تعديل موعد إجراء مقابلات المتقدمين لرئاسة جامعتي الغردقة والعريش    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    محافظ قنا: إنشاء قاعدة بيانات موحدة لتطوير آليات منح تراخيص المحال التجارية    رئيس أركان الاحتلال: نضرب برنامج إيران النووي بطريقة لم يتخيلها العدو    قصة الصراع في مضيق هرمز منذ الاحتلال البرتغالي وحتى الحرس الثوري الإيراني    إيران تمتلك ورقة خطيرة.. مصطفى بكري: إسرائيل في حالة انهيار والملايين ينتظرون الموت بالملاجئ    ريال مدريد يخوض مرانه الأول في أمريكا استعدادا لمواجهة الهلال السعودي    الحبس سنة مع الإيقاف لمتهم في أحداث جامعة الأزهر    قتل أسرة كاملة حرقًا.. الإعدام شنقًا لعامل في الإسكندرية -صور    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وإلقاء جثته بمقابر أسوان    25 صورة من جنازة نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي    حالة طوارئ، روتانا تطرح أحدث ألبومات نجوى كرم    10 سلوكيات خاطئة ابتعدى عنهم مع أطفالك حفاظا على صحتهم    رابطة الدوري الإنجليزي تعلن موعد الكشف عن جدول مباريات موسم 2025-2026    التنظيم والإدارة يعلن ترتيب امتحانات مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة    لقب وحيد و9 محطات تدريبية.. ماذا قدم جاتوزو قبل تولي تدريب إيطاليا؟    محافظ المنيا يؤكد: خطة ترشيد الكهرباء مسئولية وطنية تتطلب تعاون الجميع    إعلام إسرائيلى: صفارات الإنذار تدوى فى الجولان والجليل ومنطقة حيفا    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    مانشستر يونايتد يواجه ضربة بسبب تفضيل جيوكرس لأرسنال    محافظ الغربية يجرى جولة مفاجئة داخل مبنى الوحدة المحلية بسبرباى بمركز طنطا    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    ليس لأبراج تل أبيب.. مقطع مزيف للقصف الصاروخي في إسرائيل ينتشر على مواقع التواصل    خالي قتل أمي بكوريك.. القصة الكاملة لجريمة بالغربية سببها علبة سجائر    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    رئيس الوزراء العراقي: العدوان الإسرائيلي على إيران يمثل تهديدا للمنطقة    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    5 جوائز ل قرية قرب الجنة بمسابقة الفيلم النمساوي بڤيينا    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    «خلافات أسرية».. «الداخلية» تكشف ملابسات مشاجرة بالأسلحة البيضاء في البحيرة    دراسة: لقاح كوفيد يحمى من تلف الكلى الشديد    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    أولياء أمور طلاب الثانوية العامة يرافقون أبنائهم.. وتشديد أمنى لتأمين اللجان بالجيزة    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«التحرير» تخترق دولة «السايس».. وتكشف أسرار لأول مرة
نشر في التحرير يوم 18 - 04 - 2015


تحقيق - هالة عيد صقر:
في السابعة مساء، أحد أيام العطلات الرسمية، ذهب أحمد علي، 33 عامًا، وزوجته بسيارتهما الخاصة لقضاء بعض الوقت في شارع المعز أشهر شوارع منطقة الجمالية بالقاهرة القديمة، بمجرد أن وصلا إلى هناك بحثًا عن مكان مخصص للسيارات بجوار الرصيف لترك سيارته، لحين الانتهاء من جولته الترفيهية بالمنطقة، وبمجرد نزوله من السيارة بشارع بوابة النصر استوقفه أحد حراس السيارات غير الرسميين بالمنطقة، يدعى "محمد. ك"، وطلب منه دفع مبلغ عشرة جنيهات مقابل ترك السيارة بهذا المكان.
ولكن أول ما قام به أحمد هو أن سأله: «انت شغال في الحي؟»، فأجابه الحارس: «نعم»، فطلب منه أحمد ما يثبت ذلك فأجاب الحارس «مش معايا»، ولأن أحمد معه زوجته ولا يريد أن يفتعل مشكلة مع الحارس، طلب منه الانتظار لحين أن ينتهي من جولته، ويعود ليطمئن على السيارة، ثم يدفع، ولكن الحارس رفض وصمم أن يحصل على المبلغ المالي، ما أدى لحدوث مشاجرة بينهما تطورت لاشتباك بالأيدي، ونظرًا لقلق أحمد على سيارته لما يتم تداوله حول قيام بعض حراس السيارات بتخريبها في حالة رفض المواطن دفع المبلغ المطلوب، توجه إلى بعض رجال الشرطة المنتشرين بالقرب من المكان، وما كان من أحدهم إلا أن وجه اللوم إلى الحارس، وأهانه ببعض الألفاظ، وانتهت الأزمة بهذا الشكل.
أحمد أكد أنه اعتاد الدخول في مشادات مع حراس السيارات غير الرسميين، وهذه ليست المرة الأولى، رافضًا ما يمارسه «السايس» من إجبار المواطن على دفع مبلغ معين، مقابل ترك سيارته في الشارع بالقرب من أحد الأرصفة، وأن من يملك سيارة ليس بالضروري أن تكون لديه القدرة المادية على دفع مبالغ بشكل يومي مقابل وضع سيارته في مكان ما حتى ينتهي من مواعيده، موضحًا أنه لا يعترض على الدفع في الجراجات والساحات الرسمية، لأنها مقننة، ففي حالة تقديم الحارس إيصالاً مختومًا من الحي تمر الأمور بسلام دون غضب من جانب المواطنين.
وفي منطقة المهندسين بشارع جامعة الدول العربية، حالة من الغضب سيطرت على "هدى خالد"، 34 عامًا، بعدما عادت من عملها عصرًا، ووجدت بعض الخدوش على سيارتها، وبدأت في توجيه الاتهامات إلى حارس السيارات، ورفضت أن تعطيه 20 جنيهًا عندما بدأت تركت سيارتها صباحًا في أماكن الانتظار غير الرسمية بجوار الرصيف، التي يسيطر عليها عدد من حراس السيارات غير الرسميين، وأكدت أنه تسبب في تخريب السيارة من الخارج من خلال إحداث بعض الخدوش بها، لرفضها دفع المبلغ المطلوب، إلا أنها لم تنتقل إلى قسم الشرطة مكتفية بالدخول في مشادات كلامية معه، فأكد أنه لم يفعل ذلك، وأن هذه الخدوش قد تكون نتيجة احتكاك إحدى السيارات بها، ولم تدفع قيمة انتظار السيارة التي طلبها السايس، مؤكدة أنها ستنتظر في نفس المكان كل يوم، ولن تدفع أموالاً إلا للحراس المعتمدين من جانب محافظة القاهرة، وعندما طلب منها أحد الأشخاص التوجه إلى قسم الشرطة لتحرير محضر رفضت، وأكدت أن ذلك لن يفيد في شىء، لأنه إذا كان الحارس لديه نوع من القلق من رجال الشرطة فلن يقف بشكل غير رسمي، ليتعاطي قيمة إيجارية عن انتظار السيارات دون وجه حق.
الأهالي يسردون قصص معاناتهم.. السيارات تتعرض للتخريب في حالة عدم دفع المعلوم
خلال الأعوام الماضية، ومع زيادة من يتجهون إلى العمل فى مهنة «سايس» تلقت مديريتا أمن القاهرة والجيزة عديدًا من البلاغات من المواطنين ضدهم فى عديد من الأماكن، بعضها ممارسة بلطجة، والبعض الآخر سرقة إلى جانب المشاجرات اليومية.
ففي أكتوبر 2014، قام رجال المباحث بمديرية أمن القاهرة القبض على سايس ضبط بحوزته حقيبة حريمي بداخلها 20 ألف جنيه، و18شيكًا بقيمة مليون جنيه لحاملها، واعترف بسرقتها من داخل سيارة فى إمبابة.
وكانت البداية فى أثناء مرور الملازم أول إسلام سعيد، ضابط مباحث القسم، وبصحبته القوة المرافقة بدائرة القسم، تمكن من ضبط "كريم. س"، 32 عامًا، سايس، وبحوزته حقيبة يد بداخلها مبلغ مالي 20100 جنيه، و18شيكًا لحامله بمبلغ مليون جنيه.
وبمناقشته اعترف بسرقة المضبوطات من داخل سيارة ملك "محمد. ف"، 42 عامًا، تاجر ملابس، وباستدعاء الأخير تعرف على المضبوطات واتهمه بالسرقة.
وفي واقعة أخرى، تمكنت الأجهزة الأمنية بالجيزة من إلقاء القبض على طالب قتل سايس جراج بالهرم، وأفادت التحريات أن المجني عليه اختلف مع الطالب على قيمة ركن الدراجة البخارية الخاصة به التي يدفعها له شهريًا، فنشبت بينهما مشادة كلامية، وتعدى السايس على الطالب بالضرب، ما دفع الأخير إلى الانصراف لإحضار سلاح ناري، ثم أطلق الرصاص على المجني عليه، ما أسفر عن مقتله، وتولت النيابة التحقيقات.
الأمر لم يختلف كثيرًا في القاهرة، حيث تمكنت أجهزة الأمن بالعاصمة من ضبط 12 سيارة مسروقة بالجراج الخاص بمسجد عمر مكرم، تبين أن مسجل خطر سرق هذه السيارات من أماكن مختلفة وأخفاها في هذا المكان.
ويقوم بالاتصال بأصحاب السيارات المسروقة، ويحصل منهم على 10 آلاف جنيه عن كل سيارة، وتمكنت أجهزة الأمن من القبض عليه، وأحيل إلى نيابة البساتين التي باشرت التحقيق بإشراف مصطفى عقل، وكيل النيابة، ومحمد يوسف، رئيس النيابة.
نشطاء يدشنون حملات ضد «السايس»
ولأن السايس أصبح ظاهرة يعاني منها كل من يملك سيارة، دشنّ عدد من الشباب صفحات على موقع التواصل الاجتماعي، لمحاربة الظاهرة، والتحدث عن مواقفهم معه.
في صفحة «حملة لإلغاء وظيفة سايس (بلطجي) في كل شارع»، تساءل محمد مختار «هو مش بيع المال العام جريمة يعاقب عليها القانون؟ طيب تأجير المال العام (اللي هو الشارع) مش المفروض يعتبر جريمة برضه؟».
وقالت أمل صلاح «من كام يوم شوفت بواب قصاد رويال هاوس بيقول لواحدة عايزة تركني من فضلك ماتركنيش هنا، قالت له إنها داخلة تجيب حاجة من محل من المحلات اللي فوق رويال هاوس، قال لها المحلات ديه مش بتدينا حاجة، يبقى انت اللي تدفعي يا إما ماتركنيش هنا، وكأن المحلات ملزمة تدفع للبوابين والسُّياس، وبرضه كأن الشارع يا إما ملك المحلات يا إما سبوبة للبوابين والسُّياس فين حق الاختراع ده اللي اسمه المواطن؟».
وعلى صفحة الحملة القومية لمكافحة سايس السيارات، قال عمرو سيد مستنجدًا «أنا نفسي مايكنش في سايس، وماعلش يعني الحكومة هي اللى بتعمل للناس ديه شخصية، وبعد كده بيفتروا على الناس وبتكون إتاوة مش حسنة، شوفوا حل حرام عليكم».
وكتب أدمن الصفحة قائلاً «أنا عارف إن مقاومة البلطجي سايس السيارات ممكن تكون مغامرة تقيلة على قلب البعض منكم.. عندي اقتراح لطيف ومجرب من كثير من الناس.. لو انت متعود تدي لسايس في مكان معين 3 جنيه.. جرب في يوم تديه 2 جنيه.. وبعدها قلل القيمة لجنيه.. التجربة دي نجحت مع ناس كتير جدًا.. وفي أغلب الأحيان بياخد اللي بتديه له ويسكت.. ولو اعترض تاني يوم قوله أنا دافع جنيه إمبارح، وكويس إني باديك أصلا.. بعد كده هتلاقي جواك الجرأة إنك تقاوم تديه حاجة أساسًا.. ولما تدفع لك 5 جنيه في الأسبوع أفضل بمراحل من إنك تدفع خمسة وعشرين، ولو إن المبادئ لا تتجزأ.. هدفنا الأصلي مانسمحش لحد يستغلنا، ولو في ربع جنيه».
ونشر أدمن الصفحة رسالة لأحد الأعضاء يقول فيها «في أماكن في القاهرة وشوارع تحت السيطرة التامة لبلطجية السيارات.. عندك مثلاً أول شارع شمال بعد سيتي سنتر في أول مكرم عبيد بمدينة نصر.. عددهم كبير وكل بلطجي مسيطر على مربع بتاع 20 مترًا.. في يوم ممكن تروح ماتلاقيش منهم ولا واحد والشارع كله فاضي تمامًا منهم.. الموضوع مش إنهم غابوا مرة واحدة.. الموضوع إن الرجالة دي بيكونوا تحت سيطرة بلطجي أكبر هو اللى مقسم عليهم المربعات اللي ملتزمين بيها.. وفي يوم غيابهم أعرف أن عندهم مهمة قومية بلطجية في حتة تانية.. الناس دي بلطجية بجد.. واستسلامك ليهم هو اللي بيسهل مهمتهم».
المحافظة حاولت الخروج من أزمة الانتظار الخاطئ بالشوارع بفتح 377 جراجًا مغلقًا
وفي محاولة لحل الأزمة، أعلن الدكتور جلال مصطفى سعيد، محافظ القاهرة، أن معظم أحياء القاهرة بالمناطق الأربع شهدت نشاطًا مكثفًا بفتح أكثر من 377 جراجًا مغلقًا، خاصة على مستوى أحياء شرق وغرب مدينة نصر ومصر الجديدة والنزهة بالمنطقة الشرقية، وأحياء المعادي والمقطم والبساتين بنطاق المنطقة الجنوبية التي سوف تستوعب عددًا كبيرًا من السيارات، وجار عمل حصر شامل لكل الجراجات المغلقة المتبقية التي تم تغيير نشاطها أو استغلالها تجاريًا أو إغلاقها، وإخطار أصحاب العقارات بإخلائها، وقطع المرافق عنها، واتخاذ الإجراءات القانونية، تمهيدًا لفتحها، وإعادة تشغيلها في الغرض المخصص لها؛ حفاظًا على سلامة العقار والسكان.
وأكد "سعيد"، أنه تفعيلاً لقرارات وخطط أجهزة محافظة القاهرة للقضاء على مشكلة التكدس المروري بالعاصمة، وتحقيق السيولة المرورية بكل الشوارع والميادين من خلال استيعاب أكبر عدد ممكن من السيارات، وحظر ظاهرة الانتظار الخاطئ نهائيًا.
وأصدر المحافظ تعليمات لنوابه ورؤساء الأحياء بالمناطق الأربع بسرعة تدبير وتوفير أراضي فضاء في نطاق جميع الأحياء، وخاصة في المناطق السكنية المكتظة بالسكان، ولا توجد بها جراجات مخصصة أسفل العمارات، وتشهد تجاوزات بالانتظار الخاطئ للسيارات، ما تنتج عنها اختناقات مرورية، على أن تخصص كل قطعة أرض لمجموعة من سكان العمارات والعقارات الخالية من جراجات خاصة، ويتم التنسيق لإقامة وإنشاء جراجات ميكانيكية حديثة؛ تعظيمًا واستغلالاً للمساحات تكون خاصة بهم.
أسرار يكشفها حُراس السيارات
عديد من علامات الاستفهام تم وضعها حول حراس السيارات وعالمهم الغامض الذي لا يقترب أحد منه، خوفًا من البلطجة والدخول في عديد من المشكلات، كأنهم دولة داخل الدولة لها سياستها وحكامها أيضًا، ولكن بين كل الاتهامات التي توجه إلى حراس السيارات، إلا أن لدى بعضهم مبررات إنسانية أجبرته على العمل ك«سايس» في شوارع القاهرة.
«التحرير» اخترقت ما أطلق عليه المواطنون «مافيا السُّياس» أو «بلطجة السُّياس»، والتقت بعضهم للكشف عن الحقائق التي لا يعرفها المواطن، وهل السايس بلطجي بالفعل ولا توجد رقابة عليه؟ أم أن هناك أسرارًا لا يعرفها المواطن عن السايس أجبرته على هذا الوضع؟.
عماد.م، حارس سيارات بوسط المدينة، 30 عامًا، يبدو عليه أنه شاب متعلم ومظهره منمق يقف بالشارع إلى جانب الرصيف يتابع حركة السيارات، ليساعد أصحابها على الانتظار بجانب الرصيف عندما تقترب منه يزيل بلباقته الخوف الذي يتسلل بداخل كل من يحاول مواجهة السايس بنظرة المواطن له كبلطجي.
محمد أكد أنه ليس بلطجيًا، لكنه لم ينف وجود بلطجية في المهنة، وسرد قصته قائلاً إنه في عام 2002، أعلنت إحدى الشركات عن حاجتها إلى أفراد أمن للعمل كحراس للسيارات بساحات وسط المدينة، التي قامت الشركة بتأجيرها من محافظة القاهرة، الشركة استمرت في العمل لمدة 8 سنوات ثم اختفت دون إخطار العاملين بها ودفع آخر راتب شهري، موضحًا أن عمل «السايس» بالشركة كان بساحات وسط المدينة ولمدة 20 ساعة، مقسمة إلى 3 ورديات، أقل وردية بها 40 حارسًا، وكل حارس مسؤول عن ساحة تكفي لانتظار 12 سيارة، وسعر الكارت 27 جنيهًا يتم تسليمه لمن يريد الانتظار من سائقي السيارات، لاستخدامه حتى ينفد رصيده، ثم ألغت محافظة القاهرة التعاقد مع الشركة بداية 2011 قبل ثورة يناير.
حراس السيارات العاملون من جانب الشركة ليس لديهم عمل آخر، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي مرت بها مصر عقب ثورة 25 يناير، فاضطروا إلى البقاء في شوارع وسط المدينة للحصول على الرزق قائلاً: «اشتغلت سايس عشان مش لاقي شغل، وولادي هيموتوا من الجوع»، موضحًا أن الحي يأخذ من حراس السيارات غير الرسميين إيجارًا من خلال الشخص المسؤول عن الشارع، وهو سايس أيضًا، لكنه الأقوى والأكثر سيطرة «بلطجي مسيطر على المنطقة»، مشيرًا إلى أن الحي يتقاضى عن الوردية ألف جنيه كأنها قيمة إيجارية للمكان، لافتًا بأن معه كارنيها معلقًا في عنقه، لكنه غير مختوم من المحافظة، وليست له قيمة، موضحًا أن السايس المسؤول عن الشارع يعطيهم دفتر بونات انتظار صباحًا وآخر مساءً، والدفتر الواحد به 100 ورقة، قيمة الورقة 5.5 جنيه للانتظار بحد أقصى 4 ساعات.
واستطرد حديثه، أن موظف الحي يُحصِل ثمن البونات التي تم توزيعها بناء على استيعاب المكان للسيارات، مؤكدًا أن أغلب حراس السيارات لا يتعاملون من خلال البونات، لأن الحصول على ثمن البون يذهب إلى المحافظة، والسايس لن يحصل على شىء، لذا يطلب 10 جنيهات، والبعض يطلب 15 جنيهًا، حسب عدد ساعات وقوف السيارة، وذلك حتى يتمكن السايس من سداد القيمة الإيجارية وقيمة البونات، ثم يحصل على مكسب خاص به، مضيفًا أنه عندما كانت قيمة الساعة جنيهًا واحدًا كان الحي يتقاضى 300 جنيه شهريًا، وعندما زادت لتصل إلى 2 جنيه، ارتفعت القيمة الإيجارية إلى 600 جنيه، وعندما أصبحت التعريفة 5.5 جنيه أصبحت القيمة الإيجارية 1000 جنيه، مشيرًا إلى أن هناك بعض المواطنين يطلبون البون المختوم من المحافظة، وهنا يضطر السايس إلى إخراجه حتى لا تحدث مشكلات، لافتًا إلى أنه في حالة التوجه إلى قسم الشرطة يتمكن السايس المسؤول عن المنطقة من حل الأزمة.
ومن جانبه، قال كرم، أحد حراس السيارات بمنطقة الجمالية ل«التحرير»، إن شارع بوابة الفتوح عبارة عن موقف للسيارات، والمسؤول عنه أحد حراس السيارات منذ ما يقرب من 20 عامًا، ويعمل معه عدد من «السياس»، مشيرًا إلى أنه قبل ثورة يناير كان يحصل على دفاتر من محافظة القاهرة، لأن لديه ترخيصًا و«كارنيه» من المحافظة، وكان ملتزمًا بدفع القيمة الخاصة بالدفاتر، لكن بعد الثورة لم يمر موظفو الحي للحصول على أي قيمة إيجارية للمكان، ولا توجد دفاتر مع حراس السيارات، مؤكدًا أنه من الأفضل أن يكون هناك تعاقد ما بين السايس والمحافظة، كما حدث مع حراس آخرين بمناطق أخرى، لأن ذلك يعطي لوجودهم شكلا مقننًا ورسميًا، لافتًا إلى أنه تعرض للدخول في مشادات مع بعض المواطنين، نتيجة عدم وجود دفاتر رسمية من المحافظة تثبت أن السايس ليس بلطجيًا، مؤكدًا أن هناك الكثير من المواطنين يرفضون دفع التعريفة التي يطلبها السايس، وهي 10 جنيهات، مضيفًا أن عددًا كثيرًا من الشباب اتجه للعمل في هذه المهنة عقب ثورة يناير، لعدم وجود مصدر رزق آخر، مشيرًا إلى أن كل منطقة يسيطر عليها عدد من حراس السيارات.
وعن دور قسم الجمالية، أشار كرم إلى أن القسم طالب حراس السيارات في الفترة الأخير بأوراقهم التي تثبت شخصيتهم لعمل ملفات لهم؛ لسهولة الوصول إليهم في حالة حدوث أي حالات سرقة أو تخريب أو بلطجة، لكن نظرًا لتخوفات بعض الشباب من ذلك ابتعدوا عن المنطقة حتى لا يتم فتح ملف لهم في القسم.
جراجات وساحات مقننة بالقاهرة
الوضع في شوارع القاهرة يعطي مؤشرًا أن هناك أزمة في الجراجات والساحات المقننة بالقاهرة، لكن بيانات محافظة القاهرة تؤكد أن هناك عددًا كبيرًا من الجراجات والساحات في الأحياء المختلفة.
«التحرير» حصلت على بيان بالجراجات والساحات المقننة بالمنطقة الغربية، حيث بلغ إجمالي الساحات بها 148، منها 134 ساحة بالتعامل اليدوي، و14 ساحة مميكنة، وسعة الساحات 11285 سيارة.
أما الجراجات الكائنة أسفل العقارات، فيبلغ عددها 765 جراجًا، 516 منها يعمل بالفعل، و50 جراجًا مغلقة، و15 جراجًا تم تغيير نشاطها، و184 تحت الإنشاء.
كما تنتشر جراجات كبرى تستوعب عددًا كبيرًا من السيارات، ومنها جراج الترجمان بمنطقة وسط المدينة، وسعته 70 أوتوبيسًا في اللحظة الواحدة، و20 آخرين في الانتظار، بإجمالي 90 أوتوبيسًا، بالإضافة إلى 2730 سيارة، ومساحته 52 ألف متر مكعب على مساحة 12.38 فدان.
وهناك جراج روكسي متعدد الطوابق تحت الأرض، لا تقل سعته عن 1700 سيارة، وتبلغ مساحته 9000 متر مكعب، وجراج البساتين، وسعته 940 سيارة بمساحة 3710 أمتار مكعبة، وجراج الأوبرا 6 طوابق، الذي يسع 1130 سيارة، وجراج الأزهر سعته 550 سيارة سطحي وتحت الأرض، وجراج عبد المنعم رياض، 400 سيارة، وجراج العتبة متعدد الطوابق، سعته 650 سيارة، وجراج عمر مكرم مساحته 5000 متر مكعب، وجراج التحرير بمساحة 21000 متر مكعب.
إدارة مرور القاهرة: 47 محضر بلطجة فى 2014 لمن يجبرون سائقى السيارات على دفع إتاوات
حصلت «التحرير» على إحصائية بعدد المحاضر التي تم تحريرها لحراس السيارت في عام 2014، حيث أكد الرائد ياسر الطويل، رئيس قسم الإعلام والعلاقات العامة بإدارة مرور القاهرة، أنه بناء على تعليمات اللواء حمدي الحديدي، مدير الإدارة العامة لمرور القاهرة، يقوم ضباط قسم مباحث المرور بتكثيف الحملات على حراس السيارات الذين يعملون بشكل غير مقنن، كما تتم مراجعة الحراس المقننة أوضاعهم، ويتم القبض على المخالفين.
وفي عام 2014، تم تحرير 169 محضرًا لحراس سيارات أوضاعهم غير مقننة، بالإضافة إلى 47 محضر بلطجة لمن يجبرون سائقي السيارات على دفع إتاوة، كما أسفرت الحملات التي شنتها إدارة المرور خلال شهر يناير 2015 عن تحرير 3 محاضر حراس سيارات، و14 محضر بلطجة.
وأضاف رئيس قسم الإعلام والعلاقات، أنه يتم تحرير محاضر للسيارات المخالفة حتى لو تم إيقافها من جانب السايس، مضيفًا أن ضباط قسم مباحث المرور يواصلون حملاتهم اليومية، ويحررون محاضر للمخالفين، ويوجهون إليهم اتهام منادي سيارات دون ترخيص، ويتعرض لدفع غرامة من خلال القضية.
نائب محافظ القاهرة: لا نتقاضى أي قيمة مالية من حراس السيارات غير الرسميين
من جانبه، قال اللواء محمد أيمن عبد التواب، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية، إن «المنطقة الغربية» كثيفة وبها كل الوزارات والسفارات والمتنزهات الحكومية، وكان لا بد من الاتساع في الجراجات بالمناطق المختلفة، وبعد إخلاء شوارع وسط المدينة من الباعة الجائلين ظهرت عيوب الشوارع، وكان لا بد من رفع كفاءتها، وكان أهم قرار هو حظر انتظار السيارات بالشوارع، وتم فرض القيود على السيارات بشوارع وسط المدينة وعلى حراس السيارات، لأن هناك بدائل متمثلة في الجراجات، كما أن هناك ساحات رسمية يعمل بها موظفون من الحي، مشيرًا إلى أن دور السايس بدأ يتقلص في شوارع وسط المدينة.
وأضاف عبد التواب، أن هناك أماكن عددها قليل يتم السماح فيها بوجود حراس السيارات بهدف التنظيم ودون مقابل، قائلاً: «لا نتقاضى أي قيمة مالية من حراس السيارات»، مشيرًا إلى أنه يتم السماح لهم بإدارة بعض الشوارع بهدف تنظيمي، لكن في حالة تعاقد المحافظة مع أحد حراس السيارات يخضع للرقابة المشددة، طبقًا للتعريفة المحددة من جانب المحافظة ودفتر البونات والالتزام بالضوابط، وهي المكان المحدد واللوحات الإرشادية، واليونيفورم، والكارنيه، وما تحصل عليه المحافظة هو قيمة البونات التي يتم توزيعها من الدفتر بناء على القدرة الاستيعابية للمكان وعدد السيارات، وأنه بعد قرار حظر انتظار السيارات تم إبلاغهم بالقرار، وأن وجودهم بالمكان أصبح بلا فائدة، وبالفعل بدأ دور السايس يتقلص في وسط المدينة، لأنه يتم فسخ العقد.
وأكد نائب محافظ القاهرة للمنطقة الغربية، أن من يتم التعاقد معهم تتم مراقبتهم من خلال إدارة الساحات ومسؤول الحي، ويتم تحديد المكان والتعريفة والطاقة الاستيعابية، لافتًا بأن من يعملون بشكل غير رسمى يتم معاملتهم بالقانون على جرائمهم في حق المواطن.
وأوضح عبد التواب، أن الساحات القانونية بها علامات إرشادية ولوحات تحذيرية تبين تبعيتها لمحافظة القاهرة، ومسجل عليها التعريفة الخاصة بالمكان، والسايس يكون لديه ما يثبت أنه تابع للمحافظة ويلتزم بالتعريفة، وما دون ذلك يعامل بالقانون، منوهًا بأن الساحات القانونية فى وسط المدينة مثل ساحة دار القضاء العالي وساحة الفلكي، مؤكدًا أن الساحات تستوعب جميع السيارات بأشكالها، وكذلك تصميم الجراجات يسمح بذلك.
خبراء المرور: تخصيص ساحات جديدة هو الحل
اللواء أحمد عاصم، المنسق العام للإعلام المروري، قال ل«التحرير» إن «منادي السيارات» الذي يطلق عليه المواطنون «السايس» من المفترض أن يؤدي عمله من خلال المحافظة المختصة والمحليات، بالإضافة إلى إشراف مباحث المرور في جميع إدارات المرور المختصة، ويتم اختيارهم وبحث أحوالهم وسلوكياتهم ومتابعتهم بشكل دوري، وفي هذا الإطار يتم تنظيمهم من خلال وضع لوحة نحاسية صغيرة يكتب عليها جميع البيانات الخاصة به.
أضاف عاصم أن مباحث المرور لا بد أن تقوم باختيار الشكل الأمثل لتشغيلهم، وفي حالة وجود شكاوى يكون هناك اتصال ما بين محافظة القاهرة ومباحث المرور، لافتًا إلى أن هناك عديدًا من الأشخاص انضموا إلى هذه المهنة في ظل موجات الانفلات الأمني، لكن في إطار الإصلاح يجب التدقيق في العناصر الإيجابية للتعامل في هذا المجال من خلال إيجابية التعامل مع المواطنين.
وأشار المنسق العام للإعلام المروري، إلى أنه عندما يتم القبض على سايس غير مُصرح له بالعمل من جانب الحي والمرور، يتم تحرير محضر «منادي سيارات» دون ترخيص، ويتقاضى أجرًا غير محدد، ويتلفظ بألفاظ خارجة، هذا إلى جانب البلطجة، وأن المحاضر يكون لها تسلسل، والنيابة تصدر قرارها بضبطه والتحقق من شخصيته، والحكم يكون وفقًا للمخالفة التي قام بها.
ومن جانبه، قال الدكتور حسن الخيمي، الخبير بالإدارة المحلية، ل«التحرير» إن هناك ساحات تابعة للأحياء، ويتم تحصيل رسوم نظير الانتظار وغير مُبالغ فيها، كما يفعل بعض حراس السيارات غير الرسميين، موضحًا أنه لمكافحة الساحات العشوائية التي يسيطر عليها بلطجية الشوارع، لابد من تحرك أجهزة الشرطة بالتنسيق مع المحليات، لافتًا إلى أنه في حالة إحكام السيطرة على الشوارع من جانب وزارة الداخلية سيتم القضاء على الظاهرة خلال الفترة القادمة.
وأردف الخبير بالإدارة المحلية، أن تجربة وسط المدينة نجحت في حظر انتظار السيارات، ويمكن تطبيق نفس التجربة في مختلف الأحياء بالقاهرة، وأن تتحرك الأحياء من خلال تخطيط الساحات التي تصلح لانتظار السيارات، وتسند تشغيلها إلى بعض العاملين بالمحليات، أو من الممكن إسنادها إلى شركات، ويتم التعامل مع هذه الشركات نظير إيجار شهري؛ لخلق أماكن مناسبة لانتظار السيارات تحت إشراف ومتابعة الدولة، لضمان عدم استغلال القائمين على هذه الساحات للمواطنين، كما أنها ستوفر فرص عمل ومبالغ مالية لخزينة الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.