نتيجة واحدة تقولها أحداث يوم الاستفتاء: هذا الشعب العظيم لا يمكن أن يُقهَر. هذه الملايين التى خرجت تقاوم الاستبداد وتقول «لا» للفاشية، سوف تحقق الهدف فى النهاية، وسوف تنقذ الوطن مهما كانت التضحيات. كانوا يعرفون أنهم يخوضون معركة غير متكافئة، ومع ذلك لم يتراجعوا ولم ترهبهم ميليشيات الشر التى تريد أن تختطف الوطن. كانوا يعرفون أنهم يخوضون معركة ضد المال الحرام الذى ينفق بلا حساب والذى يستغل حاجة الفقراء بلا دين ولا ضمير. وكانوا يعرفون أنهم يخوضون معركة ضد جماعات لا يهمها أن تحرق الوطن وأن تغرقه فى بحور الدم لكى تصل إلى السلطة وتقيم دولتها على القمع والاستبداد واستغلال الدين الحنيف لخداع الناس. وكانوا يعرفون أنهم يخوضون معركة أجاد فيها الطرف الآخر فى إعداد كل أدوات التزوير لكى يمرر هذا الدستور الباطل. ومع ذلك.. خاضوا المعركة، بلا إمكانيات، ودون استعداد حقيقى، وقفوا بالساعات أمام لجان تعمّد المشرفون عليها تعطيل التصويت خدمة للحاكم وجماعته. حاولوا -بكل جهدهم- أن يمنعوا التزوير المخطَّط فى غياب غالبية رجال القضاء الشرفاء، وفى ظل تجاوزات يخجل منها زبانية الحزب الوطنى الراحل أنفسهم!! انتصرت إرادة الشعب رغم كل شىء، انتصرت «لا» رغم التزوير والضغوط والتدخل الحكومى والأموال الحرام. وكان لا بد أن تتحرك الميليشيات لتغطى عملية اغتيال إرادة الشعب. لم يكن الهجوم على مقر حزب الوفد ومقر التيار الشعبى، وإطلاق الرصاص والمولوتوف على صحفيى «الوفد»، وتهديد باقى الصحف المستقلة بالحرق.. لم يكن كل ذلك صدفة، ولم تكن نزوة من مهاويس فقدوا عقولهم، ولكنها كانت عملية مدبرة لتمرير التزوير، ولإرهاب المعارضة، ولمحاولة تكميم الأفواه حتى لا تفضح الجريمة ولا تكشف أبعاد المؤامرة لاختطاف الوطن. لكنهم واهمون.. فلا التزوير سيمرّ، ولا معارضة الاستبداد ستتوقف، ولا صوت الصحافة الحرة سيختفى، ولا المعركة ستتوقف حتى يستعيد الشعب ثورته، ويقيم دولته التى يحلم بها وطنا للحرية والتقدم والكرامة. إنهم واهمون إذا ظنوا أن مصر يمكن أن تحكمها الميليشيات، أو تخضع للتخلف، أو ترضى بالديكتاتورية. بل إنهم بما فعلوا وبما يفعلون، يضعون أنفسهم فى مواجهة الشعب كله، ويكتبون نهاية مخططاتهم بأقرب مما يتصورون!! يتحمل الرئىس مرسى المسؤولية كاملة عن وضع مصر على حافة الهاوية، يتحمل المسؤولية عن انقسام الشعب، وعن اختطاف الدستور، وعن تزوير الاستفتاء، ثم.. عن تفكيك الدولة وبدء حكم الميليشيات. ولا فرق هنا بين ميليشيات أولاد أبو إسماعيل، وميليشيات رجالة مرسى، وميليشيات أخرى تعربد من سيناء إلى مطروح، أو أخرى تنتظر ساعة الصفر، التى تهددنا بها جماعة الرئيس!! ومع ذلك كله تبقى الحقيقة الأساسية كما هى: إنهم يتصورون أنهم يبنون دولتهم الفاشية، والحقيقة أنهم يكتبون نهايتها!! يتصورون أنهم قادرون على ردع الملايين، ولا يدركون أن الشعب نزع الخوف، وأنه حين خرج للثورة أنهى للأبد أى احتمال للاستبداد والديكتاتورية. يتصورون أن مصر يمكن أن تخضع لحكم الميليشيات، ويصيبهم العمى فلا يرون الملايين التى خرجت لتقول «لا» وتعلن أن هذا الشعب لن يُقهَر أبدا.