الفرق بينا وإحنا أطفال وبين أولادنا دلوقتى مذهل. حواديت أمنا الغولة وأبو رجل مسلوخة اللى كانت بترعبنا وتخلينا نايمين مستنيينهم يدخلولنا من الشباك -واللى بصراحة مش عارفة إيه علاقتها بالطفولة أصلا– مابقتش تاكل مع الجيل الجديد خالص. أمنا غولة إيه ورجل مسلوخة إيه؟ إحنا فى عصر الكائنات الفضائية! حواديت جيلنا بقت موضة قديمة. وبالتالى لازم الحواديت تتبدل وتبقى على الموضة. طب ولو الواحد مش قادر يجارى تطورات العصر الحدوتية يعمل إيه؟ يسكت؟ يبطل يحكى حواديت؟ يتحرم من المتعة دى مع أولاده؟ ماظنش إنها فكرة كويسة. بس ممكن تكون فيه فكرة تانية. إننا نعكس. نسيبهم هما اللى يحكوا. أولا حواديتهم مدهشة ومسلية أكتر من حواديتنا بكتير. لأن منطقهم الطفولى مسلى أكتر بكتير من منطقنا المُمنطَق اللى بنحاول نمنطق بيه أشياء غير منطقية أصلا. هى دى بالظبط حواديتنا بالنسبة لهم. جمل وأفكار متستفة ومرتبة ومركبة بطريقة متوقعة ومملة. ثانيا غالبا كلنا حكينا كل الحواديت اللى نعرفها فى الدنيا وبدأنا نألف، ووارد كمان نكون تعبنا من التأليف. طب ما نسيبهم هما يألفوا بقى ما دام الموضوع تأليف بتأليف. غالبا هنلاقى حواديتهم هما كأنهم جابوا كل معارفهم فى الحياة ورموها فى الهوا ولقفوها من تانى يحكوا بيها الحدوتة. وكل مرة بيلقفوها بترتيب مختلف وفقا للتجربة اللى مروا بيها قبل ما يحكوا الحدوتة. ممكن نعرف اللى اتعلموه النهارده، اللى حسوه، اللى حبوه، أو اللى خوّفهم من الحدوتة بتاعتهم. لو عايزين نعرف ملخص يومهم عامل إزاى نخليهم يحكولنا حدوتة قبل ما يناموا. حدوتتهم هى صفحة فى يومياتهم. بتفهمنا همّ حاسين بإيه وشايفين الدنيا ازاى لأن عندهم قدرة مذهلة على إسقاط مشاعرهم على الأشياء البسيطة اللى يعرفوها. فجأة يبقى الطفل فرشة الأسنان اللى مش بتحب المعجون ومش بتحب تتشطف بالمَيّة، عشان يوصل لك إنه بيكره يغسل أسنانه. مع إنه ممكن يقول لك فى جملة «مش باحب اغسل أسنانى». لكن قدرته على التجسيد عشان يوصل مشاعره شىء مذهل يستحق الاهتمام. أعتقد إن كل الأطفال خيالهم خصب ومدهش. بس المهم إحنا بنتعامل ازاى مع الخيال ده. بنقدّره ولاّ بنستخفّ بيه لأنه عيالى. ده الفرق اللى ممكن يطلّع طفل مبدع وطفل لأ. والإبداع مش بالضرورة فى الفن. أى مجال محتاج إبداع. واعتقد إننا حقيقى محتاجين جيل مبدع يعوّض البلد دى عن عقود التقهقر اللى مرت بيها.