في واقعة أشبه بسيناريو سينمائي نفّذ أربعة لصوص عملية سطوعلى متحف اللوفر بباريس في وضح النهار مستهدفين مجوهرات ملكية فرنسية تعود للقرن التاسع عشر العملية لم تستغرق دقائق رغم أن المتحف كان مفتوحًا أمام الزوار وفقا لما نشرته صحيفة لوباريزيان. وصف وزير الداخلية الفرنسي لوران نونيز ما حدث بالسرقة الكبرى، مشيرًا إلى أن اللصوص استخدموا رافعة محمولة على شاحنة لاختراق المتحف من الخارج، وتمكنوا من الدخول إلى قاعة أبولو الشهيرة حيث استهدفوا تحديدًا خزانتي عرض تحتويان على قطع أثرية نادرة من بينها مجوهرات تعود لنابليون وبعض ملوك فرنسا السابقين. لماذا سرقت المجوهرات؟ النية الحقيقية خلف السرقة لا تزال مجهولة حيث لم يتم القبض على الجناة بعد ولكن خبراء يرون أن الدوافع قد تتراوح بين طلب خاص من جامع تحف ثري إلى استخدامها كضمان في صفقات غير قانونية مثل تجارة المخدرات أو الصفقات الدولية السرية. تقول الدكتورة دونا بريت أستاذة تاريخ الفن بجامعة سيدني: قد تكون هذه عملية مستهدفة لصالح جهة ترغب في امتلاك هذه القطع أو تستخدم المجوهرات كوسيلة لضمان صفقات مشبوهة. أما المحاضرة في الجريمة المنظمة الدولية بجامعة جريفيث مارغو فان فيليوس فرجحت أن تكون السرقة بناءً على طلب خاص، مشيرة إلى أنه من المحتمل أن يكون هدف اللصوص قطعة بعينها ولكنهم استولوا على قطع أخرى معها. ما هي المجوهرات المسروقة؟ استهدفت العملية تسعة قطع نادرة تمت سرقة ثمانية منها فيما عثر على تاج الإمبراطورة أوجيني ملقى خارج المتحف ويعتقد أن اللصوص أسقطوه أثناء الفرار. ووفقا لوزارة الثقافة الفرنسية القطع الثمينة تعود إلى الملكة ماري أميلي والملكة هورتنس وماري لويز والإمبراطورة أوجيني وتشمل: تاج وقلادة من مجموعة الياقوت الخاصة بالملكة ماري أميلي والملكة هورتنس وقرط من نفس المجموعة، بالإضافة إلي قلادة الزمرد وزوج أقراط الزمرد من مجموعة ماري لويز، ودبوس يعرف بدبوس الضريح، وعقدة صد كبيرة (بروش) للإمبراطورة أوجين، تاج الإمبراطورة أوجيني (تمت استعادته). ما مصير المجوهرات المسروقة؟ يتفق الخبراء على أن احتمالية استعادة المجوهرات ضئيلة للغاية ويرجّح أن يقوم اللصوص بتفكيك المجوهرات وبيع الأحجار والمعادن الثمينة بشكل منفصل لتفادي التتبع وهو ما قد يؤدي إلى تدميرها فعليًا. يقول المحقق الفني الهولندي آرثر براند: إذا لم يتم القبض عليهم خلال أسبوع فغالبًا سيتم صهر الذهب وبيع الماس منفردًا، إنها مسألة سباق مع الزمن. أما توبياس كورميند المدير التنفيذي لشركة 77 دايموندز فأكد أن معظم الجواهر من هذا النوع لا تظهر مجددًا: غالبًا ما تفكك القطع الكبيرة وتعاد صياغتها لتفادي التعرف عليها مما يؤدي إلى محو هويتها تمامًا. ورغم ذلك حذر بعض الخبراء من أن حتى تفكيك هذه المجوهرات قد يعرض اللصوص ومَن يتعامل معهم لمخاطر قانونية جسيمة نظرًا للقيمة التاريخية الفريدة لهذه القطع. ما القيمة الحقيقية للمجوهرات؟ لا يوجد تقييم مالي دقيق للقطع المسروقة و لكن وزارة الثقافة الفرنسية وصفتها بأنها ذات قيمة تاريخية لا تقدر بثمن نظرًا لارتباطها المباشر بالتراث الفرنسي والملكية الإمبراطورية. ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن اللصوص لم يتمكنوا من سرقة الماسة ريجنت الشهيرة الموجودة في نفس القاعة والتي تقدر قيمتها بأكثر من 60 مليون دولار أمريكي بحسب دار سوذبيز للمزادات. ردود فعل وتداعيات أغلق متحف اللوفر أبوابه لأسباب استثنائية وتوقفت حركة المرور في محيطه بينما تتواصل التحقيقات بقيادة فرقة مكافحة اللصوص التابعة للشرطة الفرنسية. ووصف وزير الداخلية لوران نونيز العملية بأنها ضربة كبرى للتراث الفرنسي، متعهدًا بملاحقة الجناة فيما قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منشور رسمي إنه ملتزم باستعادة المجوهرات المسروقة ومحاسبة المسؤولين.