هويدا مصطفى: خرجت من إطار الترفيه ومشاهدة النجم المفضل إلى ضرب الفنانين ببعضهم سامي الشريف: الفضائيات اعتبرتها بديل مُربح يلعب على الفضائح بعد تراجع «التوك شو» السياسي حنان شومان: رغبة الفنانين في العودة للأضواء تدفعهم لإعلان تصريحات مثيرة في محاولة من صنّاع البرامج الترفيهية أمثال «مصارحة حرة»، و«السم في العسل»، و«ليلة سمر»، لجذب المشاهدين لمتابعتهم واستغلال حالة الملل التي يعيشونها وانصرافهم عن برامج التوك شو السياسية، قرروا استضافة مجموعة من النجوم والشخصيات العامة واصطيادهم لمناطق لم يتطرقوا إليها في حواراتهم السابقة سواء عن عملهم أو أسرار حياتهم الشخصية، ودفعهم لإعلان تصريحات جريئة من شأنها تضيف لهذه البرامج «سخونة» لترفع معدل الإعلانات فيها، وتُحدث أصداء لدى الرأي العام، ويتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع منها، وتتناولها وسائل الإعلام لتصبح مادة خصبة لها في موضوعات عديدة، حتى إن كانت بعض الموضوعات التي يتم مناقشة الضيف فيها قد تحدث عنها من قبل فان المذيعة تحارب بكل ما تمتلك من قوة، مستغلة فكرة أن الإنتاج دفع مبلغ مالي كبير للضيف حتى يقدم من حواره مادة مثيرة للجدل. وقالت الدكتورة هويدا مصطفى، عميدة المعهد الدولي العالي للإعلام، إن هذه البرامج تعتمد على تقديم تصريحات مثيرة للجدل، تتناولها موضوعات صحفية وإعلامية تجعل صنّاعها يظنون أنهم حققوا النجاح الهائل، وإن كانت جميعها تم استنساخها بشكل كبير من بعضها، ومن شدة التشابه بينها فإن المشاهد لا يستطع تحديد أي برنامج يتابعها، وأرجعت تعدديتها هذه إلى انخفاض نسبة متابعة برامج «التوك شو» بعدما كان يتم فرد ساعات بث طويلة لها، وأصبحت حاليًا بحاجة لبرامج تشغل الساعات المتبقية وتحقق مشاهدة مرتفعة في نفس الوقت لجذب الجمهور والمعلنين؛ لأن الهدف الرئيسي لأصحاب المحطات هو الفوز بأكبر حصيلة إعلانية، وبالتالي فإنه في ظل وجود أكثر من برنامج ينتمي لنفس النوعية فإن المنافسة تصبح شرسة. وأكدت الدكتورة هويدا، «أنها ليست ضد الترفيه، واعتبرته شئ إيجابي وينبغي تواجده، ولكن المشكلة أن هذه البرامج تخرج من إطار الترفيه ومشاهدة النجم المفضل، إلى ضرب نجم بنجم آخر، والبحث في الأسرار الشخصية، وكل ما هو مثير، وفي أحيان أخرى استفزازه للإدلاء بتصريحات جريئة»، مضيفة: «هذه العملية لا تتم بشكل تلقائي بل إن هناك اتفاق ضمني بين الضيف وصنّاع البرنامج مفاده أنها منحته مقابل كبير نظير حضوره، وهو يعلم بطبيعة البرنامج ومدرك الهدف منه ونوعية الأسئلة التي سيجيب عليها، حتى أن بعضهم يبادر المذيعة قائلًا «عارف إنك عاوزة توقعيني»، وهي تستغل في ذلك شهرته وكونه شخصية عامة وتصريحاته عليها مسؤولية كبير. وذكرت أن المشكلة في هذه البرامج أنها لا تفيد المشاهد، وتعمل على الخروج بمانشيتات مثير بعد اقتحامها مناطق عدة في حياة الضيف، وتؤشر باتجاه سلبي في الإعلام، وإن كان بعض الإعلاميين يقتصون فيديوهات لتصريحات بعينها ضمن الحلقة الطويلة من شأنها تزيد الأمر إثارة. وقال الدكتور سامي الشريف، الخبير الإعلامي، إنه بعد 4 سنوات من ثورة 25 يناير 2011، لم تعد برامج «التوك شو» السياسية مجدية، ولا تحظى بمشاهدة مرتفعة بعدما اكتشف المشاهد أنه يتم التلاعب به من قبل بعض المذيعين، لذا بدأت المحطات في البحث عن بديل آخر مُربح، ووجدته في برامج الدجل والشعوذة وأيضًا الترفيهية التي تستخرج تصريحات ساخنة من الضيوف وتلعب على الغرائز والفضائح، وأصبحت تنال نصيب أكبر من الإرسال وساعات البث، وتتسابق عليها الفضائيات والمعلنين لأنها تحقق مشاهدة مرتفعة، حتى إن اضطرهم الأمر لاستضافة راقصة للحديث عن ذكرياتها وحياتها ومنافسيها. وشدد الشريف، على أن الترفيه أحد وظائف الإعلام المهمة، والتي يجب عليه القيام بها، ولكن في نفس الوقت يجب الارتقاء بمستواه، وعدم الانجراف لكل ما هو مثير لأجل تحقيق مكاسب مادية ضخمة، واستضافة شخصيات قد تندم فيما بعد على تصريحاتها التي قالتها في البرامج وقد تتسبب لها في مشكلات مع الأفراد الذين يصطدمون بهم. وأوضحت الناقدة حنان شومان، أنه إذا كانت هناك مشكلة بخصوص هذه التصريحات المثيرة، فهي بالتأكيد ليست في البرامج نفسها لأن فكرة «التصريحات اللي تعمل دوشة» عائدة للفنان نفسه، لأنه لن يجبره أي شخص على قول حديث هو لا يرغب فيه، وتابعت «أحيانًا بعض الفنانين يكون لديهم رغبة شخصية في الإدلاء بهذه التصريحات، لاحساسهم بأن الأضواء غير مسلطة عليهم، وافتقدوا كثير من جماهيريتهم، ولم يعدوا موجودين على الساحة أمثال محمد فؤاد. واستطردت قائلة «لا أظن أن شخصية عامة أو فنية ظاهرة وموجودة على الساحة قد تلجأ لإعلان تصريحات مثيرة ليتم نقلها لأن هذا الأمر لا يتم إلا من جانب نجوم غاب عنهم الضوء ويريدون للعودة ليكونوا في ظله، أو من «فنان صف ثاني» يطمح في أن يكون صف أول بعد نقل أخباره، أو قد تكون هذه هي طبيعتهم، مثل الراحلة مريم فخر الدين. وذكرت الناقدة، أن هذه العملية تتم من خلال طرفين الأول يمثله المذيع وفريق الإعداد والقناة العارضة، والثاني هو الضيف، وبطبيعة الحال فإن الطرف الأول يتمنى أن يتم ذكره باستمرار في كل وسائل الإعلام، ويسعى لذلك من خلال طرح أسئلة مثيرة كالتي وجهتها مذيعة «مصارحة حرة» لسمية الخشاب حول حقيقة علاقتها بالشيخ وليد الإبراهيمي صاحب قنوات «MBC»، ولكن أحيانًا هذه الأسئلة لا تجد صدى من الطرف الثاني، وضربت مثلا بالراحل خالد صالح متوقعة أنه إذا حدث وتم حصاره بهذه الأسئلة لن تخرج منه تصريحات نارية، والحال نفسه مع عمرو دياب الذي سينشغل بالكلام عن عمله ومشروعاته الفنية الجديدة، في حين أن بعض الضيوف قد لا يوجه لهم أسئلة مثيرة ولكنهم يبحثون عن قصة مثيرة يطرحوها في البرنامج لتتناقلها الصحف. وأشارت إلى أن جميع البرامج، ترغب في الشهرة و«الفرقعة»، معتبرة أنها وسيلة «رخيصة» لجذب انتباه المشاهد، والأفضل أن يحدث الجذب بالقيمة وليس بالإثارة.