أصبح الضرب على القفا جزء من ممارسة الشرطة الروتينية تجاه المواطنين، والاسلوب الأسهل والأسرع لها في التعامل مع المقبوض عليهم، وكان آخرها حادث محطة مترو دار السلام. «قفا» المواطن يساوي 200 جنيه غرامة
أطباء نفسيون: الضرب على «القفا» أشد أنواع الإذلال
ياسر ثابت يكتب: الضرب على القفا.. تاريخ من الاستباحة
كيف تأخذ حقك «لو انضربت على قفاك»؟
أشهر المضروبين على «قفاهم» سينمائيًا
موضة «الفرجة» على ضرب القفا
أشهر وقائع الضرب.. «آآآه يا قفا» كتب- سيد فودة: القفا فى جسد المواطن المصرى من المناطق المحرمة وممنوع الاقتراب منها، وهو ما فطنت إليه أجهزة الأمن فى الدولة عبر سنوات طويلة وعمدت إلى إذلال أعدائها من اللصوص والمعارضة والمواطنين فى كثير من الأحيان عن طريق ضربهم على موضع الرجولة والكرامة فى الجسد. ويقال إن الفراعنة هم الذين ابتكروا الضرب على القفا كنوع من العقاب، وإن الحراس كانوا يضربون من يمسكون به من اللصوص على قفاه.. «التحرير» رصدت أشهر وقائع «ضرب القفا» ضرب القفا فى أقسام الشرطة «رايح جاى» تحية وصول المتهمين فى كثير من الأقسام هى الضرب على القفا، ومن أشهر كليبات التعذيب التى اكتشفت فى السنوات الأخيرة هو (كليب القفا) الذى يصور ضباطا يتناوبون على ضرب شاب بالقفا، كأنهم يتدربون عليه فى أحد الأقسام. فى 13 مارس 2007 ظهر أمين الشرطة أحمد عبد الفتاح، بقسم إمبابة، المتهم فى قضية الكليب الشهير الذى ظهر فيه أمين شرطة يضرب مواطنا شابا -هو إيهاب مجدى- على قفاه. أما عماد الكبير الذى تعرض للتعذيب فى قسم بولاق الدكرور، فهو أول قضية تعذيب مصورة تطفو فى منتصف فبراير 2007، وأثارت الرأى العام لشدة ما جاء فيها من مشاهد تعذيب، منها الضرب على القفا، فعماد لم يكن سوى كليب شاهده كثيرون على شبكة الإنترنت، وتبادلوه على تليفوناتهم المحمولة.. كان مجرد شبح.. لا اسم له ولا عنوان. وفى 27 مايو الماضى اعتدى عدد من عناصر الشرطة على مواطن بالضرب والألفاظ البذيئة، بعد اعتراضه على أعمال حملة إزالة تعديات على مقهى يملكه، وظهر رجال الشرطة وهم يلقنون المواطن علقة ساخنة لم تخلوا من ضربات القفا المتفرقة، قبل أن يطلب منهم الضابط المسؤول إحضاره، قائلا له: «هو إيه اللى مينفعش يا...». وبعد سبه، يقتاد أفراد الشرطة المواطن إلى سيارة ترحيلات بعد الاعتداء عليه بالأيدى و«الركلات»، بينما يقول له الضابط «ماتطبطبوش عليه». وأخيرا يظهر فيديو على موقع ال«يوتيوب»، مساء أول من أمس الثلاثاء، لأمين شرطة يعتدى، بمعاونة زملائه، على شاب داخل محطة مترو دار السلام بالضرب على القفا، ويردد خلاله: «العسكرى ماجبلكش حقك أنا حقك». عقب شكوى المجنى عليه لأحد العساكر من تعرض زوجته للتحرش. محمد أشرف.. خاف من طبطبة الاعتذار بعد أن ذاق مرارة القفا كتب- حمدى عبد الرحيم: تقول الرواية الشائعة عن واقعة قيام أمين شرطة بصفع مواطن على قفاه، إن المواطن العاطل عن العمل محمد أشرف، كان يقف يوم الاثنين الماضى بصحبة فتاة على رصيف محطة مترو أنفاق دار السلام، أحدهم عاكس الفتاة أمام عسكرى الحراسة، فاشتبك محمد مع المعاكس، دفاعا عن الفتاة التى يقولون مرة إنها خطيبته، وبعضهم يقول إنها خطيبة أحد أصدقائه. عسكرى الحراسة لم يحرك ساكنا فتحدث محمد أشرف معه بحدة، الحدة سرعان ما تحولت إلى مشاجرة صغيرة، والمشاجرة لفتت نظر سيادة أمين الشرطة، الذى بدون إحم ولا دستور (لن نتحدث عن تحقيق وتحرى وإنصاف) انهال ضربا على الشاب محمد أشرف. لهؤلاء المعذبين الصغار، الذين هم مثل الثعالب التى تفسد الكروم، طريقة لا يرضون عنها بديلا فى التعذيب، طريقة الإهانة قبل الإيلام، سيادة أمين الشرطة يعرف جيدا ويعلم تماما مدى إهانة صفع أحدهم على قفاه. لماذا القفا تحديدا؟ لأن الأمين لا يريد الحق ولا العدل ولا النظام، هو يريد «كسر عين» المواطن، لكى لا يجرؤ ثانيا على أن يرفع صوته فوق صوت العسكرى. الدراما المصرية لم تتوقف عند هذا الحد، فلا بد أن تكتمل دائرة العبث الجهنمى الذى نحياه، أحد الواقفين على رصيف المحطة قام بتصوير حادثة «كسر عين المواطن» وبث فيديو الإهانة على «فيسبوك». صباح الثلاثاء كان فيديو كسر العين هو الأعلى مشاهدة بين رواد شبكة الإنترنت، هنا تدخلت «الداخلية» بعد أن تأكدت للمرة المليون من أن إخفاء الأمر أصبح مستحيلا. العقلاء فى «الداخلية» تأكدوا من أن ما تنجزه الوزارة فى سنة يطيح به أمين شرطة جاهل متعصب غشوم فى ثانية. اختار العقلاء الاعتذار إلى المواطن لكى ينتهى الأمر حسب تبويس اللحى المصرى، وهو فن معروف وعريق فى إفساد منظومة القانون وسريان العدل. أرسلت «الداخلية» رجالها لكى تأتى بالمواطن المصفوع، لأن معالى الوزير شخصيا سوف يطيب خاطره. لا تزال فى دائرة العبث نقطة لم تكتمل وها هى قد اكتملت، لقد هرب المواطن محمد أشرف!! محمد أشرف خاف من «طبطبة الاعتذار» بعد أن جرب قسوة التعذيب، محمد يبدو كصاحب المثل القائل: «يا نحلة لا عايز منك عسل ولا عايزك تقرصينى». ولا تزال «الداخلية» تواصل جهودها للإتيان بمحمد لكى تعتذر له، ولا يزال محمد يواصل هروبه، لأنه لا يعرف كيف سينتهى حفل الاعتذار. أمام كل هذا العبث يصبح الكلام عن حقوق الإنسان ترفا بلا معنى ولا جدوى، ولكن يصبح الكلام عن حماية الدولة وحماية النظام من توحش الثعالب فرض عين، ولو من باب تبصير الدولة والنظام بخطورة هؤلاء الجهلاء القادرين بجهلهم على نسف أى إنجاز.