فيونا هيل وكليفورد جادي ترجمة: إبتهال فؤاد قررت إدارة أوباما أن الوقت قد حان لإعادة ضبط العلاقات مع روسيا، حيث كانت إعادة ضبط العلاقات واحدة من أولى مبادرات السياسة الخارجية فى عام 2009، التى عملت بالتأكيد على خفض التواترات الثنائية لفترة. لكن الرئيس باراك أوباما يواجه حاليا الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بدلا من ديمترى ميدفيديف، وسيتوجب إعادة النظر فى الافتراض الكلى للعلاقات بين روسيا وأمريكا. بعد مرور 12 عاما على وجوده بالسياسة الروسية، أصبح بوتين شخصية مألوفة للغاية. لكن يتم تحويل رؤى واضعى السياسات والخبراء على نحو مستمر عن طريق الانطباعات التى تنتشر داخل وخارج روسيا بداية من الرجل الذى يخدر النمور (نشرت إحدى الصحف الأوروبية رسما يظهر فيه بوتين على هيئة قيصر وهو يحمل بندقيته وأمامه الرئيس ساركوزى على شكل نمر، وفى أعلى الصفحة كتبت عبارة «بوتين يخدر النمر الأوروبى الخطر»)، ويحلق مع الطيور إلى المستبد المناهض للأمريكان القاسى الذى يستغل الأيتام لتقويض تشريعات حقوق الإنسان الأمريكية. بالنسبة إلى إدارة أوباما وفى ما يتعلق برسم مسار جديد لعلاقتها مع روسيا، فالأمر يحتاج إلى توضيح من هو فلاديمير بوتين وماذا يريد؟ ينصب اهتمام بوتين على بقاء الدولة الروسية، وليس فقط على بقائه الشخصى على قيد الحياة، ففى أول ولايتين رئاسيتين له عمل على استعادة وتعزيز قوة واستقلالية الدولة الروسية. وقام بذلك بشكل رئيسى عن طريق توجيه الكسب غير المتوقع من ازدهار أسعار البترول لتسديد الديون الهائلة المتراكمة من قِبل أسلافه، ميخائيل جورباتشوف وبوريس يلتسين، وشرع بعد ذلك فى تطوير احتياطى روسيا المالى والمواد الخام. يعتقد بوتين حاليا أن الوقت قد حان للتركيز على تعزيز الوضع الروسى الداخلى. ففى ديسمبر 2012، وفى أثناء خطابه السنوى أمام الجمعية الاتحادية، بالكاد ذكر بوتين العالم الخارجى. وأكد بوتين أن الروسيين يحتاجون إلى استعادة الأحداث وتأملها، وأن ينظروا إلى وطنهم لا إلى الغرب، إلى التضامن لا الفردية، وإلى الروحانية وليس النزعة الاستهلاكية والتحلل الأخلاقى. يروج بوتين لجذور روسيا التاريخية والقيم التقليدية باعتبارها أساس مسار روسيا المستقبلى. أولويات بوتين لعام 2013 هى الحد من قابلية تعرض روسيا للصدمات الخارجية. فهو لا يهتم بمغامرات السياسية الخارجية، وخصوصا الدخول فى مواجهة مع الولاياتالمتحدة، حيث يعارض بوتين بشدة سياسة الولاياتالمتحدة تجاه سوريا والتهديد باستخدام القوة ضد إيران. لكن معارضته لا تنبع من عدائه لأمريكا أو رغبته فى دعم ملالى إيران أو الرئيس السورى بشار الأسد فى صراعهما مع الغرب. لكنه متجذر فى هوسه بالاستقرار. مساعدة طهران فى تأمين سلاح نووى وإبقاء الأسد فى دمشق ليست من أهداف بوتين. ولكنه يرى أن هجوم إسرائيل أو الولاياتالمتحدة على مواقع إيران النووية، وتدخل الأممالمتحدة فى سوريا لاستخدام القوة للتخلص من الأسد سيعمل على زيادة التقلبات العالمية. يرغب بوتين أن تُترك روسيا وحدها، وسيظل تصوره عن تدخل الولاياتالمتحدة غير المرغوب فيه نقطة حساسة فى هذه العلاقة الثنائية، وعندما يرى أن الدولة الروسية تتعرض للإهانة أو الطعن بأى شكل من الأشكال فى هذه المسألة، سيكون رد فعله سريعا للغاية. يصعب التعامل مع فلاديمير بوتين الحقيقى، فهو الرجل الذى يعرف جيدا ما الذى يريده، وحالما يتضح للإدارة الأمريكية ما الذى يعنيه هذا ستبدأ فى فهم رسالته الخاصة وحدود التعامل مع الرئيس الروسى.