«مصر تقتات بالتسول والديون فى عهد الإخوان»، هذا ما يمكن أن تنتهى إليه من رصد التحركات الرئاسية والوزارية خلال الأيام القليلة الماضية، فزيارة رئاسية سريعة إلى قطر تعقبها زيارة أخرى إلى وزراء الاستثمار والتخطيط ومحافظ البنك المركزى تسفر عن ثلاثة مليارات دولار سندات تبيعها مصر لقطر. وسبقت زيارة قطر زيارة لليبيا عقب القبض على أحمد قذاف الدم فى مصر، كانت نتيجتها مليارى دولار وديعة لمدة قال عنها محافظ البنك المركزى الليبى إنها لن تتجاوز خمس سنوات، وفى نفس الإطار كانت زيارة الحكومة المصرية للعراق لطلب قرض بمليارى دولار، أو حتى التفاوض على منحة، لكن الأمر باء بالفشل، وعاد وزير التخطيط بأيد خالية. ليست تحركات الحكومة وحدها نحو طلب الدعوم المالية من الدول العربية والأوروبية، هى المؤشر الوحيد على أن مصر تقتات فعلا من الديون وتسول المنح والقروض، إنما الأرقام الرسمية الصادرة عن حكومة قنديل شاهد إثبات لهذا الوضع المتردى، إذ تشير بيانات البنك المركزى المصرى إلى ارتفاع حجم الدين العام المحلى فى أول ستة أشهر من حكم الإخوان بواقع 142 مليار جنيه، مسجلا نحو تريليون 380.1 مليار جنيه فى نهاية ديسمبر 2012، فى مقابل نحو تريليون و238 مليار جنيه بنهاية يونيو 2012، وهى الأرقام التى تشير إلى التوسع فى الاستدانة الداخلية من خلال طرق الاقتراض التقليدية بطرح أذون وسندات ارتفع العائد عليها بفعل التردى السياسى الذى تشهده مصر، والتخفيض المستمر للتصنيف الائتمانى السيادى للدولة لنحو 14%، وهو ما يرفع تكلفة خدمة الدين العام المحلى التى تضاف إلى الاجمالى منه، أما عن الزيادة التى شهدها حجم الدين العام المحلى خلال الربع الثالث يناير لمارس 2013 من حكم الإخوان فلم تصدر بشأنه بيانات حتى كتابة هذه السطور. ولم تكن الديون الداخلية وحدها هى الركيزة الأساسية للسياسة الاقتصادية التى انتهجتها الحكومة لتمويل الاقتصاد المصرى، إنما اعتمدت كذلك على الاقتراض الخارجى بشكل واسع، وفق الرصد السابق، حيث اعترفت به وزارة المالية فى تقريرها المالى عن شهر مارس، مؤكدة أن رصيد مصر من الدين الخارجى سجل أعلى معدل ارتفاع له منذ مارس 2008، مسجلا 38.8 مليار دولار نهاية ديسمبر 2012 بما يعادل 13.8% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو الأمر الذى أرجعه التقرير إلى الإيداعات القطرية بالبنك المركزى المصرى البالغة أربعة مليارات دولار خلال الفترة من سبتمبر لديسمبر من العام المالى الجارى (الربع الثانى)، وبإضافة مبلغ الثلاثة مليارات دولار التى تعتزم قطر شراء سندات مصرية بها، والوديعة الليبية المقدرة بمليارى دولار، وهى المبالغ المعلن عنها رسميا خلال أبريل الجارى، ليرتفع الدين الخارجى أيضا ل43.8 مليار دولار بزيادة تقدر بنحو 9 مليارات دولار خلال التسعة أشهر الأولى من حكم الإخوان بمعدل زيادة يتجاوز 25% فقط من ودائع وقروض الحكومات، ناهيك بقروض المؤسسات المالية وصناديق التنمية الدولية، وتحديدا بعض الوكالات التى يطلق عليهم شركاء مصر فى التنمية، وقد حصلت مصر منهم على 209 ملايين يورو خلال شهر واحد فقط.