علوي حافظ: لماذا تبحث الحكومة عن أوعية جديدة للضرائب وأوعيتها الحالية لم تنضب بعد؟ فرض الضرائب على السجائر والمشربات الروحية كلمة السر لكل حكومة منذ الستينيات؛ لزيادة مواردها المالية وسد العجز، لذلك مع كل تعثر مالي للحكومة يقابله فرض ضرائب جديدة، وهو ما حدث في 1964، عندما عرض رئيس الوزراء علي صبري، مشروع الميزانية على مجلس الأمة، متضمنًا فرض ضرائب على السجائر، وفرض رسوم إنتاج على السلع الكمالية والمشروبات الروحية، وهو الأمر الذي استفز وأثار حفيظة بعض الأعضاء آنذاك. فوقف النائب الوفدي علوي حافظ، في جلسة 8 يوينو 1964، قائلًا: لقد لاحظت في مشروع الموازنة ترابطًا بين ظاهرتين: الظاهرة الأولى: عندما تقدمت الحكومة بمشروع قانون بفرض رسوم جديدة على السجائر مع تقديم مشروع الميزانية، والظاهرة الثانية: اقتراح لجنة الميزانية بالمجلس فرض رسوم إنتاج جديدة على السلع الكمالية والمشروبات الروحية؛ للصرف على تعميم مياه الشرب.
وقال «أنا مع الحكومة واللجنة في ضرورة توفير المصاريف اللازمة للمشروعات الحيوية الهامة، ولكني أتساءل لماذا تبحث الحكومة دائمًا عن أوعية جديدة لتحصيل الضرائب وأعويتها الحالية لم تنضب بعد؟». وطالب وقتها بإعادة النظر في فرض هذه الضرائب الجديدة، ويهمني أن أتحدث هنا عن الضرائب المتأخرة علي التجار حتي الآن. وقد فرض علي التجار ضرائب جزافية، بسبب عدم مسك دفاتر رسمية، وهم لا يستطيعون دفع هذه الضرائب، وعدد كبير من هؤلاء التجار إما غادروا البلاد أو دخلوا في القطاع العام، أو متعسرون غير قادرين علي دفع الضرائب المتراكمة عليهم. «حافظ» يتقدم باقتراح لإنقاذ التجار واقترح «حافظ» إسقاط الضرائب المتراكمة على التجار والمتأخرة عليهم حتى سنة 1959، وإلغاء الدعاوى المقامة عليهم أمام المحاكم، والاستفادة من تجارب الدول التي سبقتنا إلى مثل هذا الإعفاء في كثير من الحالات، وذلك حتى نعطي هؤلاء الممولين فرصة أخرى للانطلاق والمساهمة في الإنتاج الوطني.
أما الممولون المتأخرة عليهم الضرائب من سنة 1959 إلى 1962، فاقترح أن نعفيهم من فؤائد التأخير، لأنهم يرغبون في دفع ما عليهم، لكن فوائد هذه الضرائب المتأخرة تثقل كاهلهم، لذلك اقترح إعفاء من يبادر بالدفع من هؤلاء التجار خلال العام الحالي بنسة 5% مما عليهم من الضرائب المتأخرة. وبهذه الطريقة نريح أعصاب التجار، ونعطي الدولة حصيلة ضخمة من الأموال التي تمول بها المشروعات الجديدة. نجاح أم نصر زائف؟ بعد مناقشات حامية بين النواب دارت لمدة أسبوع في أكثر من جلسة، نجح «حافظ» في معركته، وأجبر الحكومة عن التراجع عن فرض رسوم السجائر والمشروبات الروحية والسيارات والثلاجات وأجهزة البوتوجاز وتكييف الهواء وغيرها مما اقترح، لزيادة الاستثمار في مياه الشرب والإسكان والاستعاضة عنه برسم على البنزين بواقع 5 مليمات على اللتر الواحد. ولا نعرف إذا كان هذا انتصار أم إنه ساهم في فرض ضرائب على سلعة حيوية مقابل إعفاء سلع كمالية.