يُعد "قانون الطوارئ" أحد التشريعات التي تجيز إعلان حالة الطوارئ في الدولة في أضيق الحدود، في ظل ظروف استثنائية تبرر ذلك، مثل الحروب والكوارث، والمخاطر الاستثنائية، التى يصعب على الدولة مواجهتها بالقوانين العادية. ويتمتع قانون الطوارئ، بصفة الاستمرار لكونه أحد مكونات البنية التشريعية للدولة، ويستطيع النظام استدعاءه وقتما تتطلب الظروف. أما "حالة الطوارئ" فهي موقف استثنائي تتعرض فيه الدولة لظرف استثنائي خطير، يتيح للسطة إعلان حالة الطوارئ لمدة زمنية محددة، طبقًا لما أورده "الدستور". وتنص المادة 154 من الدستور "يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارىء بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، وعلى النحو الذى ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه.. وإذا حدث الإعلان في غير دور الانعقاد العادي، وجب دعوة المجلس للانعقاد فورًا للعرض عليه.. وفى جميع الأحوال تجب موافقة أغلبية عدد أعضاء المجلس على إعلان حالة الطوارئ، ويكون إعلانها لمدة محددة لا تجاوز ثلاثة أشهر، ولا تمد إلا لمدة أخرى مماثلة، بعد موافقة ثلثي عدد أعضاء المجلس". ضوابط دولية تنظم إعلان حالة الطوارئ حددت المادة الرابعة من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، الضوابط التى تنظم إعلان حالة الطوارئ، ولا تجور على حقوق الإنسان، وتنص هذه الضوابط على أن الإجراءات التي يتم إتخاذها خلال الطوارىء ألا تتنافى مع الالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولى وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو الأصل الإجتماعى. ويجب على الدولة، خلال إعلانها "الطوارىء" ألا تنتهك حقوق المواطنين من حيث الحق فى الحياة وسلامة الجسد من التعذيب، والحق في المحاكمة العادلة، ومبدأ شرعية الجرائم والعقوبات وحرية الفكر والوجدان والدين. تاريخ الطوارئ في مصر مع اختلاف الزمان والمفاهيم، كانت "الأحكام العرفية" توازي مفهوم حالة الطوارئ، وأُعلنت الأحكام العرفية في مصر لأول مرة عام 1914، حيث أعلنتها بريطانيا وعينت حاكمًا عسكريًا خلال الحرب العالمية الأولى. وتضمن دستور 1923 أول نص ينظم إعلان الاحكام العرفية، وهي المادة 45 من الدستور والتي نصت على أن الملك يعلن الأحكام العرفية ويجب أن يعرض إعلان الأحكام العرفية فورًا على البرلمان ليقرر استمرارها أو إلغاءها، فإذا وقع هذا الإعلان فى غير دور الإنعقاد وجب دعوة البرلمان للاجتماع على وجه السرعة. وأُعلنت الأحكام العرفية للمرة الثانية عام 1939 بعد نشوب الحرب العالمية الثانية، بمقتضى القانون رقم 15 لسنة 1923، وانتهت عقب الحرب، ثم أعلنت الأحكام العرفية للمرة الثالثة عام 1943 بعد دخول الجيش المصرى فى حرب فلسطين، وأعلن انتهاءها عام 1950 عدا محافظة سيناء. وفي عام 1952 أعلنت الاحكام العرفية في 26 يناير عقب أحداث حريق القاهرة، واستمرت 4 سنوات، قبل أن ترفع في يونيو 1956. عصر جمال عبد الناصر وصف دستور 1956 لأول مرة "الأحكام العرفية" ب "حالة الطوارئ" في المادة 144 من "الدستور"، ونص بأن يعلن الرئيس حالة الطوارئ ثم تعرض على مجلس الامة خلال 15 يومًا، ثم أعيد صياغة المادة في دستور 1964، ليعلن على مجلس الأمة خلال 30 يومًا من إعلان الرئيس لحالة الطوارئ. وبدأت حالة الطوارئ في عهد عبد الناصر، بالقانون رقم 162 لسنه 1958، وهي الحالة التي بدأت في وقت العدوان الثلاثي عام 1956، واستمرت حتى عام 1964، ثم أعيدت حالة الطوارئ مرة أخرى أثناء العدوان الاسرائيلي على مصر عام 1967، واستمرت 13 عامًا حتى 1980. السادات أنهى الطوارئ.. ونال الاغتيال نص الدستور الصادر سنة 1971 فى مادته رقم 148 أن "يُعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين فى القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال الخمسة عشر يومًا التالية ليقرر ما يراه بشأنه وإذا كان مجلس الشعب منحلًا يعرض الأمر على المجلس الجديد فى أول اجتماع له وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة ولا يجوز مدها إلا بموافقة مجلس الشعب". واستمر العمل بقانون الطوارئ حتى 1980، تم القبض خلالها على العديد من الصحفيين والكتاب والمعارضين، بموجب هذا القانون، وتم من خلاله السيطرة على انتفاضة 17 و18 يناير 1977. وفي عام 1980 قرر الرئيس السادات إنهاء حالة الطوارئ في البلاد، وقتل السادات في 6 أكتوبر 1981. مبارك و30 سنة طوارئ بعد اغتيال السادات، عادت الطوارئ مرة أخرى عام 1981، وأصبح تجديد حالة الطوارئ سنويًا حتى عام 1988، والذي أقر فيه مجلس الشعب، أن تتجدد لمدة ثلاث سنوات، وأصبح ميعاد التجديد للقانون هو كل 3 أعوام، منذ 1981 وحتى 2010، حيث قرر مجلس الشعب في 12 مايو 2010 تجديده لمدة عامين فقط. واستمر العمل بقانون الطوارئ طيلة فترة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، التي وصلت لما يقرب من 30 عامًا، وهو ما شهد أسوا إستغلال للقانون من خلال القبض العشوائي على المعارضين واتساع نفوذ وزارة الداخلية. المجلس العسكري والطوارىء رغم إلغاء قانون الطوارئ، الذي كان أحد المطالب الرئيسية لثورة 25 يناير، إلا أن العمل بالقانون استمر مرة أخرى بعد الثورة، وعقب تولي المجلس العسكري شؤون البلاد، قرر إعادته في مارس 2011، جراء انتشار حالات البلطجة وحمل السلاح، ثم عاد العمل به مرة أخرى في 10 سبتمبر 2011، بسبب الأحداث التي وقعت أمام السفارة الإسرائيلية، وانتشار الإنفلات الأمني، وفق بياني المجلس العسكري ومجلس الوزراء، وقبيل الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة تم إيقافه، وأُعلن رسميًا إيقاف العمل بقانون الطوارئ يوم 31 مايو 2012. الطوارئ في ظل حكم الإخوان نظم دستور 2012 إعلان حالة الطوارئ في المادة 148 من الدستور، على أن تعلن حالة الطوارئ لمدد محددة، ولا يتم تجديدها إلا بموافقة مجلس الشعب. وقرر الرئيس المعزول محمد مرسي، إعادة العمل بقانون الطوارئ في الذكري الثانية لثورة 25 يناير، لمدة شهر كامل بسبب أحداث الشغب في مدن القناة وقتها. ثورة 30 يونيو وفض اعتصام رابعة في أغسطس 2013، أعلن الرئيس المؤقت عدلى منصور إعادة العمل بقانون الطوارئ وفرض حالة الطوارئ لمدة شهر، على خلفية فض اعتصامي رابعة والنهضة، وما شهدته البلاد من أحداث عنف. وفي يناير 2014 تم الموافقة على الدستور الجديد للبلاد، التي نظمت المادة 154 منه إعلان حالة الطوارئ بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، على النحو الذى ينظمه القانون، ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس النواب خلال الأيام السبعة التالية ليقرر ما يراه بشأنه. السيسي يجدد الطوارئ أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، حالة الطوارئ في سيناء 3 مرات متتالية لمدة 3 شهور، بدأت في نوفمبر 2014 عقب أحداث الشيخ زويد التي آدت لسقوط 33 جنديًا، ثم في فبراير الماضي، وأخيرًا في 26 أبريل الجاري لمحاربة الإرهاب والجماعات المتطرفة.