هل هى صدفة أن كل الحكومات التى تشكلت فى عهد الأخ الرئيس مرسى ليس فيها وزير واحد يفهم فى الاقتصاد فى وقت تمر فيه مصر بواحدة من أشد الأزمات الاقتصادية التى عرفتها فى تاريخها الحديث؟! هل هى صدفة، أم أن الأمر مقصود لكى يتم تمرير المخططات التى يجرى إعدادها من أطراف أخرى، ويكون دور الحكومة فيها هو وضع «ختم الموافقة» دون نقاش، وفى غياب أى وزير يستطيع مناقشة القضايا الاقتصادية؟! وهل هى صدفة أيضا أن يكون «البهوات» الذين يمسكون بالملفات الاقتصادية الأساسية الآن هم ناس تدربوا فى مدرسة «الشطارة» و«الفهلوة» وأن الكثيرين منهم كانوا صبية فى شركات توظيف الأموال، وكانوا مساعدين صغارا للريان والأسعد وغيرهما فى جمع مدخرات المصريين وتبديدها أو فى الاتجار بالعملة الأجنبية فى السوق السوداء وقبل أن يفتح الله عليهم ويتحولوا من أصحاب «سوبر ماركت» أو سماسرة فى السوق إلى أصحاب مشروعات كبرى وشركاء فى الحكم وأوصياء على عالم «البزنس» ورجال الأعمال ومتحدثين باسم النظام ومهندسين للصفقات الكبرى والمشبوهة؟! وهل هى صدفة أن يقود ذلك إلى ما نشاهده الآن؟ حيث يدار اقتصاد مصر بطريقة «الريان» وأسلوب توظيف الأموال، حيث العجز يتم تغطيته بالديون، والديون يتم التعامل معها بالمزيد من الديون، وحيث النصب والاحتيال باسم الدين المفترَى عليه مع فارق أساسى، وهو أن توظيف الأموال كان «مغامرة» بددت مدخرات الغلابة. أما الذى يجرى الآن «وآخر إبداعاته مشروع الصكوك التى كانت إسلامية تم ارتدت!!» فهو «مقامرة» بمستقبل مصر وإهدار لكل ممتلكاتها ووضع مؤسساتها وشركاتها ومرافقها قيد الرهن أو البيع أو الإيجار؟! شاء لى القدر أن أكون فى مقدمة من تصدوا لجريمة شركات توظيف الأموال، وأن أدخل فى معركة معها حين حاولت اختراق الصحافة المصرية وتدنيس شرف الصحفيين والسيطرة على الإعلام لتضعه فى خدمتها كما وضعت يومها الكثيرين فى السلطة التنفيذية والتشريعية، والأدعياء المنافقين الذين باعوا الفتاوى باسم الإسلام لتستخدم فى النصب على شعب مصر!! لا يختلف الأمر فى مشروع الصكوك إلا فى أن الحكومة بنفسها هى التى تقوم بدور شركات توظيف الأموال، وأن النصب والاحتيال لا يهددان مدخرات الغلابة، بل يهددان رأسمال شعب مصر من المؤسسات والمرافق والشركات ويعيد شبح الخديو إسماعيل الذى باع أسهم مصر فى قناة السويس، وباع معها استقلال مصر لعشرات السنين!! إنها الجريمة الكبرى التى يراد تمريرها عبر حكومة فاشلة ومجلس ديكور ينتحل صفة البرلمان وجماعة لا يهمها إلا الاستحواذ على الحكم، وحكم لا يهمه مصلحة الوطن.. لأن الوطن غائب عند من يرفعون شعار «طظ فى مصر»!! إنها الجريمة الكبرى التى لا بد من إيقافها مهما كان الأمر فلتكن «لا» التى أطلقها الأزهر الشريف والتى يتمسك بها كل العلماء والخبراء والاقتصاديين، والتى تُجمع عليها كل القوى الوطنية هى الحكم النهائى بإعدام هذا المشروع المشبوه ومحاسبة كل المتورطين فيه. يبقى أن البعض يعاتبنى، لأنى أضع ما يجرى الآن من مخططات لرهن مصر وبيع أصولها وتوسعاتها أو تأجيرها، فى نفس السياق الذى جرى مع إفلاس مصر فى عهد إسماعيل، وضياع كل ممتلكات الدولة يومها بما فيها قناة السويس ووقوعها فى يد الأجانب. العتاب مقبول، فهناك فرق أساسى بين الحالتين لا بد من الاعتراض به.. كان الخديو إسماعيل وهو يقود مصر نحو الإفلاس يحلم بأن تكون مصر قطعة من أوروبا!! أما الآن، فالخديو وأنصاره وجماعته يعرضون مصر فى المزاد العلنى وهم يحلمون بدولة، مثلُها الأعلى تَشِعُّ «أنواره» من كهوف أفغانستان!!