هذا هو السر الخطير الذى كان من المفترض أن تهتز له جهات عديدة مر أكثر من أسبوعين ولم تتحرك الأجهزة الرقابية والهيئات المكلفة بحماية المال العام ومواجهة الفساد ولم تحقق فى الأمر. الخبر نُشر، ورغم أنه يكشف عن جريمة ارتكبت فى حق مصر لكن لا حياة لمن تنادى، جمال مبارك استولى على نصف أرشيف مصر السينمائى الذى تمتلكه الهيئة العامة للاستعلامات، هذا هو السر الخطير الذى كان من المفترض أن تهتز له جهات عديدة وليست الأجهزة الرقابية فقط، تصورت أن رئاسة الجمهورية التى تتبعها هيئة الاستعلامات ستسرع وتحقق فى هذا الكلام، لأنها مسؤولة عن الهيئة وممتلكاتها، وظننت أن وزارة الإعلام ستتحرك، لأن الاستيلاء على هذا الأرشيف تم وقت أن كانت الهيئة تابعة لها وتحت مسؤوليتها قبل أن تصبح تابعة لرئاسة الجمهورية بقرار من الرئيس السابق المخلوع محمد مرسى. وتمنيت أن تهتم وزارة الثقافة بالقضية، لأنها من المفترض معنية بالحفاظ على تراث البلد، لكن كل هذه الجهات صمتت، السر كشفه السفير صلاح عبد الصادق، رئيس هيئة الاستعلامات، خلال حوار أجراه الزميلان الكاتب اللامع الصديق عادل السنهورى والصحفى البارع هانى الحوتى ونُشر يوم 27 يونيو فى جريدة «اليوم السابع»، وقال فيه «جمال مبارك حصل على نصف أرشيف مصر السينمائى، ولا أعلم أين يوجد حاليا، رغم أن الدقيقة منه تقدر ب10 آلاف جنيه»، هذا الكلام الخطير عن الاستيلاء على ذاكرة الوطن، لم يجد من يهتم به، ومن المؤكد أن هيئة الاستعلامات لم تسترد ما أُخذ منها، ولم تطالب باستعادة أرشيفها السينمائى، ورئيسها لم يقدم بلاغا يخلى فيه مسؤوليته عن ضياع جزء من وثائقها، نريد أن نعرف كيف حصل نجل الرئيس الأسبق على هذا الأرشيف؟ وما الأفلام التى اهتم أن تكون فى حوزته؟. وهل هى خاصة بالفترة التى تولى فيها والده الرئاسة أم أنها تخص فترات أخرى؟ وهل قامت الهيئة بجرد الأفلام التى تملكها لمعرفة ما ضاع منها وتحديد قيمتها التاريخية والمادية خصوصا أن رئيس الهيئة قال إن الدقيقة قيمتها 10 آلاف جنيه، وإن لديهم آلاف الساعات، مما يعنى أن نصفها يساوى مبالغ طائلة، فى المقابل لم يرد جمال مبارك على هذا الكلام، ولم ينفه، رغم حرص أسرة مبارك على التواصل مع الإعلام والرد على كل ما ينسب إليهم منذ خروجهم من السجن وحصولهم على البراءة فى القضايا التى كان أفرادها يحاكمون فيها، وإذا لم يكن جمال مبارك حصل على هذه الأفلام الوثائقية وأنه برىء من هذه التهمة التى ألصقها به رئيس الهيئة، فإن السؤال يظل مطروحا: أين ذهبت هذه الأفلام التى لم تعد موجودة فى حوزة الهيئة؟ ومن استولى عليها؟. لقد اهتم الدستور بالحفاظ على تراث مصر ووثائقها وقال فى المادة «50»: «تراث مصر الحضارى والثقافى المادى والمعنوى بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى تلتزم الدولة بالحفاظ عليه كذا الرصيد الثقافى المعاصر والمعمارى والأدبى والفنى بمختلف تنوعاته والاعتداء على أى من ذلك جريمة يعاقب عليها القانون».. فهل تهتم الجهات المعنية بهذه القضية أم تضع «ودنا من طين وأخرى من عجين»، وتكتفى بالكلام فقط عن محاربة الفساد والحفاظ على ممتلكات الدولة وتراثها وتاريخها دون فعل حقيقى.