هل تظنون الحديث عن تفاصيل الحياه البرية وكيفية تعاملنا الهمجى مع الطبيعة ومع كوكب الأرض عموماً بمعزل عما تعيشه مصرنا العظيمه اليومين دول من عوء وشعور حاد بالمرارة؟!.. أليست حياتنا كمجتمعات بشرية مصغرة مجرد أحد إنعكاسات حياتنا كجنس بشرى أرضى؟!.. ألم نتعلم تلات تربع ما تعلمناه فى حياتنا بملاحظة الحيوانات ثم إخضاع تلك الملاحظات للعقل البشرى قبل تطبيق تلك الملاحظات وتحويلها إلى إختراعات وأنماط حياه مختلفه تخصنا نحن البشر؟! إذن.. ليس هناك فارق بين أى بلد وأى غابة.. بين أى حاكم وبين أى أسد.. بين أى متزلف وبين أى ضبع.. بين أى عامة أو دهماء وبين أى قطيع حيوانات من أى نوع.. نحن والحيوانات وبقية الكائنات الحيه عموماً مجرد أوجه مختلفه للحياه.. الحياه هى الكائن الحى الوحيد فى ذلك الكون الذى يتضمن حياتنا بداخل حياته إلا أننا من غفلتنا ساعات بنتحدف ونتصور أننا نحن الذين نحياها بينما هى التى تحيانا.. والدليل واضح.. كلنا بنموت بينما الحياه هى الوحيدة المستمرة! أعزائى.. دعونى أصارحكم بالحقيقة المرة.. الحياه كائن خرافى وحقيقى فى الوقت نفسه.. يوجد فى خيالنا أكثر منه على أرض الواقع.. إلا أن خيالنا البشرى إذا ما إجتمعت خيالاته على تصور واحد.. فى تلك الحاله يتحول ذلك الخيال إلى حقيقة وإلى أمر واقع.. ونحن لسنا سوى مجرد الطعام بالنسبه لهذا الكائن الغريب الذى يعيش بداخلنا كالفيروس إلى أن يقضى علينا تماماً.. تلك العمليه من إنهاء الحياه لطعامها المتمثل فينا قررنا أن نسميها الموت.. بينما قررنا تسمية لحظة وضع طبق جديد من الطعام أمام الحياه بالميلاد.. نحن مجرد صنف من أصناف طعام متعدده على مائدة مخلوق عملاق لا نراه ولكننا نعرفه جيداً إسمه الحياه.. وكل ما علينا فعله أن نناضل من أجل أن نوضع فى قائمة الطعام الرئيسيه كأصناف طعام متفرده ومختلفه عن بقية الأكل العادى.. تلك القائمة التى نطلق عليها جزافاً تسمية غريبة مثل تلك.. التاريخ! «أيام عصيبة على ظهر كوكب الأرض».. ذلك هو عنوان السلسلة الوثائقية الضخمة والجميلة التى تنتجها قناة ناشيونال جيوجرافيك.. تتناول السلسلة بعض الموضوعات التى تخص كوكبنا الأرضى العزيز وحياتنا عليه التى ننجرف أحياناً بفعل تيارات الحياه العنيفه اليوميه وننساها.. مثل مشكلة الإحتباس الحرارى.. ومشكلة التلوث.. ومشكلة العبث بالطبيعه وارتكاب الحماقات أحياناً بدافع جعل الحياه أفضل.. الحلقة التى شاهدتها كانت تناقش مثل ذلك التساؤل المربك.. هل لو تخلصنا من جميع الحيوانات المفترسه على سطح الكوكب سوف تصبح الأرض مكاناً أفضل للحياه؟!.. وعلى الرغم من أن الإجابه قد تبدو للوهله الأولى نعم.. إلا أن الإجابه الحقيقيه هى لا.. سوف تخرب الحياه تماماً.. وربما لا نستطيع تخيل مدى الدمار الذى قد يلحق بالأرض فى حالة تخلصنا من المفترسات على سطح الكوكب.. سوف تخرب دورة الحياه المنطقية.. وسوف يخرب التركيب الجينى لنا وللنباتات وللحيوانات.. وربما تكون تلك هى نهاية الكوكب.. فالكوكب لا يستطيع العيش ولا التقدم سوى بالقوة الدافعة المتولدة من ذلك الصراع الأزلى بين القوه والضعف.. بين المفترس والفريسة.. بين الخير والشر.. إنها قد تبدو لكم مجرد قيم مطلقة غير ذات صله بموضوعنا إلا أن تلك القيم المطلقة بأضدادها هى الأساس الذى تنبنى حوله تجربة الحياه بأسرها.. فالحياه ما هى إلا مجرد تجسيد مسرحى لتلك القيم المطلقه.. لابد أن يكون بعضنا مفترساً ولابد أن يكون بعضنا الآخر فريسة.. لابد أن يظل الصراع بين الخير والشر صراعاً أزلياً لتستطيع عجلة الحياه مواصلة الدوران.. لو كانت حياتنا سيارة يمكنكم إعتبار الصراع بين القيم هو البنزين.. لا سيارة بدونه ولا حياه! الكوكب لن يعد صالحاً للحياه إذا تخلصنا من الحيوانات المفترسة.. تلك هى المحصلة النهائية للفيلم.. وكل حيوان مفترس بحاجة إلى فريسة يفترسها.. تلك هى المحصلة النهائية للحياه.. لهذا.. من الضرورى أن نحدد الآن دورنا بالظبط فى الليلة.. إحنا مفترس ولا فريسة؟!.. ولو لم نكن ولا كده ولا كده.. فماذا نكون بالظبط؟!