شهدت تركيا 3 انقلابات عسكرية منذ قيام الدولة الحديثة على أنقاض الإمبراطورية العثمانية على يد مصطفي كمال أتاتورك، الذي أسس الجمهورية التركية عام 1923، واليوم 12 سبتمبر هو الذكرى ال35 لانقلاب 1980 العسكري بقيادة الجنرال العسكري كنعان أفرين. حدث الانقلاب العسكري الأول في تركيا عام 1960 والذي أزاح الحزب الديمقراطي عن الحكم، وقاد ممدوح طجماتش انقلابًا ناجحًا في 1971 إثر تعاظم قوة المعارضة في تركيا، وأجبر الجيش سليمان ديميرل على الاستقالة، وفي 1979 ظهر حزب العمال الكردستانى واستقال وزير الداخلية وتبعه وزير الدفاع بعد انتشار موجة العنف السياسي وعجزهما عن مواجهتها. في مثل هذا اليوم 12 سبتمبر 1980، قاد الجنرال كنعان أفرين، انقلابا عسكريًا أطاح فيه بالحكومة المدنية برئاسة مصطفى أجاويد، وفُرضت الأحكام العرفية، ووضع الانقلابيون دستورًا جديدًا وافقت عليه الأغلبية وصار كنعان أفرين رئيسًا للبلاد. الانقلابيون أصدروا دستوراً جديداً بعد عامين من الانقلاب في 12/9/1982، تضمن نصًا صريحًا على حظر الأحزاب الدينية والفاشية والاشتراكية، وبذلك تم حظر الأحزاب المناوئة لحزب الشعب والعلمانية، وتولى الرئاسة بالوكالة رئيس مجلس الشيوخ؛ إحسان صبري جاغلايان، وعجز المجلس الوطني عن انتخاب رئيس جمهورية جديد بسبب ضغوط العسكر وفتن حزب الشعب وأنصاره. أصبح إفلاس العلمانيين، وعلى رأسهم حزب الشعب، أمراً ملموساً، وصار فشلهم الانتخابي من الأمور الحتمية، لهذا اتخذت المؤسسة العسكرية قراراً بتعليق نشاط الأحزاب ثم حلها، وأصدر العسكريون ما سمي "قانون الأحزاب السياسية" في 24/4/1983، وبعده صدر قانون الانتخابات في 13/6/1983. فاز حزب «الوطن الأم» بزعامة تورجوت أوزال في الانتخابات العامة عام 1983 بأغلبية مكنته من تشكيل أول حكومة مدنية بعد مرور ثلاث سنوات على الحكم العسكري، وصار أوزال رئيسا للبلاد خلفا لأفرين ثم تعاقب الرؤساء. في سبتمبر 2010 بدأت تركيا تحقيقًا مع قادة انقلاب 1980، وذكرت الصحافة التركية أن ممثلي الادعاء الأتراك فتحوا تحقيقًا مع الجنرال والرئيس السابق كنعان أفرين وقائد البحرية السابق نجاد تومر، وقائد القوات الجوية السابق تحسين شاهينكايا، بشأن هذا الانقلاب العسكري بعد الاصلاحات الدستورية التي أسقطت الحصانة عن أفرين وقادة الانقلاب.. وصرح "أفرين"، قائد اقلاب 1980 في حوار صحفي عام 2009 بأنه "إذا فتح الطريق دستوريًا أمام محاكمة العسكريين الذين قاموا بالانقلاب فإنه سيطلق على نفسه رصاصة واحدة لإنهاء كل شيء"، موضحا موقفه إذا قبل الشعب التعديل الدستوري، ومن بينه إلغاء المادة 15 التي تمنح قادة الانقلاب حصانة أبدية ضد المحاكمة والمساءلة. والآن نرى الأحداث تلقي بظلالها على تركيا، لتعيد وقائع ما قبل 12 سبتمبر 1980، فالمظاهرات والاعتصامات، باتت مألوفة في أنقرة واسطنبول، وحرب الاستنزاف التي يشنها حزل العمال الكردستاني، المصنف إرهابيا، بدأت تثير إزعاج الشارع التركي لتنعكس بالسلب على الاقتصاد الذي تأثّر بشكل كبير. العملية الأخيرة التي نفذتها قوات حزب العمال الكردستاني، في جنوب شرق تركيا، وأدت إلى مقتل 16 جنديًا تركيًا إثر تفجير عبوة ناسفة في الحافلة التي كانت تقلهم في ولاية إجدير، أصابت المواطن التركي بالقلق والخوف، وأعادت للأذهان احتمالية حدوث ثورة شعبية أو انقلاب عسكري قد يطيح بالنظام الحالي.