154 مليار جنيه لدعم المواد البترولية ورغيف الخبز والسلع التموينية أثيرت حالة من الجدل بين العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين، حول انتهاج الحكومة المصرية لسياسية ترشيد الدعم خاصة بعد الاعتقاد بأنها العصا السحرية لانقاذ الاقتصاد المصرى. حيث اتفق عدد من الخبراء الاقتصاديين مع الحكومة على ضرورة الترشيد الحقيقى والفعال للدعم خاصة وأن الاقتصاد المصرى عانى على مدار السنوات السابقة بسبب أن معظم بنود الموازنة العامة تعد إنفاق حتمي، وتقوم الحكومة بانفاق 154 مليار جنيه للدعم منها 114 مليارا لدعم المواد البترولية و21 مليارا لرغيف الخبز و19 مليارا لدعم السلع التموينية. فيما عارض البعض الآخر للنهج المتبع والخاص بترشيد الدعم ، لافتين إلى أن مثل هذه القرارات ستأثر سلبا على محدودى الدخل وتجعلهم أكثر احتياجا من ذى قبل، مما يخلق مشاكل آخرى قد تفشل الحكومة فى حلها. ومن جانبه .. قال أحمد سبح ،مدير محافظ بالبورصة ومحلل اقتصادي، إن الأسلوب الذى انتهجته الحكومة لا يضمن وصول الدعم لمستحقيه بل ساعد على خلق سوق سوداء. وأشار إلى مساهمة فاتورة الدعم فى إلحاق العجز بالموازنة والذى من المتوقع أن يزيد عن 200 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي 2012-2013، موضحا أن توجيه الحكومة لأغلب مواردها للانفاق على الدعم على حساب القطاعات الأخرى كالتعليم والنقل والبنية الأساسية أدى إلى افتقار الشعب المصرى للخدمات الأساسية والضرورية لنهضة ورفعة أى وطن. وأضاف أنه من خلال الدراسات والاحصاءات الرسمية والمجتمعية أثبت أن الدعم ساهم بشكل كبير فى خلق مشاكل آخرى كأزمة تهريب السولار والدقيق وبيعها فى السوق السوداء التى أصبحت الآن من ضمن المشاكل الاقتصادية التى تعجز الحكومة على حلها. وأكد أحمد سبح ،مدير محافظ بالبورصة ومحلل اقتصادي، على ضرورة اتباع خطوات حقيقية وقوية ومبتكرة فى مواجهة كارثة الدعم الذى بدأ كحلم جميل وإنتهى إلى كابوس يعانى بسببه المواطنين من إنهيار فى كافة القطاعات الخدمية فى الدولة. ونوه إلى ضرورة ترشيد دعم رغيف الخبز من خلال توجيه إلى دعم القمح نفسه إلى جانب زيادة المساحات المنزرعة منه لتحقق الاكتفاء الذاتى منه، معتمدين على التقنيات الحديثة والمبتكرة التى تساهم فى رفع انتاجية الفدان بشكل مضاعف، مما يعود بالنفع على الاقتصاد المصرى من خلال توفير العملة الأجنبية والقضاء على السوق السوداءلاستيراد القمح. اقترح رفع سعر رغيف الخبز الى 15 قرشا، وذلك لتخفيف كلفة الدعم على الدولة، منوها بضرورةالعمل على القضاء على ظاهرة شراء كميات كبيرة من الخبز من والذى يتخذه البعض كعلف للماشية وذلك بهدف تقليل المهدر. وأضاف أنه فى إطار تقليل تكلفة رغيف الخبز فأنه لابد من تحديد هوامش الربحية للمطاحن والمخابز، فى إطار قانونى عام لتحديد هوامش الربحية الانشطة الانتاجية والتجارية بما يساهم فى بشكل أساسى فى القضاء على الجشع والاستغلال، بجانب ضرورة اصدار قوانين رادعة للقضاء على الاحتكار. ودعا المحلل الاقتصادى إلى الاسراع فى تطبيق المنظومة الجديدةالخاصة بترشيد دعم الوقود مع اجراء بعض التعديلات الخاصة بهذه المنظمة والمتمثلة بالاعتماد على الكروت الذكية وليست الكوبونات منعا للتزوير وتسهيلا لعمل المنظومة، وذلك بالاضافة إلى زيادة الكميات المسموح بصرفها للمستهلك بالسعر المدعم من 1800 لتر سنويا إلى 2400 لتر سنويا حتى تلائم للاستهلاك الحقيقى. ونوه إلى ضرورة تشديد العقوبات الرادعة وصولا إلى السجن المؤبد على المخالفين ومصادرة ممتلاكاتهم ما يساهم فى توفير مليارات الجنيهات التى تنفقها الدولة سنويا وتبتلعها منظومة الفساد الخاصة بالمستثمرين فى أغلب قطاعات الحياة المصرية. ومن جانبه قال الدكتور رشاد عبده ،رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستيراتيجة، منوها إلى أن الدعم يعد وسيلة لزيادة الصادرات هذه الدول مما يساعد على فتح أسواق جديدة فى بلدان آخرى، لذلك تتبع معظم البلدان سواء المتقدمة أو النامية هذه المنظومة الخاصة «الدعم» إلا أن الوضع اختلف فى مصر. ونفى رشاد أن يكون ترشيد الدعم أو إلغائه هو حل للمشكلات الاقتصادية التى تعانى منها مصر، مستعرضا آثار قرار رفع الدعم عن بعض الشركات والمصانع، حيث يخلق مشكلة آخرى تقع على عاتق المواطن الذى سيتحمل تكلفة زيادة أسعار الخاصة بمنتجات هذه المصانع، ذلك بالاضافة إلى الضرر الواقع على أصحاب هذه المصانع بغلق المصانع او تسريح عدد من العمال مما ينعكس سلبا على الاقتصاد المصرى. وأكد رفضه التام لمنظومة الخبز الجديدة التى ستنعكس تطبيقها سلبا على محدودى الدخل كونها غير ملائمة للوضع السياسي والاقتصادى فى مصر، وأشار إلى أن حل المشاكل الاقتصادية يتمثل فى ضرورة توفير الحكومة لمناخ استثمارى ملائم يجذب العديد من الاستثمارات لمصر قائما على الأمن والاستقرار مما يساهم فى اعادة معدلات السياحية إلى طبيعتها فى مصرويساعد على ضخ العملات الأجنبية إلى مصر لتعويض النقص فى الاحتياطى النقدى. وأكد الدكتور رشاد عبده على ضرورة اتباع نفس النهج الذى تتبعه الدول المتقدمة بوضع خطة استيراتيجية واضحة تراعى البعد الحضارى الاستيراتيجى القادر على استيعاب أى تطورات، والتى تعتمد اعتمادا كليا على ضخ وتزويد البنية التحيية الخاصة بالعديد من المشروعات لمستقبلية ، إلى جانب العمل على تطوير منظومة الطرق و الاتصالات لجذب العديد من الاستثمارات. واقترح تطبيق فيما يسمى «باقتصاد الوفرة» الذى يعتمد اعتمادا كليا على ضخ استثمارت فى مشاريع البنية التحتية ، بدلا من اتباع اقتصاد الندرة الذى يعتمد على سياسة التقشف وإلغاء الدعم وتسريح العمالة مما ينعكس سلبا على المواطن والاقتصاد بأكمله. وأكد على ضرورة وجود رقابة منظمة قادرة على ضرب يد من الحديد على المخالفين وذلك خوفا من إلحاق الضرر بمحدودى الدخل وكذلك اتباع الحكومة لبدائل آخرى قائمة على اصدار عدد من القوانين والتشريعات جاذبة للاستثمار الاجنبى داخل مصر، والتى تساهم فى خلق فرص عمل جديدة ودفع عجلة الانتاج مما يساهم فى حل مشكلة البطالة والعديد من المشاكل الاقتصادية.