حذر تقرير صادر عن معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، من أن الجماعات الجهادية باتت تمثل تهديدا كبيرا فى مصر بسبب ما وصفه بالمناخ المتساهل مع تحرك الإسلاميين بشكل عام منذ سقوط نظام الرئيس السابق حسنى مبارك فى فبراير الماضى، وكذلك تسامح جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة مع زملائها من الإسلاميين إلى جانب ضعف الدولة المصرية. وقال تقرير بعنوان «جهاديون على النيل» إنه فى أعقاب الثورة، أصدر المجلس العسكرى الحاكم فى هذا الوقت عفوا عن عديد من الإسلاميين، من بينهم أفراد أيديهم ملطخة بالدماء، على حد قوله. وأشار إلى أن العديد من هؤلاء نبذوا العنف، وبعضهم شكل أحزابا سياسية، لكن آخرين لم يغيروا مواقفهم تماما. وهؤلاء الفئة الأخيرة تقوم بنشر الفكر المتطرف فى المشهد السياسى وتهدد مصالح الولاياتالمتحدة، حسب قوله. واستعرض التقرير عددا من الجماعات الجهادية التى تشكلت فى مصر مؤخرا من بينها «جماعة أنصار الشريعة» و«الطليعة المجاهدة أنصار الشريعة» وهما الجماعتان اللتان قال التقرير إنهما جديرتان بالملاحظة. ونبه التقرير إلى أن ظهور زعيم جماعة الجهاد الإسلامى السابق محمد الظواهرى، شقيق زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهرى، أعطى لهذه الجماعات وجها عاما. وأشار إلى أن الظواهرى أفرج عنه فى مارس 2012 وهو منذ ذلك الحين يدعم الجهاد العالمى عبر مقابلاته مع وسائل الإعلام المحلية والعالمية. وفى حين أنه ينكر علاقته بالقاعدة يقول التقرير إن الظواهرى يتفق مع فكر التنظيم، وحرض من خلال «تويتر» على احتجاجات خارج السفارة الأمريكية فى القاهرة فى 11 سبتمبر. كما تعاون مع عضو الطليعة المجاهدة أحمد عشوش فى التخطيط لمشاركة السلفيين فى مظاهرة فى نوفمبر لدعم الشريعة، وحث على مقاطعة الاستفتاء على الدستور منتقدا ما وصفه ب«أذناب الإخوان» ودفع بأن الدستور ليس إسلاميا بالشكل الكافى. وحذر التقرير من أنه على الرغم من صغر عدد أتباع هذه الجماعات، مثلما اتضح من مشاركاتهم الهزيلة فى المظاهرات فى ميدان التحرير لدعم الشريعة، فإن ثمة خطرا كبيرا من أن يكتسبوا أتباعا جددًا فى الشهور القادمة، والمناخ المفتوح فى مصر بعد مبارك يمنحهم فرصة غير مسبوقة لنشر أفكارهم، ومن المتوقع أن يجتذبوا أنصارا من داخل الأحزاب السلفية، الذين ربما كانوا غير مقتنعين بالعملية السياسية التى يعتبرونها بالأساس «شرا لا بد منه». ويقول التقرير إن انهيار الأمن الداخلى فى مصر سيعطى للجهاديين فرصا هائلة لتجنيد عناصر جديدة، فضلا عن أن عدم الاستقرار فى سيناء ربما يمنحهم أرضا جديدة للتدريب، والعودة إلى الوادى بمهارات مطوَّرة لمهاجمة المدنيين أو الدولة. وبالإضافة إلى ذلك فإن عدم الاستقرار فى شمال سيناء ربما يمثل تهديدا للعلاقات والسلام مع إسرائيل. لم تبذل الحكومة المصرية -حسب ما يرى التقرير- الكثير حتى الآن لتقييد الظهور السلفى، وفى حين أنه لا الجيش ولا الإخوان يريدون صعود الجماعات الجهادية، لكنهم يخشون من عواقب سياسية داخلية إذا قاموا بقمعهم بشكل مباشر. والإخوان على نحو خاص يخشون من أن مواجهة رفاقهم الإسلاميين سوف تكون فى مصلحة منافسيهم السلفيين، أما الجيش فهو يرى المسألة على أنها مسألة شرطية تتحمل مسؤوليتها وزارة الداخلية. وقال التقرير إنه حتى الآن لم يتم إلا القليل جدا، ويخص ضبط أسلحة الجهاديين التى يتم تهريبها من مصر إلى سيناء، والعملية الأمنية فى شبه الجزيرة لم تحدث فارقا ملحوظا، مع بعض الادعاءات بأن عديدين ممن قتلوا أو تم توقيفهم هم من أفراد القبائل، وليسوا جهاديين. وتابع أنه لو صحت التقارير عن علاقة شبكة جمال بالهجوم على القنصلية الأمريكية فى بنغازى بليبيا، ومقتل السفير الأمريكى كريستوفر ستيفنز، فى سبتمبر، فإنه لم يتم القيام بشىء للتأكد من صحة هذا الزعم أو مساعدة واشنطن فى ملاحقة هؤلاء الأفراد. والقاهرة فشلت أيضا فى التحقيق فى طبيعة العلاقة بين محمد الظواهرى وشقيقه. ويقول التقرير إن تلك الاستفسارات يمكن أن تؤدى إلى فهم أفضل لنوايا الجهاديين المصريين وعلاقاتهم العابرة للقوميات.