ليست الأموال فقط ما تُسرق، ولكن الأعمار وزهرة الشباب تُسرق من أبناء هذا الوطن، ماتفعله الحكومة ومايفعله وزير الإسكان على أساس أنه يخدم الوطن، إنه يُهدد أمن هذا الوطن، ومايفعله يدخل في باب الخطايا السياسية الكبري، كما اعتادت وزارة الإسكان طرح أراضي بنظام القرعة للراغبين في الشراء وخاصة في المدن الجديدة، وآخر قرعة كما سمعت من محمود سعد في برنامجه على قناة النهار من فترة ، كانت هناك أراضي في التجمع الخامس وكان سعر المتر 4 آلاف جنيه. وقد استضاف عدد من المُتقدمين لمناقشة المشكلة، واعترفوا أن كثير من المُتقدمين لا يرغبون في تلك الأراضي ولكنها للتجارة، واتضح من حوارهم أن سعر المتر في السوق هو ستة آلاف جنيه للمتر، وأنه بمجرد فوزه بقطعة الأرض قادر على بيعها بخمسة آلاف جنيه مايساوي نصف مليون جنيه فرق سعر لمن فاز بالقرعة، ولو صبر فترة فهو قادر على تحصيل مليون جنيه فرق سعر ، ولذلك فيكون عدد المُتقدمين كثير بما يصعب على الراغبين الحقيقيين الفوز بقطعة مما يضطرهم للشراء من السوق السوداء، مع العلم أن تلك الأراضي من شروطها أنك تبني على نصفها أو على أقصي تقدير على الثلثين، ومعنى ذلك أن المتر الذي سيتم البناء عليه بشكل حقيقي هو 12 ألف جنيه ولو وزعنا هذا المبلغ على أربعة أدوار وهو الحد الأقصى للبناء، فسنجد أن سعر متر الشقة في الهواء هو ثلاثة آلاف جنيه، ولم توضع حبة رمل فيها حتى الآن بما يرفع سعر متر الشقة إلى خمسة آلاف وأحيانًا سبعة آلاف جنيه بما يعني أن سعر الشقة 120 متر يصل إلى المليون جنيه وهذه هى الأسعار الحقيقية الآن في مناطق مُعينة كمدينتي وغيرها من الأماكن وأحياناً يزيد عن ذلك، إذًا ماالضرر في ذلك؟ خلي الدولة تكسب وتستفيد. إنها الجريمة المُنظمة ضد هذا المجتمع وهذا الشعب، فنحن نقول أننا نسكن على سبعة في المائة من مساحة مصر، وإذا افترضنا أن وزارة الإسكان قد استطاعت أن تُضيف هذا الواحد في المائة بهذه الطريقة، بما يعني 10 آلاف كيلو متر مربع، وبحسبة بسيطة سنكتشف أن الوزارة باعت تلك النسبة بما يساوي نصف تريليون جنيه بالظبط 400 مليار جنيه، أين ذهبت هذه الأموال يا حلوين ؟ .. الله أعلم، وماتوابع تلك الجريمة توابعها أن أعمار الشباب تُسرق، فالشاب يحتاج لمليون جنيه لشراء شقة، بمعنى إنه إذا كان من أصحاب الياقات البيضاء، مُهندس اتصالات، طبيب مُتخصص، وهكذا، فإنه قادر على جمع هذا المال في الخليج في 20 سنة على أقل تقدير ، إذا كان من أصحاب الترشيد العالي يكون شبابه قد تآكل وفي المقابل هنا تكون فتاة قد وصلت لسن العنوسة، تخيلوا حجم الجريمة التي تُرتكب ضد هذا الشباب وهذا الشعب مع العلم أن تكلفة سعر المتر 500 جنيه فقط، وأمامنا ثلاث وتسعون في المائة من مساحة مصر غير مُستغلة، فلماذا لا تمنح الحق لكل مواطن أن يكون له قطعة أرض بسعر التكلفة أو يزيد قليلاً إنها بلده.. إنها أرضه.. إنها وطنه.. أقل شئ أن يناله من صحراءها شئ ، وأما الكلام عن صالح الفقراء والمُستضعفين وأصحاب الدخول البسيطة، فهذا كلام فارغ، فحتى ما يُسمى بالإسكان الاجتماعي، فالمواطن يدفع حق التكلفة وتبتزه البنوك بفوائد عالية رفعت سعر القسط الشهري لما يزيد عن خمسمائة جنيه، فملايين المُغتربين الذين يعانون ذل الغربة والبعد عن الأهل ليبتز من قبل حكومة غير سياسية، ولا تنظر للأبعاد الاجتماعية التي تخلفها من جراء جشعها، وإذا كانت تظن أن هذا خدمة للوطن فالمصيبة أعظم إن عرق ومرارة الغربة ومرارة الذل، التي يُعانيها هذا الشباب، وزهرة شبابه التي تُسرق لمجرد بناء أسرة في رقبة هذه الحكومة وهذا الوزير، وليس أمامنا إلا أن نقول:« حسبنا الله ونعم الوكيل»، وعلى كل الغرباء داخل هذا الوطن أن يقولوا: « حسبنا الله ونعم الوكيل»، ولكن عندما يكون هناك مجلس نواب قادم فعليه أن يُحاسب هؤلاء على ما ارتكبوه في حق هذا الوطن وفي حق شبابه وفتياته.