ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي كان هناك أكثر من ندوة سينمائية مهمة، أولاها ناقشت قضية المحافظة علي التراث السينمائي، والثانية عن السينما والعلاقات الدولية، واتخذت فيها السينما التركية كنموذج، وقد أدار الندوة الأولي د. ليلي تكلا بحضور كل من السفير التركي بالقاهرة والنجمة التركية سعادات إيزيل والنجمة التركية «ملتم كامبول» والنجم التركي مراد بلدريم الذي خطف الأضواء من كل الحاضرين. في بداية الندوة أكدت د. ليلي تكلا أن السينما التركية حريصة دائماً علي إنتاج أفلام توجه رسائل للمجتمع بضرورة احترام القيم والقيمة، وأن من أهم أسباب نجاحها والتفات الجمهور العربي لها هو اهتمامها بالرومانسية التي نفتقدها في حياتنا، وبعدها عن العنف والشد العصبي، كما أنها تدعم القيم الأسرية والعائلية وضربت مثلا بهذا علي أهمية وجود مشاهد تجمع الأسرة علي مائدة الطعام وجعلها شيئًا أساسيًا للأسرة لتجتمع حوله، كما تهتم بوجود أدوار تهتم بكبير العائلة، كذلك تهتم الأفلام التركية أيضاً بمكانة المرأة في المجتمع وتسمو بهذه المكانة إلا أن هناك ما يؤخذ من السلبيات علي دبلجة الأفلام التركية حيث يتم استخدام مجموعة قليلة من الأصوات. وأكدت د. ليلي تكلا ضرورة دبلجة الأفلام التركية باللهجة المصرية بدلاً من اللهجة السورية لوجود اختلاف في معاني بعض الكلمات بين اللهجتين قد يؤدي إلي اللبس والفهم الخاطئ في الحوار. أما السفير التركي بالقاهرة فيري أن التقارب التركي - المصري في مجال الثقافة قادم.. مشيراً إلي أنه يسعي لإثبات ذلك من خلال إنتاج أفلام مشتركة، وأضاف إنه اجتمع مع أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون من أجل الاتفاق علي إنتاج مسلسلات مصرية- تركية مشتركة، وتمني أن يشهد عام 2011 اتفاقات في مجال الثقافة بين ''مصر وتركيا''. والحضور المميز في الندوة كان للنجم التركي الشهير «مراد بلدريم» الشهير ب«أمير» في الوطن العربي نجم المسلسل الشهير «عاصي» حيث خطف الأضواء من كل الحضور، وقد أعرب عن سعادته لحضوره إلي مصر قائلاً: أشكر مهرجان القاهرة لاستضافتي في هذه الدورة.. وأشار إلي أنه لم يكن يتوقع أن تكون له هذه الجماهيرية في مصر والتي شعر بها منذ وصوله إلي المطار، وكان مراد نجم الندوة بلا منازع، حيث تمحورت حوله معظم أسئلة الحضور خاصة حول حياته الشخصية وعلاقاته العاطفية التي أكد في إجابته عنها علي حبه الشديد لزوجته وعدم اهتمامه بالشائعات التي أكدت ارتباطه بالفنانة (توبا بويكستون) بطلة مسلسل عاصي وأكد أنهما مجرد أصدقاء، وأضاف إنه يتمني أن يمثل في فيلم سينمائي بالاشتراك مع ممثلين مصريين ويتوقع أن يتحقق هذا الإنتاج المشترك بين مصر وتركيا قريباً حرص الفنان الكبير يحيي الفخراني علي حضور الندوة، حيث فوجئ الحاضرون للندوة بوجود الفخراني وسط الحاضرين وانسحابه قبل انتهائها ويبدو أن سر حضوره هو استعداده لتجسيد شخصية محمد علي باشا واهتمامه مؤخرا بالثقافة التركية. أما الندوة الثانية فكانت «الحفاظ علي تراث السينما المصرية» ضمن فاعليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي وأدارها الدكتور خالد عبدالجليل رئيس المركز القومي للسينما، وشاركه الحضور المخرج د. محمد كامل القليوبي والأستاذ بالمعهد العالي للسينما وبياترس باستري مدير الأرشيف والمقتنيات وحفظ التراث السينمائي بالمركز الرقمي للسينما الفرنسية والسينمائي الفرنسي الشهير ريجيس روبرت. تحدث خلال الندوة الدكتور خالد عبد الجليل، عن أهمية حفظ التراث السينمائي في أي دولة، مشيراً إلي أن التعاون بين مصر وفرنسا في مشروع حفظ التراث السينمائي المصري خطوة مهمة جداً وبارقة أمل لكل السينمائيين، خاصة أن الجانب الفرنسي لديه خبرة طويلة في هذا المجال وأكد أهمية التفريق بين كلمة «أرشيف» وكلمة «سينماتيك»، حيث يكون الأرشيف أشبه بدار الوثائق ويحفظ فيه النيجاتيف آمناً، ولكن السينماتيك هو أقرب لمتحف سينمائي مُتاح للجمهور من أجل المشاهدة والتعرف علي تاريخ طويل من السينما، وأبدي سعادته الكبيرة بالاتفاق الذي حدث نظراً لأن هناك تاريخًا طويلاً وعريقًا للسينما المصرية ضاع لأسباب مختلفة سواء للسرقة أو للإهمال، لدرجة أن 25% من تاريخ السينما المصرية يعتبر ضائعاً، لذلك فهناك أهمية كبيرة لهذا المشروع من أجل الحفاظ علي تاريخنا السينمائي.. وأكدت بياترس باستري أن مشروع حفظ التراث وعمليات الأرشفة يختلف عن فكرة المكتبة السينمائية، مشيرة إلي أن التحدي الأكبر الذي كان يواجه المشروع هو المكان، وكانت قد اقترحت اختيار إحدي المناطق الأثرية حيث تكون ملائمة للحفاظ علي الأفلام وبالفعل قامت بياترس بجولة حول المناطق الأثرية في مصر وذلك بعد موافقة وزير الثقافة الفنان فاروق حسني وبالفعل وقع اختيارها علي قصر «الأمير عمر طوسون» ومنذ يومين بدأت الخطوة الأولي لاختيار القصر لجعله سينماتيك ومتحفًا للسينما وبدأ فاروق حسني مناقشة المجلس الأعلي للآثار وجاءت الموافقة علي جعل هذا المتحف بعد ترميمه متحفًا للسينما هذا مع مراعاة الحفاظ علي آثاره المعمارية دون الخلل بأي شيء وتم استدعاء خبير من فرنسا كي يضع تصوراته بعد تأكيده علي إيجاز جعل المتحف مكانًا لحفظ الأفلام، وهذا لأن قصر الأمير طوسون والذي تتحقق فيه كل الشروط من ليحقق استمرارية التراث. فهو مبني أثري يعود للقرن التاسع عشر ونحن نضمن بقاء وجوده في هذا المكان خاصة أن درجة حرارته صالحة لحفظ النيجاتيف كما أنه يوجد في مكان شعبي وكانت رغبتنا في إيجاد مكان أثري يصلح لهذه المهمة خارج نطاق القاهرة وسيتم الفصل بين النيجاتيف والأفلام الملونة والأفلام غير الملونة لذلك يجب تنوع درجات الحرارة بين غرف المكان لحفظ التراث، في حين يجب أن تكون النسخ متوافرة ومنظمة ليسهل الحصول عليها، ومتحف عمر طوسون صالح لهذه المهمة كما يوجد ملحق آخر يؤهل لنا ذلك وفي نهاية الحديقة يوجد مكان يمكن الحفاظ به علي الأفلام، أما النيجاتيف فوجدنا مكانًا بالمتحف صالحًا لحفظه حيث ملاءمة درجات الحرارة المخصصة لحفظ التراث.. وتحدثت بياترس، عن المواصفات الفنية التي يجب أن يكون عليها المكان وما سوف يكون بداخله، مشيرة إلي أن عمليات حفظ التراث لا تقتصر علي الأفلام فقط ولا تقتصر أيضاً علي الأفلام القديمة فقط، ولكن سيكون هناك سعة للأفلام الحديثة والقادمة في المستقبل من خلال جزء متحفي يسمح بعرض المراحل المهمة في مسار السينما المصرية ليتعرف عليها الشباب.. وأضاف خالد عبد الجليل: القصر علي مساحة 3200 متر ومكون من طابقين وآخر تحت الأرض عبارة عن 88 قبواً، كل قبو مساحته 4*6 أمتار بارتفاع 8 أمتار لذلك فالخطوة التالية هي اقتراح حفظ كل شيء يتعلق بالفيلم سواء صورًا أو نيجاتيف أو أفيشات أو أجهزة، وكل ذلك يمكن له أن يحفظ تحت أرض المتحف.. وأكد خالد عبد الجليل وجود غرفة لترميم الأفلام بداخل متحف طوسون كما يقوم المتحف بحفظ بعض الأفلام العربية ونأمل جعل المتحف مكانًا لحفظ جميع الأفلام العربية، ولكن حفظ الفيلم لا يعطينا الحق في التصرف فيه فهو ملك للمنتج أي نحن مجرد حافظين له وهناك عقود تبرم علي ذلك بيننا وبين المنتجين، وصرح أيضا بأنه يوجد 90% من تراث السينما المصرية من أفلام موجود داخل مصر و أن المتحف سيفتتح بحد أقصي بعد عامين تتضمن التجهيز لإنشائه وتدريب الكوادر المصرية الشابة في فرنسا علي كيفية التعامل مع حفظ التراث المصري السينمائي.. وقال ريجيس روبرت: إن الحفاظ علي السينما الفرنسية كان صعبًا جداً وبذل فيه مجهود خرافي حيث استغرق أعوامًا كثيرة لإيجاد مكان يلائم الحفاظ علي الأفلام الفرنسية لذلك نسعي للحفاظ علي هذه الذاكرة خاصة أن التراث الفرنسي ذهب نتيجة حادث حريق مأساوي، ومن ثم جاءت فكرة إنشاء أرشيف منذ حادث الحريق المروع وبعد الانتقال من السينما الصامتة إلي السينما الناطقة كانت هناك رغبة في الحفاظ علي السينما الصامتة من خلال الأرشيف وأنا أري ضرورة بناء أرشيف لحفظ تراث مصر السينمائي خاصة مع وجود مخرجين عالميين بمصر أمثال الراحل يوسف شاهين.. وردًا علي سؤال المخرج يسري نصر الله الذي كان ضمن الحضور عن كيفية سيتم حفظ هذه الأفلام في الأرشيف وقد «طالتها» يد الرقيب ببعض الفضائيات التي شوهت وحذفت حسب الأهواء؟.. وأجاب الدكتور محمد كامل القليوبي موضحاً أن الحذف الذي يتم في الفضائيات يكون علي نسخة بعيدة عن النيجاتيف الأصلي الذي لا يتم القص فيه أو الحذف.. وأضاف: هناك قانون ينص علي عدم العبث بالنيجاتيف الأصلي، وعلق خالد عبد الجليل: إن الفيلم سلعة وصاحب الفضائيات لا يعبث بالسلعة الأساسية، لأنه يعلم أن العبث فيها يفقدها قيمتها الفنية والمادية عند البيع، ولذلك هو يحذف فقط ويشوه عند العرض من خلال نسخ أخري.. واستفسر المنتج جابي خوري عما إذا ستقتصر عمليات حفظ التراث والأرشفة علي السينما المصرية فقط أم سيكون هناك حفظ وأرشفة ووجود لكلاسيكيات السينما العالمية؟ وأجابه خالد عبدالجليل: إن التعاون سيكون علي نطاق واسع وسوف يكون هناك أفلام من كل الدول.