رائحة الحرائق فى مدن ومحافظات مصر سرعان ما انتقلت إلى وزارة المالية على ما يبدو، التى تراجع الآن نيتها حيال خطتها لطرح السندات فى الربع الحالى من العام المالى على الأقل على خلفية ارتفاع العائد على السندات طويلة الأجل بصورة خاصة، مع تصاعد الأحداث لمواجهة المخاطر الإضافية للأوراق المالية الحكومية جراء التوترات السياسية التى تشهدها مصر حاليا. مصدر رفيع المستوى فى وزارة المالية، طلب عدم ذكر اسمه، قال ل«التحرير» إن ما أُعلن على موقع الوزارة من قبول 500 مليون جنيه فى عطاء للسندات بأجل 1 يناير 2016 وطُرح الإثنين الماضى، جاء أصلا فى ظل طرح سندات بواقع مليار جنيه، وبما يعنى أنها حجَّمت الطلب بواقع خمسين فى المئة نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة إلى 14.58 فى المئة، «لكن جرى تغطية عطاء آخر بأجل 1 يناير من العام 2023 طُرح فى نفس اليوم بالكامل بواقع مليار جنيه»، حسبما أضاف. المصدر تابع «الوزارة خططت أصلا لطرح عطاءات للاكتتاب فى الأوراق المالية الحكومية بواقع 160 مليار جنيه فى شهور يناير وفبراير ومارس من العام الحالى، وجرى إلغاء عطاءات بواقع 16.5 مليار جنيه نتيجة ارتفاع العائد عليها بسبب المخاطر السياسية». المصدر قال إن الوزارة تبحث الآن طرح العطاءات عبر أذون الخزانة قصيرة الأجل بدلا من السندات طويلة الآجال التى تحمل بطبيعة الحال مخاطر أعلى من أذون الخزانة ذات الآجال القصيرة مما ينعكس بالتالى على أسعار الفائدة التى تزداد ارتفاعا على السندات قياسا إلى أذون الخزانة. سلوى العنترى، رئيسة قطاع البحوث السابقة، أوضحت أن احتمالات تخفيض الجدارة الائتمانية للديون السيادية المصرية على خلفية تفجر الأحداث بما تتضمنه من رفع درجة عدم اليقين السياسى، وبالتالى مخاطر عدم السداد، ستؤدى إلى ضغوط كبيرة على الأوراق المالية الحكومية بصورة عامة، والسندات طويلة الأجل بصورة خاصة. العنترى قالت «عادة ما ترفق مؤسسات التصنيف الائتمانى توقعات بشأن المخاطر على المدى البعيد، فمثلا (ستاندر أند بورز) أرفقت تخفيضها للتصنيف الائتمانى لمصر (فى ديسمبر من العام المنصرم إلى B-) توقعات مستقبلية سلبية، وهو ما يلقى بظلاله على السندات أكثر من الأذون». وكانت وزارة المالية قد اضطرت إلى طرح عطاء لأذون الخزانة بآجال 182 يوما و364 يوما الأربعاء قبل الماضى، وقبل تفجر الأحداث الدامية بدءا من الذكرى الثانية للثورة الجمعة الماضية، بدلا مما هو معتاد فى الخميس من كل أسبوع، بسبب عطلة المولد النبوى، فى حين كانت قد أعلنت قبلها على الفور إلغاء عطاءين يوم الإثنين الماضى لسندات طويلة الأجل، وطرحت الأحد الماضى عطاءين للاكتتاب فى أذون الخزانة بواقع 273 يوما و91 يوما.