توقيع بروتوكول رباعي جديد لمبادرة «ازرع» لدعم صغار المزارعين وتحقيق الأمن الغذائي في مصر    تنسيق الجامعات| خدمة اجتماعية حلوان.. بوابتك للتميز في مجال الخدمة المجتمعية    انطلاق فعاليات بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتقييم الدعم الفني في مصر    حزب «مصر القومي» يكثف استعداداته لخوض انتخابات مجلسي النواب والشيوخ    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الاربعاء 11-6-2025    وزيرة البيئة: خطط طموحة لحماية البحر المتوسط    مدينة الأقصر ترفع 7 طن قمامة خلال حملة نظافة بساحة سيدي أبو الحجاج    البنك الأهلى: 9.4 مليون عملية سحب نقدى بماكينات الصراف الآلى خلال 9 أيام    وزير الزراعة: نبحث زيادة فرص الاستثمار بالدول الإفريقية    وزير المالية: القطاع الخاص أثبت قدرته على النمو واستحوذ على 60 %؜ من الاستثمارات في 10 أشهر    احتجاجات الهجرة تنتشر فى المدن الأمريكية وسط دعوات لمزيد من المسيرات    احتجاجات لوس أنجلوس.. حظر تجول فى وسط المدينة بعد أعمال نهب والمظاهرات تنتشر بمدن أخرى.. ترامب يهدد باستخدام القوة العسكرية لمواجهة المحتجين.. وحاكم كاليفورنيا يتهم الرئيس الأمريكى بتدمير الديمقراطية    الكرملين يكشف تفاصيل الجولة المقبلة من المفاوضات مع واشنطن    إعلام إسرائيلي: سيتم إصدار 54 ألف أمر تجنيد للحريديم الشهر المقبل    وزارة الدفاع الروسية: قواتنا وصلت للجهة الغربية لمنطقة دونيتسك الأوكرانية    عربية النواب: مصر مستمرة فى دعم ومساندة القضية الفلسطينية ولن تقبل بتصفيتها    شاهندة المغربي ويارا وحسام عزب يمثلون التحكيم المصري بأمم أفريقيا للسيدات    ريبيرو يصدر قرارًا بخصوص وسام أبو علي قبل مواجهة إنتر ميامي    مانشستر سيتي يتعاقد مع نجم ميلان    الزمالك يتفاوض مع وكيل محمد شريف للانضمام للفريق    الزمالك يقرر تعديل وتمديد تعاقد ناصر منسى    إصابة 7 أشخاص فى انقلاب سيارة ميكروباص أعلى كوبرى قها على الطريق الزراعى    إصابة 3 مواطنين فى حادث تصادم بالطريق الدائري بالفيوم    مقتل 5 عناصر وإصابة ضابط فى مداهمة الشرطة لأوكار المخدرات بأسوان    حالة الطقس اليوم في الكويت.. أجواء حارة ورطبة نسبيا خلال ساعات النهار    ضبط 14 قضية تموينية خلال حملة على أسواق القاهرة    السكك الحديدية: ضبط مرتكب واقعة اقتلاع لمبة إنارة من أحد القطارات الروسية الجديدة وإحالته للنيابة    العروس قاصر والزواج عرفى.. مفاجأة فى واقعة زواج عريس متلازمة داون    "المشروع X" يتجاوز 94 مليون جنيه بعد 3 أسابيع من عرضه    احذر التعامل معهم.. 3 أبراج معروفة بتقلب المزاج    إصابة في القدم سبب إعفاء ماجد الكدواني من الجيش ودخوله معهد الفنون المسرحية    يحيى الفخراني يكشف سر موقف جمعه بعبد الحليم حافظ لأول مرة.. ما علاقة الجمهور؟    اقترب الافتتاح.. 18 قاعة تروى مجد الحضارة داخل قلب المتحف المصرى الكبير    قصور الثقافة تدعم مكتبة «توت» الرقمية بأعداد جديدة من مجلة «قطر الندى» للأطفال    الثلاثاء.. القومي لثقافة الطفل يعلن أسماء الفائزين بمسابقة "مصر في عيون أبنائها في الخارج"    دموع الحجاج فى وداع مكة بعد أداء المناسك ودعوات بالعودة.. صور    تعاون بين «الرعاية الصحية» و«كهرباء مصر» لتقديم خدمات طبية متميزة    اعتماد وحدة التدريب بكلية التمريض الإسكندرية من جمعية القلب الأمريكية    "ولاد العم وقعوا في بعض".. 3 مصابين في معركة بالأسلحة بسوهاج    محمد ثروت يدعو لابن تامر حسني بالشفاء: "يارب اشفه وفرّح قلبه"    السعودية تعلن إطلاق موسم العمرة وبدء إصدار تأشيرات معتمري الخارج    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    5 أطعمة تقوي قلبك وتحارب الكوليسترول    منتخب كوستاريكا يفوز على ترينداد وتوباجو في تصفيات أمريكا الشمالية المؤهلة للمونديال    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    تعرف على آخر تطورات مبادرة عودة الكتاتيب تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي    متحدث الحكومة: معدلات الإصابة بالجذام في مصر الأدنى عالميًا    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في الشرقية وأسوان    «فتح» تدعو الإتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات حاسمة ضد المخططات الإسرائيلية    أبو مسلم: أنا قلق من المدرسة الأمريكية الجنوبية.. وإنتر ميامي فريق عادي    رئيس جامعة دمنهور: «صيدلة البحيرة» أول كلية تحصل على اعتماد مؤسسي وبرامجي في مصر    دعاء الفجر.. أدعية تفتح أبواب الأمل والرزق فى وقت البركة    تقارير: فيرتز على أعتاب ليفربول مقابل 150 مليون يورو    تركي آل الشيخ يشوق جماهير الأهلي قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    عن "اللحظة الدستورية" المقيدة بمطالب الشعب الثائر    أسر الشهداء لوزير الداخلية: «كنتم السند في أطهر بقاع الأرض»    مُخترق درع «الإيدز»: نجحت في كشف حيلة الفيروس الخبيثة    زواج عريس متلازمة داون بفتاة يُثير غضب رواد التواصل الاجتماعي.. و"الإفتاء": عقد القران صحيح (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الولايات المتحدة واستراتيجية إنهاك العالم
نشر في التحرير يوم 13 - 06 - 2015

يمثل صعود قوى إقليمية تستهدف تحدى التدخل الأمريكى فى شؤون المناطق والأقاليم التى تعد نطاقات نفوذ وأمن تقليدية لهذه القوى أحد التحديات الكبرى التى تواجه القيادة الأمريكية الأحادية للنظام الدولى. وبدأ بروز نزعة تحدى قوى إقليمية للهيمنة الامريكية فى وقت مبكر يسبق حتى الانفراد الأمريكى بقيادة النظام الدولى فى مطلع تسعينيات القرن العشرين، إلا أن دور هذه القوى تعزز كثيرا فى ظل نهج «خفض الانخراط» فى شؤون بعض الأقاليم الملتهبة الذى تتبناه الإدارة الأمريكية الحالية.
وفقا لهذا النهج تحاول الإدارة الأمريكية من جهة تفادى التكاليف المرتفعة لتدخلها المباشر من أجل فرض نهايات محددة للصراعات الإقليمية، خاصة وأن أغلب تلك التدخلات انتهى بفشل ذريع سواء فى إنهاء الصراعات أو حتى خفض حدتها كما يبدو فى أفغانستان والعراق، فضلا عن أن التدخل الأمريكى المباشر زاد من احتمالات المخاطر الإرهابية التى تتعرض لها المصالح الأمريكية حول العالم. وفى المقابل، يبدو أن إدارة أوباما تحاول من جهة أخرى استغلال تفجر الصراعات فى بعض الأقاليم لإنهاك بعض تلك القوى الصاعدة واحتوائها، مثلما يبدو بجلاء فى منطقتى الشرق الأوسط والفضاء الأوراسى المحيط بالدب الروسى، ومثلما يتوقع فى حالة الصين التى قد يشهد فضاءها الإقليمى، بل وداخلها ذاته محاولات لإثارة نزاعات حدودية أو اضطرابات إثنية محدودة النطاق تتيح للولايات المتحدة قدرة للضغط على النظام الصينى ومساومته.
يعكس هذا التوجه الاستراتيجى لإدارة أوباما الاعتراف الامريكى بأزمة قيادتها العالمية جراء عم امتلاكها القدر الكاف من موارد القوة اللازمة لفرض سيطرتها وضبطها الكاملين لتفاعلات النظام الدولى وأزماته الآخذة فى التصاعد حدة والاتساع نطاقا. وبالمثل يعكس هذا التوجه فى الوقت ذاته نزعة أمريكية ترفض تأسيس نظام تشاركى عادل ومتوازن يمنح تلك القوى الصاعدة دورا إيجابيا فى إدارة النظام الدولى وقيادته بشكل جماعى. يحمل التوجه الأمريكى الراهن مخاطر لا تتهدد القيادة الأمريكية فقط، ولكن تهدد مستقبل العالم وقدرته على احتواء التحديات التى قد تمس وجوده وليس مجرد استقراره، ومن أبرز تلك المخاطر:
1- أن محاولة فرض نمط من الصراعات الإقليمية الممتدة، ومفاقمة معاملات الإنهاك المرتبطة بها قد يحفز بعض القوى الإقليمية إلى تطوير مداخل جماعية تحيد التأثير الأمريكى السلبى لإدارة شؤون مناطقها وأقاليمها. بعض من ذلك التوجه يبدو أنه آخذ فى التطور فى الفضاء الأوروبي-الروسى من خلال محاولات ألمانية-فرنسية للبحث عن سبيل مختلف لإدارة العلاقة مع الدب الروسى.
أما فى المناطق الأقل رُشدا سياسيا، وأبرزها حاليا الشرق الأوسط، فإن المرجح، أن تدفع حدة التنافس بين القوى الإقليمية بعض هذه القوى إما إلى محاولة توريط الولايات المتحدة فى صراعاتها كأحد ضمانات تفادى هيمنة طرف إقليمى بعينه، أو إلى البحث عن أطر أمنية بديلة تمنح قوى دولية كبرى أخرى مزايا تحفزها على محاولة موازنة أى اختلال فى توازنات القوى الإقليمية قد ينتج عن تراجع الحضور الأمريكى.
2- أن محاولة الإعاقة الأمريكية لتأسيس نظام تشاركى لإدارة النظام الدولى، ومنح القوى الصاعدة أدورا تكافىء وزن قوتها المتنامية اقتصاديا أو معرفيا أو حتى عسكريا، قد يدفع هذه القوى لمحاولة تأسيس أطر بديلة لإدارة بعض التفاعلات الدولية بعيدا عن قواعد النظام الدولى القائم. ويبدو ذلك واضحا فى محاولات الصين وروسيا وإيران تأسيس أنظمة مالية دولية بديلة لا تبقى رهنا لهيمنة الدولار أو النظام المصرفى العالمى.
3- أن محاولات الإنهاك الأمريكى لبعض القوى الصاعدة فى نطاقاتها الإقليمية سيدفع تلك القوى لتحدى القيادة الامريكية فيما يتعلق بالقضايا والأزمات عالمية الطابع، مثل قضايا المناخ أو الندرة المتزايدة للموارد أو حتى مواجهة تصاعد الاطرف والإرهاب. بعبارة أخرى، فإن التحديات التى تمس العالم بأسره ستضحى فضاءا محتملا التنافس بأكثر مما ستكون داعيا للتعاون.
4- أن التهديدات والمخاطر الناجمة عن الصراعات الإقليمية الممتدة لم يعد ممكنا احتوائها فى نطاقاتها الإقليمية، خاصة تلك الصراعات ذات الطبيعة الإثنية والطائفية والتى لا يمكن حصر موجات الكراهية والتطرف والإرهاب التى تولدها فى حدود أو نطاقات جغرافية محددة. استنادا إلى الطرح السابق، يبدو أن العالم بات يواجه ثلاثة سيناريوهات رئيسية:
أولا: بروز نهج أمريكى تشاركى يستهدف تأسيس نمط للحكم العالمى يضمن حدا أدنى من العدالة والتوافق فى إدارة شؤون نظام عالمى بات خارجا عن السيطرة بدرجة كبيرة. لكن لا لا يلوح فى الأفق أى مؤشر واقعى على إمكانية تحقق هذا السيناريو الذى قد يهدد نفوذ مراكز القوة المهيمنة على صنع السياسة الأمريكية.
ثانيا: بروز تحالفات جديدة بين عدد من القوى المراجعة، لا تستهدف مجرد تحدى السياسات الأمريكية فى مناطقها، ولكن محاولة إرساء قواعد جديدة للنظام العالمى تتحدى القواعد الأمريكية، خاصة الاقتصادية منها، وما يتعلق بقواعد التدخل الدولى. مثل هذا السيناريو، رغم بروز مؤشراته الجنينية، فإنه لا يتوقع اكتمال أى من تجلياته فى المدى القريب أو المتوسط.
ثالثا: استمرار حالة السيولة الدولية الراهنة لفترة ممتدة، فى ظل عجز القيادة الأمريكى الواضح، وغياب الأسس التى تتيح تحقق أى من السيناريوهين السابقين فى أمد قريب. ويلزم هنا الإشارة إلى أنه حتى تحول الولايات المتحدة عن نهجها الانسحابى فى أى أمد قريب، بحسب ما يطالب به الجمهوريون، بل وقطاعات واسعة بين الديمقراطيين، لن يضمن بأى حال استعادة قدرة الضبط والسيطرة على التفاعلات الدولية، بقدر ما سيمثل مزيدا من الإنهاك للقوة الأمريكية وتآكلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.