شهدت الولاياتالمتحدةالأمريكية مجموعة من الهجمات الإرهابية في مثل هذا اليوم، في الحادي عشر من سبتمبر لعام 2001، حيث تم تحويل اتجاه أربع طائرات نقل مدني تجارية وتوجيهها لتصطدم بأهداف محددة نجحت في ذلك ثلاث منها، في حين سقطت الطائرة الرابعة قبل تحقيق الهدف، تمثلت الأهداف الثلاثة في برجي مركز التجارة الدولية بمنهاتن، ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، ما تسبب في سقوط 2973 قتيلًا 24 مفقودًا، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين. طرأت بعد هذه الأحداث مباشرة، تغيرات كبيرة على السياسة الأمريكية تجاه الشرق، حيث أعلنت على الفور ما اسمته "الحرب على الإرهاب"، وهو ما أدى في النهاية إلى الحرب على أفغانستان وسقوط نظام حكم طالبان، وأيضًا الحرب على العراق، وإسقاط نظام صدام حسين. حلف شمال الأطلسي، أعلن أن الهجوم على أي دولة عضو في الحلف هو بمثابة هجوم على كافة الدول التسع عشرة الأعضاء، وبدأ حشد الدعم الحكومي لمعظم دول العالم للولايات المتحدة ونسي الحزبان الرئيسيان في الكونجرس ومجلس الشيوخ خلافاتهما الداخلية، واجتمع الغرب على دعم الولاياتالمتحدة في كشف ومحاربة الإرهاب. بالنسبة للشرق.. اختلفت الدول العربية والإسلامية، في مواقفها الرسمية اختلافًا واضحًا ومتوازيًا مع الرأي العام السائد في الشارع والذي انقسم أيضًا شطرين، فالبعض أبدى لا مبالاته بالأحداث، والبعض الآخر كان على قناعة بأن الضربة جاءت نتيجة التدخل الأمريكي في شؤون العالم. وجهت الولاياتالمتحدة أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن، وجاء ذلك بعد ساعات قليلة من الحدث، حيث ذكرت القوات الأمريكية أنها عثرت على شريط في بيت مهدم جراء القصف في جلال آباد في نوفمبر 2001، يظهر فيه أسامة بن لادن وهو يتحدث إلى خالد بن عودة بن محمد الحربي عن التخطيط للعملية، لكن قوبلت هذه التصريحات بموجة من التشكيك. أعلن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة، في تسجيل مصور تم بثه قبيل الانتخابات الأمريكية في 29 أكتوبر 2004، مسؤولية تنظيم القاعدة عن الهجوم، وتبعا لمكتب التحقيقات الفيدرالي، فإن "محمد عطا" هو الشخص المسؤول عن ارتطام الطائرة الأولى بمبنى مركز برج التجارة العالمي، كما اعتبر هو المخطط الرئيسي للعمليات الأخرى التي حدثت ضمن ما أصبح يعرف بأحداث 11 سبتمبر. بدأت الولاياتالمتحدة حربها على الإرهاب سريعًا، حيث شن الجيشيان الأمريكي والبريطاني، في 7 أكتوبر 2001، حربًا عنيفًا على أفغانستان، كرد فعل على هجمات سبتمبر، معلنةً أن الهدف هو اعتقال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وتدمير القاعدة كليًا وإقصاء نظام طالبان الذي كان يدعم ويعطي الملاذ الآمن للقاعدة، وأعلن الرئيس الأمريكي عدم تفريقه بين المنظمات الإرهابية والدول أو الحكومات التي تؤوي أو تدعم هذه المنظمات. تضمنت الحرب على أفغانستان عمليتين عسكريتين الهدف منهما السيطرة على الدولة، شنت الولاياتالمتحدة العملية الأولى واسمتها عملية التحرير الدائمة، واشترك في هذه العملية دول أخرى، وبلغ عدد الجنود الأمريكية المشاركة 28,000 جندي، والعملية الثانية في ديسمبر 2001، شنتها قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان (إيساف)، وعدد الجنود من الولاياتالمتحدة في قوات إيساف بلغ قرابة 29.950. يذكر أن تقريرًا صحفيًا نشر في مارس 2001 في جريدة جاينز البريطانية، أشار إلى أن مصدر استخباراتي وعسكري مسؤول قال "إن الولاياتالمتحدة خططت واتخذت إجراءات ضد طالبان كان سيشرع فيها قبل ستة أشهر من هجمات 11 سبتمبر 2001"، وهذا يعني أن حرب أمريكا على أفغانستان متفق عليها قبل وهجمات 11 سبتمبر ما هي إلا حجة لتنفيذ المخطط. اتسع مفهوم الحرب على الإرهاب لدى الولاياتالمتحدة ليشمل التصدي لأسلحة الدمار الشامل في العراق- كما ادعت واشنطن- فبدأ الغزو الأمريكي للعراق في 20 مارس 2003، بمساعدة القوات متعددة الجنسيات، بعدما زعمت أن العراق يمتلك هذه الأسلحة، وأن ذلك يهدد أمنها وأمن حلفائها من قوات التحالف، على الرغم أن الأممالمتحدة ومفتشي الأسلحة الدوليين لم يجدوا دليلًا على وجود أسلحة دمار شامل بالمنطقة. نجحت عملية غزو العراق بسبب هزيمة الجيش العراقي، وتم اعتقال صدام حسين، ومن ثم احتلال العراق من قبل قوات التحالف، وسرعان ما بدأت أعمال العنف بين قوات التحالف والجماعات المختلفة في العراق، وبدأ التمرد في العراق والحرب غير المتكافئة والصراع بين السنة والشيعة والجماعات العراقية والقاعدة. أدى هذا الاضطراب إلى مقتل أكثر من 85000 من السكان المدنيين في عام 2007، وقدر عدد اللاجئين 4.7 مليون عراقي في أبريل 2008، وهرب مليوني عراقي إلى الدول المجاورة، وقدر عدد القتلى خلال الحرب ب 1.3 مليون شخص، وليحتل العراق المركز الخامس في مؤشر الدول غير المستقرة، والسؤال: كل ما خلفته الولاياتالمتحدة من كوارث في العراق يعد حربًا على الإرهاب، أم هو الإرهاب بعينه؟.