بريطانيا وأمريكا يخاطران بتكرار سيناريو غزو العراق بالتركيز على «الأفكار النمطية» عن دولة «الملالى» بعد مرور 10 سنوات على غزو أمريكا وبريطانيا للعراق، الأمر الذى ينظر إليه فى الوقت الراهن على أنه كان خطأ كبيرا دمر سمعة الغرب فى العالم الإسلامى، يكرر البلدان مرة أخرى نفس السيناريو ولكن هذه المرة مع إيران. نفس الأكاذيب التى أشيعت عن نظام صدام حسين وأسلحة الدمار الشامل قبل 10 سنوات فى العراق يتم ترديدها عن إيران، ويرسم لها الغرب صورة على أنها دولة تمتلك قوة غاشمة ويحكمها أناس متهورون ومتطرفون عازمون على تدمير إسرائيل. أنشطة إيران النووية لم تتوقف، كما يزعم البعض، وهذا ما يثير المخاوف الغربية على الدوام، سواء إن كانت بريطانيا أو أمريكا أو إسرائيل، على الرغم من أن التقديرات الاستخباراتية الغربية (التى شاركت فيها 16 وكالة استخباراتية أمريكية)، توضح أن إيران قد علقت أنشطتها النووية بالفعل منتصف عام 2007. بالتأكيد لم تأت تلك الادعاءات من فراغ، فإيران تملك تاريخا طويلا لانتهاكات حقوق الإنسان، ومنها استهداف صحفيين بكردستان وطعن أحدهم بسبب كتابته مقالا عن أزمة الغاز فى المنطقة، واعتقال المدونة الإيرانية شاهيناز غلامى دون الإعلان عن سبب اعتقالها عقب إصدارها كتابا يدعم الرئيس الإيرانى، بالإضافة إلى أساليب التعذيب المستخدمة داخل المعاقل السياسية.. فحدث ولا حرج. فى النهاية توقف الفكر الغربى عند فكرة أن إيران هى القوة الحاقدة العدوانية التى تستند إلى جهل محض، وأنه لا يستطيع أى شخص أن يؤكد أن طهران لا تطور أسلحة نووية سرا، فى الوقت الذى صرحت فيه وزارة الخارجية الإيرانية أن البلاد ملتزمة بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وأنها ستواصل التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلا عن نفى طهران أنها لا تسعى لامتلاك سلاح نووى. ماذا عن وسائل الإعلام البريطانية ودورها فى نشر تلك المعتقدات الراسخة عن بلاد المتطرفين؟ فى هذا السياق علقت صحيفة «الديلى تليجراف» البريطانية على أن وسائل الإعلام البريطانية والطبقة السياسية نادرا ما تتحدث عن توقف الأنشطة النووية، ونتيجة لذلك فإن الخطاب الإعلامى السياسى دائما ما يتناول القضية النووية الإيرانية باعتبارها أمرا مضللا وكاذبا. يغذى السياسيون البريطانيون أسطورة مواصلة دولة «الملالى» برنامجها النووى، والحاجة إلى كبح جماح طموحات إيران النووية، وفرض عقوبات اقتصادية أشد قسوة من أى وقت مضى، ولكنها بهذه الأساطير تتصرف بنفس الطريقة التى استعدت بها لغزو العراق فى 2003، على الرغم من إظهار الإيرانيين استعدادهم للتفاوض أكثر من مرة.