى 4 يونيو الماضي، بقبول طلب النيابة بنقض «إلغاء»، الحكم الصادر من محكمة الجنايات بعدم جواز نظر محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك، فيما يتعلق باتهام واحد وهو «الاشتراك في القتل العمد بحق المتظاهرين». وأمرت محكمة النقض حينها بإعادة محاكمة «مبارك»، بجلسة الخميس 5 نوفمبر، حيث أمرت برئاسة المستشار أنور محمد جبري، نائب رئيس محكمة النقض، بتأييد كافة الأحكام الصادرة ببراءة جميع المتهمين الآخرين، وهم كل من اللواء حبيب العادلي ومساعدوه في القضية، وتأييد براءة «مبارك» ونجليه علاء وجمال في قضايا الفساد المالي حيث رفضت المحكمة الطعن المقدم من النيابة العامة بالنسبة لهم، لتصبح بذلك الأحكام الصادرة بحقهم نهائية وباتة لا يجوز الطعن عليها بأي صورة من صور التقاضي. وتضمن منطوق الحكم الصادر من محكمة النقض أيضًا عدم جواز نظر طعون المدعين بالحقوق على الأحكام الصادرة بالبراءة من محكمة الجنايات، وكذلك عدم جواز نظر طعن النيابة العامة على براءة المتهم الهارب حسين سالم، وفيما عدا ذلك نقض (إلغاء) الحكم المطعون فيه (حكم الجنايات) بالنسبة للرئيس الأسبق حسني مبارك عن تهمة الاشتراك في القتل العمد والشروع فيه دون غيرها من الاتهامات المسندة إليه، ورفض طعن النيابة العامة فيما عدا ذلك بالنسبة لجميع المتهمين. وبمقتضى الحكم الصادر من محكمة النقض، تصبح كافة الأحكام الصادرة بحق المتهمين في القضية، نهائية وباتة لا يجوز الطعن عليها بأي صورة من صور التقاضي، فيما عدا «مبارك» الذي ستُجرى إعادة محاكمته وحده. وجاء حكم محكمة النقض، بعدما انتهت إلى رفض الطعن المقدم من النيابة العامة على الأحكام الصادرة من محكمة جنايات القاهرة في نوفمبر من العام الماضي لصالح مبارك (فيما عدا الاتهام المنسوب إليه بالاشتراك في قتل المتظاهرين)، وكذلك بقية الأحكام الصادرة لصالح نجليه علاء وجمال مبارك، وبقية المتهمين في القضية. وكانت النيابة قد سبق وقدمت 32 وجهًا (سببًا) للطعن على تلك الأحكام، مُطالبة بقبول الطعن بالنقض شكلاً وفي الموضوع بنقض (إلغاء) الحكم المطعون فيه ونظر الموضوع (الفصل في الاتهام بمعرفة محكمة النقض) عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن بالنقض. ويعد هذا الحكم نهاية إجراءات التقاضي بالنسبة لعلاء وجمال مبارك، وحبيب العادلي ومساعديه الستة اللواء أحمد رمزي، رئيس قوات الأمن المركزى الأسبق، واللواء عدلي فايد، رئيس مصلحة الأمن العام الأسبق، واللواء حسن عبد الرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق، واللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة الأسبق، واللواء أسامة المراسي، مدير أمن الجيزة الأسبق، واللواء عمر فرماوي، مدير أمن السادس من أكتوبر الأسبق، وذلك باعتبار أن الأحكام التي تُصدرها محكمة النقض لا يجوز الطعن عليها بأي صورة من صور التقاضي. وكانت محكمة جنايات القاهرة قد سبق وأن أصدرت في 29 نوفمبر الماضي أحكامًا ببراءة «مبارك» في شأن الاتهام المُتعلق بتصدير الغاز المصري لإسرائيل بأسعار زهيدة، وانقضاء الدعوى الجنائية في شأن الاتهام المُتعلق بتلقيه ونجليه علاء وجمال مبارك لرشاوي تتمثل في 5 فيللات من رجل الأعمال حسين سالم؛ نظير استغلال النفوذ الرئاسي لصالحه، وذلك بمضي المدة المُسقطة للدعوى الجنائية وعدم جواز نظر الدعوى الجنائية بحق «مبارك» في شأن الاتهام المتعلق بالاشتراك في وقائع قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة يناير، لصدور أمر ضمني بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بحقه، وذلك بصدور أمر الإحالة (قرار الاتهام) الأول بإحالة وزير داخليته ومساعديه الستة فقط، للمحاكمة قبل 60 يومًا من إصدارها (النيابة) لأمر الإحالة الثاني بحق «مبارك». وحُكم مبارك وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق ومساعدوه الستة في قضية اتهامهم بالتحريض والاتفاق والمساعدة على قتل المتظاهرين السلميين إبان ثورة 25 يناير، وإشاعة الفوضى في البلاد وإحداث فراغ أمني فيها، كما حُكم مبارك ونجلاه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم، بشأن جرائم تتعلق بالفساد المالي واستغلال النفوذ الرئاسي في التربح والإضرار بالمال العام وتصدير الغاز المصري إلى إسرائيل بأسعار زهيدة تقل عن سعر بيعها عالميًا.
وتداولت القضية – موضوعًا – لقرابة 4 سنوات أمام 4 محاكم، وهى محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد رفعت، في الجولة الأولى للمحاكمة، ومحكمة النقض في مرحلة الطعن الأول على الحكم، ثم إعادة المحاكمة أمام محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار محمود كامل الرشيدي، ثم الجولة الختامية المتمثلة في محكمة النقض للمرة الثانية والأخيرة. وعوقب «مبارك» و«العادلي» في المحاكمة الأولى بالسجن المؤبد لكل منهما عن الاتهامات المتعلقة بقتل المتظاهرين، فيما قضى ببراءة بقية المتهمين من مساعدي العادلي، وحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بحق «مبارك» ونجليه وحسين سالم فيما يتعلق بوقائع الرشوة واستغلال النفوذ الرئاسي، وبراءة «مبارك» في الواقعة المتعلقة بتصدير الغاز الطبيعي، وهى الأحكام التي ألغتها محكمة النقض وأُعيدت في أعقابها المحاكمة من جديد أمام الجنايات. وكان النائب العام (السابق) المستشار الدكتور عبد المجيد محمود، قد أمر في 13 أبريل من عام 2011 بحبس «مبارك» ونجليه و«العادلي» و4 من مساعديه، بصفة احتياطية على ذمة التحقيقات، ثم أمر بتجديد حبسهم بصورة متوالية على ذمة التحقيق، إلى أن أصدر قراره في 24 مايو من نفس العام، بإحالة «مبارك» وجميع المتهمين المذكورين، للمحاكمة الجنائية عن وقائع الاشتراك في قتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير، وارتكاب جرائم فساد مالي ترتب عليها إهدار المال العام والإضرار العمد به. ونسبت النيابة العامة إلى «مبارك» و«العادلي» ومساعديه في أمر الإحالة (قرار الاتهام) اشتراكهم مع بعض ضباط وأفراد الشرطة في قتل المتظاهرين السلميين عمدًا مع سبق الإصرار، وذلك بطريقي التحريض والمساعدة، بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على ذلك خلال أحداث التظاهرات التي بدأت اعتبارًا من 25 يناير 2011 احتجاجًا على سوء وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية في مصر وتعبيرًا عن المطالبة بتغيير نظام الحكم. وجاء بأمر الإحالة أن المتهمين اتخذوا فيما بينهم قرارًا في لقاء جمعهم قبل الأحداث، بتحريض بعض ضباط وأفراد الشرطة الذين تقرر اشتراكهم في تأمين تلك المظاهرات في الميادين المختلفة بمحافظاتالقاهرة والسويس والإسكندرية والبحيرة والغربية والقليوبية والدقهلية والشرقية ودمياط وبني سويف، على التصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف بإطلاق الأعيرة النارية الحية والطلقات الخرطوش أو استخدام أيّة وسائل أخرى لقتل بعضهم ترويعًا للباقين وحملهم على التفرق. وأشارت النيابة حينها، إلى أن المتهمين أمدوا الضباط بأسلحة نارية وخرطوش، بالمخالفة للقواعد والتعليمات المنظمة لتسليح القوات في مثل هذه الأحوال، فوقعت جرائم قتل المتظاهرين بناءً على هذا التحريض وتلك المساعدة. وأوضحت أنه إلى جانب إطلاق الأعيرة النارية الحية صوب المتظاهرين، قامت أيضا مركبات تابعة للشرطة بدهس المتظاهرين قاصدة من ذلك قتلهم. وأكدت النيابة أن المتهمين أهملوا في جمع المعلومات الصحيحة عن حجم التظاهرات المندلعة في العديد من محافظات الجمهورية بدءً من 25 يناير 2011 وحقيقتها كثورة شعبية تعجز قدرات قوات الشرطة وحجمها عن التعامل معها أمنيًا، ولم يرصدوا بعض تحركات بعض العناصر الأجنبية وخطتهم في اقتحام بعض السجون لتهريب بعض المساجين أثناء الأحداث، واتخاذهم لقرارات تتسم بالرعونة وسوء التقدير، الأمر الذي كان له عواقب وخيمة على وزارة الداخلية ومنشآتها والجهات المعهود بها إلى الوزارة تأمينها، بأن أمروا بالتصدي للمتظاهرين بالقوة والعنف لردعهم وتفريقهم، رغم ضخامة أعدادهم وتفوقهم على أعداد قوات الشرطة وحشدوا لذلك غالبية قوات الشرطة، تاركين أماكن تخزين السلاح وغيرها من المرافق والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة. وأشارت النيابة إلى أن «مبارك» اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي في الإضرار بمصالح وأموال الجهة التي يعمل بها بأن اتفق مع سامح فهمي، وزير البترول آنذاك، على ارتكاب الجريمة موضوع التهمة السابقة وساعده على تنفيذها، مما أضر بأموال ومصالح قطاع البترول بمبلغ 714 مليونا و 89 ألف دولار أمريكي، تمثل قيمة الفرق بين سعر كميات الغاز الطبيعي المُباعة فعلًا بموجب التعاقد، وبين الأسعار العالمية السائدة في ذلك الوقت وقد وقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبيّن بالتحقيقات. وذكرت النيابة العامة أن حسين سالم، قدم عطية لموظف عمومي (رئيس الجمهورية الأسبق حسني مبارك) لاستعمال نفوذه الحقيقي للحصول له من سلطة عامة على قرارات، بأن نقل ملكية الفيلات الخمس المُبينة الحدود والمعالم بالتحقيقات والبالغ قيمتها 39 مليونا و759 ألف جنيه بموجب عقود بيع صورية تم تسجيلها بالشهر العقاري إلى مبارك ونجليه علاء وجمال، نظير استعمال الرئيس السابق لنفوذه الرئاسي لدى محافظة جنوبسيناء للحصول منها على قرارات لتخصيص الأراضي المُبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات، لشركة «نعمة للجولف والاستثمار السياحي»، المملوكة له بالمناطق الأكثر تميزًا بمدينة شرم الشيخ السياحية على النحو المُبيّن بالتحقيقات. وأكدت النيابة أن علاء وجمال مبارك قبلا وأخذا عطية لاستعمال موظف عمومي (والدهما) نفوذه الحقيقي للحصول من سلطة عامة على قرارات مع علمهما بسببها، بأن قبل كل منهما من المتهم الثاني حسين سالم، تملك فيلتين من الفيلات الأربع وملحقاتها المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات والبالغ قيمتها 14 مليونا و 39 ألف جنيه، مقابل استعمال والدهما الرئيس الأسبق لنفوذه لدى محافظة جنوبسيناء للحصول منها على قرارات بتخصيص قطع الأراضي المبينة الحدود والمعالم والمساحة بالتحقيقات لشركة «نعمة للجولف والاستثمار السياحي»، المملوكة له بالمناطق الأكثر تميزًا بمدينة شرم الشيخ السياحية مع علمهما بذلك على النحو المبين بالتحقيقات.