13 شهرًا من الفشل، قضاها المهندس هانى ضاحى، وزير النقل، متربعا على كرسى الوزارة، بعد حلفه اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى فى 17 يونيو 2014. ضاحى القادم ب«البراشوت» من وزارة البترول، لتولى مسؤولية أهم وزارة خدمية فى الدولة، بسبب العلاقة القوية التى تربطه برئيس الحكومة المهندس إبراهيم محلب، أعلن منذ اليوم الأول لجلوسه على مكتبه وضعه خطة لتطوير جميع قطاعات الوزارة والهيئات والشركات التابعة لها، وفى مقدمتها قطاع النقل البحرى والموانى وهيئة السكك الحديدية والمترو وهيئة الطرق والكبارى والنقل البرى. وإيمانا بدورها المهنى رصدت «التحرير» هموم ومشكلات الوزارة وقدمتها على طبق من فضة إلى الوزير الجديد، وتم نشرها على صفحات الجريدة فى اليوم التالى لتوليه المسؤولية، إلا أن ضاحى كعادة كل الوزراء الذين سبقوه، تجاهل كل ما نشر، ولم يحرك ساكنا ضد قضايا الفساد التى استفحلت داخل قطاعات الوزارة وعلى رأسها قطاعى النقل البحرى والسكك الحديدية، إلا أنه بدا صارما وحادا مع كل من يقترب من منصبه أو يشك فى أنه يريد إزاحته من كرسى الوزارة والجلوس مكانه. وبدأ ضاحى بتصفية كل قيادات الوزارة والصف الثانى، واستبعد الرئيس السابق لهيئة السكك الحديدية المهندس سمير نوار من منصبه، بحجة أنه تقدم باستقالته لظروف صحية، ثم أقال رئيس هيئة الطرق والكبارى السابق اللواء سعد الجيوشى، بعد سطوع نجمه وترشيحه لتولى الوزارة بدلًا منه، ومؤخرا قام ضاحى باستبعاد اللواء إسماعيل النجدى، رئيس الهيئة القومية للأنفاق، من منصبه دون ذكر أى أسباب واضحة، لتصبح الإقالة الثالثة فى فترة ولاية ضاحى. وفى قطاع السكك الحديدية، شهد هذا المرفق الخدمى تعثرا وفشلا فى كل خطط التطوير المتعلقة بهذا القطاع الحيوى، وفشل فى اختبار تطوير المزلقانات والحد من الحوادث والتى تعد نقطة الضعف الرئيسية فى منظومة السكك الحديدية، فى ظل تقاعس وعدم قدرة الوزارة على التنسيق مع الأجهزة المحلية فى المحافظات المختلفة. وظلت طوال كل تلك السنوات الماضية دماء المصريين تنزف على القضبان، فلم ينس المصريون حادثة قطار الشروق الأخير، حيث لقى سبعة طلاب مصرعهم وأصيب 24 آخرون بإصابات بالغة، نتيجة اصطدام قطار بأوتوبيس رحلات مدرسية، كان قادما من محافظة الغربية عند مدخل بوابة مدينة الشروق، وكذلك تصادم أوتوبيس مدارس يستقله طلاب مدرسة الأورمان بالقرب من قرية أنور المفتى فى اتجاه الإسكندرية أدى إلى تفحمه بالكامل، بعد اصطدامه بسيارة محملة بالبنزين، وأسفرت الحادثة عن تفحم جثث 13 طالبا وإصابة 18 بينهم حالات خطيرة، بسبب سوء حالة الطرق. بينما اكتفى ضاحى بإطلاق التصريحات الوردية للاستهلاك الإعلامى عن خطط مزعومة وإنجازات وهمية، كما تعثرت خطة إعادة هيكلة هيئة السكك الحديدية فى عهده، والتى وضعها بيت الخبرة الاستشارى العالمى «بوز-آلن» على غرار خطة تطوير وإعادة هيكلة «مصر للطيران»، والتى أثبتت نجاحا منقطع النظير عند تطبيقها، بينما ظلت خطة هيكلة السكة الحديد حبيسة أدراج وزارة النقل، وأنفق ضاحى 5 مليارات جنيه على خطط لم تكتمل وتم تنفيذها بشكل عشوائى، وفى المقابل لجأ ضاحى إلى رفع أسعار تذاكر القطارات المكيفة لتعويض نزيف الخسائر الذى يواجه الهيئة، رغم تردى مستوى الخدمة، مستندا فى ذلك إلى الدعم المطلق له من رئيس الوزراء إبراهيم محلب، وخرج علينا ضاحى بتصريحاته العنترية عن زيادة أسعار تذاكر المترو ليستفز قطاعا عريضا من محدودى الدخل، وأعلن أن السعر العادل لتذكرة مترو الأنفاق 25 جنيهًا وهو ما اعتبره عدد من الخبراء والمتخصصين فى النقل «كلاما عشوائيا» ولا يمت إلى الواقع بصلة، بالإضافة إلى حوادث المترو وآخرها حادثة قطار العباسية، حينما اصطدم برصيف المحطة، وكادت أن تحدث كارثة لولا أن القطار كان فارغا. أما فى قطاع النقل البحرى، والذى يعمل به ما يزيد على 50 ألف عامل، تابعين للوزارة والموانى التابعة لها، فقد شهدت كل المشروعات تعثرا وتواطؤا فى التنفيذ فى غياب تام لإشراف الوزارة، واكتفى ضاحى بالمراسم والاحتفاليات لمشروعات سابقيه من الوزراء فى تطوير ميناءى الغردقة وسفاجا، فى محاولة لنسب الإنجاز إلى نفسه، بينما شهدت المشروعات الكبرى فى القطاع فشلا تاما مثلما حدث فى مشروع محطة حاويات دمياط والتى تمثل نموذجا صارخا لأصول الدولة والمال العام، حيث أضاع على الدولة مستحقات واجبة تتجاوز ال100 مليون دولار، كما تسبب فى تعطيل تطوير أعماق الميناء، مما تسبب فى هروب الخطوط الملاحية إلى موانٍ أخرى منافسة فى شرق البحر المتوسط، كما فشل فى عدد من المشروعات الاستثمارية فى قطاع النقل البحرى وفى مقدمتها إلغاء مشروع محطة الحاويات الثانية فى ميناء شرق بورسعيد، وكذلك مشروع محطة الحاويات الثالثة فى ميناء الدخيلة والمعروف باسم الرصيف 100، وذلك على الرغم من التعديلات الهزلية غير المدروسة التى أدخلها ضاحى على كراسة الشروط والمواصفات مما افقد الوزارة المصداقية أمام الشركات العالمية المتخصصة، كما تم إلغاء كل المزايدات الخاصة بالمشروعات الاستثمارية فى ميناء سفاجا وميناء الطور وميناء الإسكندرية، والتى تصل إلى نحو 10 مشروعات باستثمارات تقارب 3 مليارات دولار. أما فى قطاع الطرق والكبارى، فقد شهدت مشروعات الطرق وفى مقدمتها المشروع القومى للطرق الذى أطلقه رئيس الجمهورية، فشلا تاما من جانب وزارة النقل، مما انعكس فى تدنى مستويات الإنجاز فى مشروعات الوزارة إلى نحو 40% من المستهدف مقارنة بنسب الإنجاز التى حققتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى مشروعاتها والتى بلغت 100%، كما تدهورت مستويات الصيانة وانخفضت معدلات السلامة لشبكة الطرق الحالية فى غياب الإشراف والمتابعة من الوزارة، مما ازدادت معه كثرة الحوداث على الطرق ليستمر نزيف دماء المصريين على الأسفلت. أما فى ما يخص هيئتى السلامة البحرية والنقل النهرى، التابعتين لوزارة النقل، فقد شهدتا إهمالا غير مسبوق فى عهد ضاحى، حيث لم يكلف نفسه عقد اجتماع واحد مع أعضاء مجلس إدارة الهيئتين، رغم أهميتهما فى مجال الأمن وسلامة الملاحة البحرية والنهرية مما انعكس بالسلب ونتج عنه تزايد الحوادث البحرية والنهرية، مثلما حدث فى غرق العبارة طابا المملوكة لشركة الجسر العربى التابعة لوزارة النقل، وحادثة مركب الوراق الأخير، والذى راح ضحيته أكثر من 35 شخصًا بينهم أطفال، وتهرب الوزير من المسؤولية وألقاها على عاتق وزارة الداخلية، ولم يكلف نفسه عناء النزول إلى مكان الكارثة، واكتفى بمتابعتها عن طريق الهاتف المحمول مع رئيس هيئة النقل النهرى والذى أقاله رئيس مجلس الوزراء مؤخرا. بعد توليه المسؤولية بعدة أشهر، أعلن ضاحى عن مشروع ضخم يستهدف مواجهة الزحام المرورى فى القاهرة الكبرى من خلال تشغيل 3 آلاف أوتوبيس فى القاهرة الكبرى تستهدف تقليل السيارات الملاكى فى شوارع القاهرة، لافتا إلى أنه سوف يتم تأسيس شركة نقل جماعى خلال أيام للعمل على حل أزمة المرور، والعمل على الحد من حوادث الطرق، إلا أنه اكتفى بالتصريحات والمؤتمرات، وازدادت حوادث الطرق فى عهده وأصبحت القاهرة الكبرى تعانى من زحام شديد، أشد مما كانت عليه فى السابق، وحتى الآن لم تؤسس شركة النقل الجماعى التى تحدث عنها وظلت حبرا على ورق.