تحدثت عن الإسكان قبل ذلك، وسنظل نتحدث مرارا وتكرارا، فمشكلاتنا معروفة، أولها الأمن، ويأتى بعد ذلك الصحة والتعليم والإسكان والبطالة والفساد، وتأتى بعد ذلك توابع مثل الفقر والبنية التحتية والعشوائيات وأولاد الشوارع، وغيرها من المشكلات، فكل هذا كان توابع إغفال المشكلات الأساسية. الوزارة تُسمى وزارة الإسكان، لا أعلم إن كانت دول العالم تخصص وزارة للإسكان أم لا؟ لا أظن ذلك بالطبع، ومن اسم الوزارة فإن دورها هو تسكين المواطنين. وتحدثت فى مقال سابق عن تخلى الوزارة عن هذا الدور ولجوئها لاستغلال المواطنين. وذكرت كيف تبيع الدولة متر الشقة فى مدينة 6 أكتوبر ب3150 جنيها نصف تشطيب، مما يوصل سعر الشقة إلى 800 ألف جنيه، فى مدينة لها ظهير صحراوى كبير، وفى دولة نولول فيها ليل نهار ونلطم الخدود أيضا أننا نسكن فى 6% من مساحة مصر، ومن ضرورة التمدد فى الصحراء. وذكرت أن الوزارة تقوم بهذا العمل لتحقيق أرباح طائلة لثلة من المنتفعين الذى أخذوا ملايين الأمتار بسعر المتر 5 جنيهات، ويصل سعر الأرض الآن إلى ثلاثة آلاف جنيه بسبب تقليل العرض مع زيادة الطلب الذى تقوم به الوزارة بامتياز تحسد عليه. وعندها اتصل بى المتحدث باسم الوزارة الأستاذ هانى يونس،كان غاضبا وقال من حق الوزارة أن تبيع بسعر السوق، ودلل على ذلك أن لهم فى «مدينتى» شققا استحقاقهم من طلعت مصطفى، بمعنى أنهم خدوا بحقهم بضاعة على رأى فيلم «العار» وهو عار فعلا، وأنهم سيبيعون هذه الشقق بالمزاد العلنى لأعلى سعر، فقلت له سعر السوق هذا أنتم من صنعتموه، فعندما يتقدم عشرون ألفا لأخذ أراض فى 6 أكتوبر ويكون المعروض من قبل الوزارة 300 قطعة فقط، ويأخذون بنظام القرعة، فمن المؤكد أن يلجأ الباقى للسوق السوداء «هى ليست سوداء فقط هى سوق قطران صنعتها الوزارة على عينها». - قال لى وماذا نفعل؟ - كان لازم توفروا للعشرين ألفا قطع. - قال الوزارة مافيهاش فلوس وتكلفة البنية التحتية للمتر تصل إلى 400 جنيه. - تاخدوا من الناس مقدمات وتحددوا لهم مواعيد للتسلم بعد عام بعد عامين، حسب طاقة الوزارة القصوى للتمهيد. - قال هذا الكلام مخالف للقانون، لأنه سيكون بالتخصيص المباشر. - قلت له نعم مخالف للقانون، المصرى يكون له حق فى قطعة أرض فى بلده مخالف للقانون؟! «رغم أن الوزارة تُملِّك الأجانب بكل أريحية ويسر ورخص ومش عايزين نفَتح، من أخذ ملايين الأفدنة فى توشكى وقضية سياج وغيرها من القضايا»، يتغير القانون وبعدين ما حسنى مبارك عملها عندما تقدم 90 ألفا لأخذ قطع أرض ما يسمى مشروع «ابنى بيتك»، أصدر قراره بتخصيص أراض للجميع، رغم المثالب الكثيرة التى تبعت هذا المشروع. قال: سندرس هذا الموضوع. وفى النهاية يُشكر مستشار الوزير للاهتمام والاتصال بكاتب مقال فى جريدة خاصة. تذكرت عندما قالت الوزارة إنها ستوفر أراضى متميزة للعائدين من الخارج، وعلمت بعد ذلك من صديق لى مغترب، أنه تقدم للحصول على تلك الأراضى، ولكنه وجد أن سعر المتر 600 دولار، بمعنى أكثر من أربعة آلاف جنيه سعر متر الأرض، ولأوضح للناس هذا الأمر فسعر المتر هذا فى مجمل المساحة، وبالطبع هو لا يبنى فى مجمل المساحة، فأحيانا يكون مصرحا بالبناء فى نصف المساحة، وأحيانا أقل من ذلك، بمعنى متر الأرض المخصص للبناء سيكون 8 آلاف جنيه، وبما أنه مصرح له بأربعة أدوار فقط، وبتوزيع ال8 آلاف على أربعة أدوار، يكون سعر المتر فى الشقة وهو ما زال هواء، ألفى جنيه، ولم توضع به حبة رمل واحدة ولا طوبة واحدة. انظروا كيف تُسرق أعمار الناس، يعنى لو قطعة أرض ألف متر يكون سعرها 4 ملايين. انظروا كيف تسطو الدولة بكل خسة وكل قسوة على أعمار ناس قضوا فى الغربة ربع قرن وبعضهم نصف قرن، كى يوفروا لأولادهم أقل شىء، بيتًا يسكنون فيه فى أرضهم، ومن يستطيع أن يأتى بهذا المبلغ فى الغربة، إلا أصحاب التخصصات النادرة، أما الآخرون من ذوى التعليم الحكومى التقليدى، فآخر أمانيه شقة وبهذا الوضع يصل سعر الشقة كما ذكرنا فى أول المقال إلى 800 ألف. لصالح شلة مأنتخين يريدون أن يأخذوا ملايين فى الشهر وهم على كراسيهم الحكومية وفى بلدهم، وبعد كل ده تقولوا دى كانت مؤامرة وليست ثورة، حقا كيف يتجرأ هؤلاء العبيد على الثورة على طبقة النبلاء ويعترضون على مص دمائهم واستذلالهم؟!