تقف الدولة المصرية فى الوقت الراهن على أطراف أصابعها، فالإرهاب يضرب بعنف، وموجات التصعيد والتحريض الإخوانية ضد السلطة فى الداخل والخارج فى ذروتها، فى حين أن حالة التشاحن والانقسام السياسى بين القوى والأحزاب المختلفة أصبحت على أشدّها، لا سيما فى ظل الغموض الخاص بموعد إجراء الانتخابات البرلمانية، وفى وقت يصدر فيه الرئيس حزمة من القرارات والقوانين تثير كثيرا من علامات الاستفهام. «التحرير» التقت نقيب المحامين عضو هيئة الإصلاح التشريعى، سامح عاشور، فى حوار صريح عن تقديره للوضع السياسى والقانونى فى مصر خلال الوقت الراهن. ■ كيف ترى الوضع على الساحة السياسية حاليا؟ - هناك حالة التباس صعبة، فلا أحد يعلم هل هناك انتخابات برلمانية قريبة أم لا؟ وهل هناك استعداد حقيقى للقوى السياسية والأحزاب لخوض الانتخابات أم لا؟ أيضا هل هناك تنسيق لمواجهة الإرهاب الذى من المحتمل أن ينشط خلال العملية الانتخابية؟ مع الأسف أنا أرى أن الإجابات جميعها سلبية، وهذا أمر غير مبشِّر بالخير، فالنية موجودة لدى القيادة السياسية لإجراء الانتخابات، لكن الأداة التنفيذية ليست على مستوى إجراء الانتخابات حاليا، ولدينا مزيد من الارتباك والتخبط. هناك أمر آخر، أن القوى السياسية فى حالة صدام اندثارى، فنحن نشعر الآن أن «الوفد» يقتتل مع بعضه، والناس بيصفوا بعض، وهذه خسارة. «الوفد» قيمة، وقياداته نعتزّ بها، والخسارة الحقيقية أن ينتهى دور «الوفد» على أيدى رجال «الوفد»، وهذا يقاس على أغلب الأحزاب التى تنطوى على خلافات مختلفة، أدت إلى فتور قوتها، الأمر الآخر أن الإعلام المملوك لأصحاب المال موجَّه، ويسير وفق وجهة نظره فى اتجاه واحد، ووصل بالبعض لدرجة الإطاحة بثورة 25 يناير من أجل 30 يونيو، مع العلم أنه لولا ثورة 25 يناير ما كانت 30 يونيو، ومن يخصم 25 يناير من 30 يونيو فإنه يصفى حسابات، فالأخيرة لم تندلع إلا ضد الإخوان، وليس ضد 25 يناير أو مَن شارك فيها، وغير مقبول لأى جهة أن تجعل إحدى الثورتين فى مواجهة الأخرى بحسن أو بسوء نية. من ناحية أخرى، لا بد من حدوث حوار بصورة أكبر من الموجودة حاليا، ومن الضرورى أن يتواصل الرئيس مع القوى السياسية أكثر من ذلك، حتى يتولد حماس وحضور للعمل والتطوير والمشاركة، فمثلا فى الوقت الحالى عندما نشرع فى تنفيذ مشروعات المؤتمر الاقتصادى، نشعر أنه لا يوجد حماس يُعادل ذلك الذى انعقد به المؤتمر، ولا النيّات الحسنة التى أعلنت فى المؤتمر لتنفيذ المشروعات المختلفة، وهذا أمر سلبى للغاية. الأمر الآخر، أننا تخبّطنا كثيرا نتيجة قفزنا على فكرة العدالة الانتقالية فى توقيتها، فإذا أردنا اتخاذ إجراء ثورى سنصطدم بالدستور، وهو ما يمثّل اصطداما بالشرعية، ويؤدى إلى الدخول فى إشكاليات فرعية من شأنها إضعاف المقاصد الثورية، فكان يتعيّن علينا منذ البداية أن نبدأ بالعدالة الانتقالية الناجزة، وبقوانين للثورة تحاكم خصومها، لأنه لا يجوز محاكمتهم بقوانينهم التى ستخرجنا خاسرين، وفى نفس الوقت التمسك بالشرعية «اللى إحنا شربناها»، أفقدنا كثيرا. نحن أيضا نعانى متناقضات كثيرة، فبينما نرغب فى مواجهة الإرهاب الذى يحتاج إلى عنف فى المواجهة بقوة وخشونة ورجولة، لا نقبل المساس بالحرية بنعومتها وحريريتها، وهى معادلة صعبة ولا يجوز تنفيذها، وفى الحقيقة لا أعلم لماذا لم نجلب القوانين الأمريكية التى تم تطبيقها على الإرهاب، ونطبّقها هنا، ونجعل التمسك بالديمقراطية الحريرية لوقتها، فأمريكا فعلت أكثر مما فعلنا كثيرا ولم يلومها أحد، نحن فقط مَن لامها فى حين احترمها العالم بأكمله، فلماذا نعرّض أنفسنا لتهكّم العالم وسخريته؟ من الأفضل أن نطبق نفس القوانين التى طبَّقوها. ■ ما تقييمك لفترة حكم الرئيس السيسى؟ - السيسى كان وما زال يتمتع بامتنان شعبى غير مسبوق، وهذا الامتنان لا يزال مصاحبا له حتى الآن، بغضّ النظر عن ما فعله وما لم يفعله، وإذا كان لديه تقصير أو لا، فما زال الزخم الشعبى معه، إلا قليلا، خصوصا أن الشعب يرى إخلاصا فى أدائه للعمل ودأبا شديدا، قد لا يرى المواطن نتائج لكن هذا لا يمكن أن يجعله يتراجع عن حبه، فهذه الحالة عاطفية، يتعذّر معها تطبيق القواعد العادية، فالعلاقة بين الشعب المصرى والسيسى ليست علاقة عادية. ■ ما رأيك فى حكومة المهندس إبراهيم محلب؟ - رئيس الوزراء مجتهد جدا، لكنه «شغال بدراعه لوحده»، وليس كل الوزراء على نفس مستوى اجتهاده ودأبه، وهم فى الحقيقة لا يساعدونه، لكنهم مع الأسف يعطّلون العمل، فلا يوجد رئيس وزراء يتوجه ليرى أحوال مستشفى بنفسه أكثر من مرة، ويزور الأحياء المختلفة فى المحافظات بنفسه أكثر من مرة، ويشرف على الأعمال وحده، فهو يؤخذ عليه فقط عدم تغييرهم أو الاستعانة بمن يساعده، ويكون على نفس مستوى اجتهاده، لكن بالطبع لا يوجد رئيس وزراء يستطيع العمل بمفرده إطلاقا، لا بد من وجود مَن يساعده وينفِّذ خططه فى العمل، ويكون لديه الاستعداد لبذل مجهود حقيقى من أجل التغيير. ■ أين الأحزاب والشباب من السياسة؟ - الأحزاب غير موجودة بأنفسهم مرة، وبعدم الاعتراف بقدراتهم وإمكانياتهم مرة أخرى، وتقاعسهم عن العمل أيضا تسبّب فى عدم وجودهم، فيبدو أنهم ليست لديهم حلول أو مبادرات يعيدون تقديم أنفسهم بها، فالأسلوب مكرر، ولا توجد فكرة أو مشروع يُحدثون به شراكة مع الدولة، حتى المشروعات الصغيرة، مثل النظافة وغيرها، لا تشارك بها الأحزاب، فالحكومة لن تنزل بنفسها لتنتقى مَن يعمل معها ويقدّم لها مشروعا لتنفيذه. أما الشباب فإن كان حقهم مهضوما فى المشاركة السياسية رغم دورهم فى ثورتَى 25 يناير و30 يونيو، لكنهم مسؤولون عن ذلك، لأنهم خصموا نفسهم من الحساب العام، عندما تراجعوا خطوة للخلف وقت الاستفتاء على الدستور، وتصوروا عن طريق الخطأ أن العقاب بالغياب سيؤدى إلى الاعتراف بهم، لكنه على العكس أفقد ثقة الدولة بهم، ومنحها الفرصة لتجاهلهم واستبعادهم. ■ أين وزير الدفاع من أحداث سيناء؟ - هو القائد العام والمسؤول الأول عنها، وقد يكون عدم ظهوره أفضل، لأن ظهور السيسى يمثّل حضورا للدولة بالكامل، وليس للجيش فقط، لأنه يمثّل الجيش والشرطة والمجتمع المدنى. ■ هل المواجهة التى تحدث فى سيناء هى المثلى لمكافحة الإرهاب؟ - ليس لدينا بديل له، فلا يوجد بديل حوارى، والإرهابيون ليسوا أهل حوار، والتجارب الموجودة حولنا تجعلنا لا نصدّق أى إمكانية حوارية مع تلك الأطراف. ■ ما ردك على الاتهام بالانحياز إلى النظام؟ - أنا منحاز للدولة المصرية فقط، ودائما ما تم تصنيفى كمعارض، ولم أجلس على كرسى سلطة تنفيذية أو غيره، وبالتالى ليس لى ثمن، ولست صاحب مصلحة، أو أسعى لمنصب يعطيه لى رئيس أو غيره، ودائما لدىّ الشجاعة أن أقف إلى جانب النظام حال كان يعمل لمصلحة الدولة، والنظام حاليا يسير فى الاتجاه الصحيح، حتى إذا كانت بعض القرارات تحمل شططا أو غير مناسبة أو جاءت متعجلة، لكن حتى الآن لا يوجد سبب يجعلنى فى موقع المعارضة. ■ ننتقل إلى التشريعات، كيف ترى التوسع فى استخدام الرئيس لسلطة التشريع؟ - إصدار الرئيس للتشريعات حاليا حق لا يمكننا الحديث فيه، لأنه يحقّ للرئيس إصدار التشريعات فى ظل غياب البرلمان، لكن ما نستطيع التحدث عنه هو مسافة التجاوز فى استخدام هذا الحق. ■ وهل تجاوز الرئيس فى استخدام هذا الحق؟ - حتى الآن لا نستطيع القول بأن هناك تخطيا، لأنه لا يستطيع أن يترك الأمور ويقف موقف المشاهد، وهذا هو ما نتحدّث عنه ما بين الشرعية والثورية، فلا بد أن توجد مساحة ثورية فى الموضوع، لأننا إذا تعاملنا بالمسطرة سوف نخرج خاسرين. ■ كيف ترى حزمة التشريعات الأخيرة؟ - هناك تخبط كبير، وأنا غير راضٍ عنها، أنا أرى أن هناك معيارا، رئيس الجمهورية شكَّل لجنة أسند إليها مهمة مراجعة القوانين وإصدار الجديد «يقصد اللجنة العليا للإصلاح التشريعى»، لكن مع الأسف لم يتم عرض كل القوانين على اللجنة، فما خرج من اللجنة بتوقيع رئيس الجمهورية قليل، وما تم بمنأى عن اللجنة كثير، والغريب فى الأمر أن هناك عددا من القوانين صدر عن طريق عرضه على بعض أعضاء اللجنة دون الآخرين، إذ شاركوا فى لجنة خاصة، أخرجت قوانين، من بينها قانون الانتخابات، وقانون الإرهاب الذى كان موجودا باللجنة ثم انسحب من قِبَل الحكومة، ثم عاد للجنة مرة أخرى، ثم انسحب، وهو الآن على وشك الصدور، وهذا أمر غير حميد. ■ ما رأيك فى عدم اتساق بعض القوانين الصادرة مؤخرا مع الدستور؟ - هذا كلام يحتمل الجدل والنقاش والحوار، وربما كانت المادة الأبرز فى الفترة الأخيرة هى المادة «33» من قانون مكافحة الإرهاب، والتى تحمل شُبهة عدم دستورية، وتمثّل مطعنا على القانون ربما يتسبّب فى إلغائه، وأعتقد أنه من الأفضل أن يتم إلغاء هذه المادة تماما، خصوصا أن قانون العقوبات يعالج نفس هذه الحالة دون أزمات، لأن المادة على شكلها الحالى بدت كأنها تقصد الصحفيين، فدخل فى حرية الرأى والتعبير، فى حين أن التجريم لا علاقة له بحرية الرأى، لكن بتعمُّد بث خبر كاذب للتأثير على الرأى العام أو إضرار المجتمع، وهذه جريمة أخرى لا علاقة لها بحرية الرأى. ■ وما رأيك فى قانون الإرهاب بالكامل؟ - هذا القانون لم تتم مناقشته بدقة، وكان من الممكن أن يصدر بشكل أكثر سلاسة من هذه المرة، كما أنه إذا كان صدر فى وقت مبكر عما نحن فيه الآن كان سيلقى تأييدا أوسع من هذا بكثير، بحكم الظروف التى كانت تمر بها البلاد. ■ وماذا عن قانون عزل رؤساء الهيئات الرقابية؟ - القضية فى هذا القانون ليست هى هل من حق الرئيس أم لا، لكن الأمر الأهم هو مَن سيحاسب الرئيس، الأمر يحتاج إلى مراجعة، ولا بد من وجود أسس له، فمن الممكن أن يكون للرئيس قرار فى هذا الشأن على أن يستند لمؤسسة، سواء أكانت مجلس النواب أو مجلس الأمة أو المحكمة الدستورية العليا، أو غير ذلك، ولا يوجد عيب فى صدور قرار بعزل أحد رؤساء الهيئات الرقابية، على أن يُسند تأييده للجهة المنصوص عليها، لكن فى الحالة الحالية، فالأمر يشبه وجود سلطة التشريع فى يد الرئيس لحين انعقاد البرلمان. ■ ما ضرورة مثل هذا القرار حاليا؟ - أنا لا أستطيع منح رأى فيه، لكن الأمر يحتاج إلى مناقشة، لأن ترك الأمور مطلقة يُعدّ خطأ، ولا يجوز أن يُصدِر رئيس الجمهورية قرارا ليظل معلقا فى رقابنا أبد الدهر، لكن من حيث المبدأ لا يوجد شىء اسمه مسؤول غير قابل للعزل، فإذا كان رئيس الجمهورية نفسه قابلا للعزل، فلا بد أن يكون كل مسؤول بعده قابلا للعزل أيضا، لكن وفق آليات محددة. ■ لكن قوانين الأجهزة الرقابية منعت عزل رؤسائها؟ - أرى أن هذا القرار لا يوجد ما يمنعه، على أن يتم إسناده لجهة قضائية، وليس هناك ما يمنع أن يُعرض هذا القرار على المحكمة الدستورية العليا بطعن من صاحب الشأن، لتنظره المحكمة على سبيل العلاج، لتكون هناك آلية تعطى الحق للمُقال أن يتظلم من قرار إقالته. ■ ألا يمثّل عدم اتساق القوانين الحديثة مع الدستور تراجعا لدولة القانون؟ - لا إطلاقا، من الممكن أن يكون هناك بعض المخالفات أو التناقدات، وهو أمر يحتاج إلى البحث عن حلول، لكن هذا لا يمثّل عدولا عن دولة القانون أو تراجعا لها. ■ هل تتراجع دولة القانون فى مقابل مكافحة الإرهاب؟ - لا، مكافحة الإرهاب تقتضى أن يتنازل الشعب عن جزء من حريته مقابل حياته أو أمنه، أما عن حجم هذا التنازل فلا بد من خضوعه لحوار مجتمعى حقيقى، ويتناقش فيه المواطنين بشكل حقيقى، على أن يكون التنازل بضوابط وبحدود وبحوار. ■ كيف ترى تولى المستشار أحمد الزند وزارة العدل؟ - أعتقد أن الزند شخصية قضائية قوية، والشخص القوى يستطيع الإنجاز، وما كان بيننا فى السابق هو مجرد خلاف موضوعى وليس ثأرا، ومَن يعمل لصالح العدالة أنا دائما معه، ولا أقف إلا ضد السياق العام أو القانون أو المحاماة. ■ هل تطرق لقاؤك بوزير العدل للحديث عن التشريعات؟ - لا، بل اقتصر على مناقشة ما يخصّ أزمة المحامى محمد الجمل الذى أطلق أمين شرطة الرصاص عليه فى محكمة مدينة نصر. ■ ننتقل إلى البرلمان، ما قراءتك للانتخابات المقبلة؟ - أتوقَّع أن يتم الطعن عليه كما حدث فى المرة الأولى، وأن نسبة الحكم بعدم دستوريته واردة. ■ وكيف ترى قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الصادر مؤخرا؟ - هو مجرد تقسيم رقمى، بُنى على حسابات رقمية فقط، دون النظر إلى العدالة الحقيقية فى التمثيل، وهو أمر غير صحيح، وربما يؤدى إلى الطعن عليه. ■ كيف ترى عدم إصدار الرئيس السيسى جميع قوانين الانتخابات دفعة واحدة؟ - كان يتعيَّن على رئيس الجمهورية إصدار القوانين الثلاثة مع بعضها البعض، ومع الأسف فى ظل عدم تبرير قرار الرئيس بإصدار قانون تقسيم الدوائر دون قانونَى مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية، لن نستطيع منع أى شخص من الحديث عن رغبة رئيس الجمهورية فى تأجيل إجراء العملية الانتخابية. ■ فى اعتقادك، لماذا تم تأجيل الانتخابات البرلمانية التى لم تنعقد حتى وقتنا هذا؟ - مش عارف، خصوصا أنه ركن فى الدولة، والصورة الدستورية لا يمكن أن تكتمل إلا بوجوده. ■ هل تأجيل الانتخابات البرلمانية هدفه تمكين السيسى من إصدار القوانين التى يرغب فيها؟ - لا أعتقد أبدا أن البرلمان سيمنع الرئيس من إصدار القوانين التى يرغب فيها، فكما قلنا فى البداية الرئيس السيسى يتمتّع بامتنان يصل إلى حد قبول كثير من التصورات والرؤى التى يراها، وتأييده فيها بشكل كامل. ■ هل حسمت أمر خوضك انتخابات البرلمان بعد صدور قانون تقسيم الدوائر الجديد؟ - الأمر محسوم مبكرا بخوضى الانتخابات البرلمانية، لكنى فى الفترة الحالية ما زلت أناقش بعض النقاط وأتشاور فيها. ■ إلى النقابة، بات الاعتداء على المحامين قصة متكررة، فكيف تراها؟ - لا بد من التفريق بين أمرين، الاعتداء العارض والمهنى، فالأول ليس له علاقة بأنه محامٍ، فهو ليس مستهدفا، أما المهنى فهو ما لا يمكن قبوله، وهو ما ترفضه النقابة جملة وتفصيلا، وغالبا يتعلق الأمر فى الحالة المهنية بتعامل صاحب السلطة بشكل خاطئ مع المحامى، وعموما، المحامون يعانون مثل غيرهم منذ اندلاع ثورة يناير من حالة انفلات عالية فى الأخلاق والسلوك، بالإضافة إلى غياب الثقافة، فالشرطة فى حاجة إلى إعادة بناء ثقافتها ورؤيتها ودورها وبنيانها الفنى والإدارى، والتعالى على هذه الفكرة سيؤدى إلى مزيد من الأزمات. ■ هل هناك استهداف للمحامين من قِبل الأمن؟ - لا أعتقد أن الأمر يسير بهذا الشكل، لكنه يتعلق أكثر بالرعونة من بعض الجهات، وسوء استخدام السلطة والسلطان، فكل من لديه سلطة يتعامل على أنها ملكه وليست ملكا خالصا للمجتمع، تلك السلطة ربما تكون سلطة قرار أو حكم أو تنفيذ، ومع الأسف سوء الفهم فى هذه النقطة يكون كثيرا، خصوصا مع الصغار الذين يخلطون بين شخصهم وبين حق المجتمع، ويصفون حساباتهم عبر سلطة المجتمع. ■ وكيف ترى التعامل الثأرى بين المحامين والأمن؟ - مع الأسف هناك حالة احتقان ومعركة بين الطرفين، خصوصا فى ظل الخلط بين السلطة العامة والعمل الشخصى، وتعمُّد البعض التعامل بتعالٍ مع المحامين، وهذا الأمر يحتاج علاجه إلى تغيير الثقافة الشرطية تماما. ■ ما ردك على الاتهامات بالتهاون فى حق المحامين؟ - هذا صراخ صادر من بعض المرشحين لانتخابات مجلس النقابة المقبلة أو أنصارهم، وهو ما يحدث فى كل موسم انتخابى، ليخرج البعض بتصريحات وصراخ لا معنى له، ولا هدف من ورائه إلا المزايدات، مثل خروج أحدهم ليؤكد أن المحامين لن يقبلوا اعتذارا عن واقعة المحامى محمد الجمل حتى ولو صدر عن رئيس الجمهورية، ولا أعلم بأى حق يُصدِر هذا التصريح، وكيف يستعدى علينا رئيس الجمهورية، وعموما، فأغلب هؤلاء الصارخين كان يعمل مسبقا مع أمن الدولة، كمرشدين ومخبرين، وكانوا يأخذون أجرا على هذه الأعمال، بل وكانوا يخرجون المعتقلين والمحبوسين بمقابل مادى، ولا يجوز أن يتصدر هؤلاء الآن العمل العام، ويمثلوا دور الشرفاء أمامنا، وسوف أكشف عن أسمائهم وأضعهم فى قائمة سوداء إذا لم يحترموا أنفسهم. ■ لماذا لم يتم تفعيل الضمانات الدستورية لحماية المحامى خلال أداء عمله؟ - لأن القوانين المتعلقة بتفعيل النصوص الدستورية الخاصة بكفالة حق الدفاع، وحماية المحامى خلال أداء عمله لم تصدر بعد، لكنها فى طريقها إلى النور، فنحن نستعجلها، وقد خرجت من مجلس الدولة يوم الثلاثاء، وهى على وشك الصدور حاليا، لأن الحل التشريعى جزء من حل أزمة التعدى على المحامين. ■ لماذا ستترشح لدورة نقابية جديدة؟ - لأننا اعتزمنا عدم ترك النقابة، لا لفلول الحزب الوطنى المنحل ولا لفلول الإخوان، ولا بد أن نخلص النقابة من شرورهم.